د. علي اسماعيل يكتب : مهام الفلاح الجديدة لتحديث منظومة الري في عيد الفلاح
5 سبتمبر، 2021 - بتوقيت 3:02 م
استاذ ادارة الاراضي والمياه – مركز البحوث الزراعية – مصر
مناسبة عزيزة يتزكرها الكثيرون من الآباء والأجداد ولايدركها الاحفاد من فلاحي ومزارعي مصر . و مفهوم عيد الفلاح والذي نحتفل به وخاصة وزارة الزراعة ممثلة في الهيئة العامة للاصلاح الزراعي في التاسع من سبتمبر من كل عام . وهي تعني عودة الروح للجسد بعودة الارض وتوزيعها علي البسطاء والمعدمين وصغار الفلاحين مع ثورة يوليو المجيدة وصدور قانون الاصلاح الزراعي و الذي تم فية تحديد الملكية الزراعية للأرض والتي بدأت ب ٢٠٠ فدان الي ان وصلت الملكية في الاراضي القديمة الي ٥٠ فدان والمستصلحة الي ٢٠٠ فدان.
نري ان عيد الفلاح يعود في شكل جديد مرتبط بتحديث منظومة الزراعة المصرية التقليدية التي ظهرت مع مطلع الخمسينات والستينات الي زراعة حديثة تغيرت معها شكل الزراعة وما اتبعها من تقدم في الاصناف وتقنيات الزراعة وذيادة انتاجية الفدان وميكنة العمليات والموبيل ابلكاشن الذي يدير ويوفر كل احتياجات الزراع. ربما يحدث تغير وبشكل سريع مع اهتمام ودعم فخامة الرئيس لملف الزراعة بالكامل والاهتمام بالانتاج الزراعي وحماية الرقعة الزراعية و استصلاح الاراضي وتحديث الريف المصري وان الزراعة المصرية اصبحت تنتقل الي مفهوم اخر وجديد مع تحديث منظومة الري الحقلي التي كانت قبل السد العالي تعتمد علي مفهوم ري الحياض مع فيضان النيل و بداية اغسطس وكانت تزرع الارض مرة في العام الي الري المستديم وتزرع الارض مرتين وثلاث مرات في العام بعد انشاء السد العالي وتنظيم مناوبات الري وانتشار هذه الشبكة من الترع والمصارف وكلها تعتمد علي الري بالغمر الذي كان ينفذ مع وفرة من المياه ل 5.5 مليون فدان في السبعينات و 21 مليون نسمة في جينه … . فكيف يستمر الوضع وعدد السكان تخطي 102 مليون نسمه بخلاف اكثر من 20 مليون ضيف يعيشون علي ارض مصر وكانت تزرع بنظام ري الحياض مرة في العام مع الفيضان ثم تحولت بعد السد العالي الي الزراعة المنتظمة لموسم شتوي واخر صيفي و الارض تزرع مرتين في العام وربما اكثر ومساحة محصولية تعدت 17 مليون فدان. لذا فإن الامر لابد تغير معه المفاهيم والانتقال من مفهوم الوفرة في ادارة المياه الي مفهوم الندرة وتعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية ومنها المياه التي انخفض نصيب الفرد منها لاقل من 600 متر مكعب في العام بعد ان كان 2500 متر مكعب مع الخمسينات والثورة .
وياتي عيد الفلاح في ظل اهتمام القيادة السياسية لدعم الفلاح وتقديم العديد من التشريعات التي تساعدة وتصب في مصلحته منها قانون التامين الصحي وقانون معاشات الفلاح والزراعة التعاقدية وغيرها من القوانين التي ربما تنعكس بمردودها الاجتماعي علي الفلاحين .
وقد ظهرت الان مع تحديث منظومة الري وتوفير قرض علي عشر سنوات تتحمل الخزانة العامة اعباء هذا القرض ليكون منحة للمزارعين بصفر فائدة هي اهم انجازات المرحلة الحالية من خلال دعم السيد الرئيس للمزارعين وعدم تحميلهم اعباء التحديث لتبطين المساقي وتحديث شبكة الري الداخلية للري بالرش والتنقيط ضمن منظومة تحديث الزراعة ورفع الانتاجية الزراعية وزيادة دخل المزارع مع مشروع تبطين الترع ومعالجة مياه الصرف الزراعي وهكذا تم تنفيذ المشروع القومي لتحديث الريف المصري بحياه كريمة بتكلفة تتعدي 700 مليون جنية ليستفيد منه اكثر من 50 مليون مصري في الريف والقري المصرية .
النظرة التاريخية لعيد الفلاح والتي واكبت اصدار قانون الاصلاح الزراعي
صاحب هذ القانون تغيرات اجتماعية ورفع الفلاح المصري قامته واسترد أرضه أرض أجداده التي حرم من تملكها لسنين طويلة وتوسعت بالإصلاح الزراعي زراعات مثل القطن وبدأ الفلاح يجني ثمار زراعته ويعلم أبنائه وتغيرت معها التركيبة الديموجرافية للسكان . وكان الحرص من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر هو ان يتحول المستأجرين والعمال والمقهورين الي ملاك للارض ضمن احد أهداف الثورة ١٩٥٢.
وينص القانون على تحديد الملكية الزراعية للأفراد، وأخذ الأرض من كبار الملاك وتوزيعها على صغار الفلاحين المعدمين. وصدرت تعديلات متتالية حددت ملكية الفرد والأسرة متدرجة من 200 فدان إلى خمسين فدان للملاك القدامى. وعرفت هذه التعديلات بقانون الإصلاح الزراعي الأول والثاني وأنشئت الجمعيات التعاونية للاصلاح الزراعي لتتولى عملية استلام الأرض من الملاك بعد ترك النسبة التي حددها القانون لهم وتوزيع باقي المساحة على الفلاحين الأجراء المعدمين العاملين بنفس الأرض ليتحولوا من أجراء لملاك.
ويمكننا أن نحدد أهم هذه التطورات بين1952 و1970 فيما يلي:
- بلغ مجموع الأراضي التي طبق عليها القانون الاول في 7 سبتمبر سنة 1952 مساحة 653,736 ألف فدان تنتمي إلى 1789 مالكا كبيرا ولكن الأرض التي طبق عليها القانون في واقع الأمر بلغت 372,305 آلاف فدان أما البقية وهي حوالي النصف فقد قام الملاك ببيعها بأساليبهم الخاصة حتى أكتوبر سنة1953 حينما ألغت الحكومة النص الذي كان يتيح للملاك بيعها بأساليبهم ….
– القانون رقم 127 لسنة 1960 الذي أطلق عليه قانون الإصلاح الزراعي الثاني، وأهم ما في هذا القانون هو جعل الحد الأقصى لملكية الفرد 100 فدان، يضاف إليها 50 فدانا لبقية الأسرة (الأولاد) للانتفاع فقط، وتحريم أي مبيعات للأرض من المالك لأبنائه، كما ألغى القانون الاستثناءات السابقة الخاصة بالأراضي قليلة الخصوبة. وتقدر الأراضي التي آلت إلى “الإصلاح الزراعي” نتيجة هذا القانون بـ214,132 ألف فدان.
– القانون رقم 50 لسنة 1969الذي أطلق عليه قانون الإصلاح الزراعي الثالث، والذي جعل الحد الأقصى لملكية الفرد 50 فدانا.
وتقول الإحصائيات الرسمية بأنه حتى سنة 1969 تم توزيع 989,184 ألف فدان على الفلاحين منها 775,018 ألف فدان تم الاستيلاء عليها وفقا لقوانين الإصلاح الزراعي، و184,411 ألف فدان كانت تتبع بعض المؤسسات المختلفة أما الباقي وقدره 29,755 ألف فدان كان حصيلة أراضي لطرح لنيل، ووفقا لنفس هذه الإحصائيات الرسمية فقد وزعت تلك الأراضي على 325,670 ألف أسرة.
وهنا نقف لنوضح اهمية الارض الزراعية التي حافظ الاباء والاجداد عليها ولم يفرطوا فيها او يبنوا عليها بل ضموا لها مساحات اخري من الارض التي اشتروها من البعض والتي انشغل اصحابها عنها وتركوها لظروف عملهم وهجرتهم الي المدينه واصبحوا لا يستطيعون رعايتها ومتابعتها وقام المستأجرين بشراء معظم هذه الاراضي من اصحابها ولأن الارض لم تكن مجدية او مجزية في ظل التحول الاقتصادي مع نهاية السبعينات وبداية الثمنينات وظهور شركات توظيف الاموال وارتفاع عوائد الفائدة بالبنوك عن اسعار الحاصلات الزراعية او الايجارات التي كانت تحصل من المستأجرين مع ارتفاع قيمة الاصول المتمثلة في ثمن الارض .
ومع عدم الاهتمام بالزراعة وانخفاض المردود منها اصبح الاحتفاظ بالارض يمثل صعوبة مع متطلبات مالكي هذه الاراضي .وان الحياه والمعيشة والهجرة الي المدن ربما شجعت الكثيرون علي بيع الارض الزراعية وعدم التمسك بها . فلهذا تخلص الكثيرون منها ووضعوا ثمن البيع في البنوك للحصول علي عوائد بدون مشقة وجهد يبذل في الزراعة .
ولم يعلم البعض ماذا يحدث في المستقبل القريب والتغير النسبي والفلكي في شكل القري والتي امتدت لها الخدمات ودخول الانترنت وتغيرت حياه القرية وسكانها وأصبح من يعيشون هم احفاد من استفادوا وورثوا ارض الاصلاح الزراعي التي تبدل الحال معها وبدلا من أن كانت ٥ او ٣ افدنة اصبحت بضع قراريط صغيرة ولم يدرك هذا الجيل الوارث اهمية هذه الأرض وماذا فعل فيها الاباء والاجداد من جهد وعرق وقيمة نقدية دفعتها الدولة المصرية من تعويضات للملاك الاصليين في حينه ولازالت تدفع غرمات تقدر بالملاين من تعويضات تحتاج الي المراجعة وخاصة لاحكام واجية التنقيذ علي أمور تعدت اكثر من ٦0 عاما.
لكن الاهم هنا والمهم أن الأحفاد مع النمو السكاني حولوا الارض الزراعية الي كتل خرسانية رغبة وطمعا في ثراء سريع وفاحش فتحول فرد من انسان فقير او بسيط الي مليونير كبير لان لدية نصف فدان ورثها وتحولت الي ارض مباني وهي ارض موزعة من الدولة وربما تدفع عنها الدولة تعويضا بالملاين من خزانتها وهو لايدرك ذلك ولا احد من المسؤلين يدرك ذلك… فهل كاننت حسن النوايا التي تمت مع ثورة يوليو المجيدة وقانون الاصلاح الزراعي الذي يواكب صدورة هذه الايام منذ ١٩52 يعلموا ان هذة الملكية سوف تفتت وتتحول الي كتل خرسانية وتدفع الدولة من خزانتها تعويضات تصل الي مليارات الجنيهات الي ورثة الملاك الاصليين اللذين نفذ عليهم قوانين الاصلاح واخذوا التعويضات المناسبة في حينها الا ان ثغرات القانون وعدم الالمام بالقوانين ساعدت الكثيرون علي كسب قضايا وتعويضات تحتاج إلى مراجعة من الدولة لوقف نزيف مستمر….
فهل فعلا من أعدوا قانون الاصلاح الزراعي في حينه كانوا يدركون او يتوقعوا ما يحدث الان لهذه الأرض التي تم توزيعها علي المزارعيين البسطاء ونحن لسنا ضد حق الارث والتوريث ولكن نحن ضد تفتت الملكية الزراعية التي تحتاج الي حماية لها وحماية للارض من التبوير والزحف العمراني والبناء عليها دون سند وقانونية وتخطيط منظم….
فالكلام الي الاسرة الكبيرة من شعبا العظيم وهم فلاحين ومزارعي مصر في أكثر من ٥٤٨٠ جمعية زراعية ) ٦٤١ جمعيه استصلاح و ٦٢١ جمعية إصلاح و٩خ٨٤٢١٨ جمعية ائتمان) واللذين يمتلكون معظم الأرض الزراعية القديمه في الوادي والدلتا في مساحة تصل 6.1ملاين فدان وبعد أن فقدنا منها مايقرب من مليون فدان خلال الثلاثون عاما الاخيرة من أجود وا اخصب الاراضي الزراعية والتي اوضحت التقارير الرسمية فقد أكثر من ٤٠٠ الف فدان في العشر سنوات الماضية .
والي مزارعي الإصلاح الزراعي الذي تقلصت مساحته الزراعية من 980 الف فدان الي 680 الف فدان في ١٩ مديرية تابعة للهيئة العامة للاصلاح الزراعي فأقول لهم اليوم ان الآباء قد ورثوا لكم هذا الميراث الغالي من أرض مصر الطيبة فحافظوا عليها ولا تهملوها فانتم لا تعلموا كيف حصلتم علي هذه الأرض وهي تاريخ طويل من العمل والعطاء والكفاح لمصر الحبيبة …. فكل عام وانتم بالف خير وسلام و ندعوا الله ان يحفظ مصر واهلها ورجالها المخلصين جنود الجيش الأخضر لتحقيق أهداف التنمية الزراعية وامل مصر في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الحقليه والخضر والفاكهة واستمرار تعظيم الانتاج في ربوع مصر لتظل مصر في عزة وكرامة وازدهار تحت قيادة وطنية مخلصه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي قائد مسيرة البناء على أرض مصر.
ومن هنا لابد ان ندرك جميعا واننا ليس لدينا الرفاهية لان نظل علي هذا الوضع في عدم الاستفادة من مواردنا المتاحة وانه قد ان الاوان ان نتحرك بخطة سريعة وواجبة من الجميع بمفهوم النظرة القومية الوطنية لاستدامة الزراعة ونجاح منظومة الامن الغذائي وتوفير احتياجات البلاد وتوفير جزء لدعم ميزان المدفوعات من الصادرات الزراعية وان نتعاون و نلتزم جميعا بتعديل منظومة الري وتحديثها وبكل الامكانيات المتاحة لمواجهة التحديات التي تلزمنا جميعا ان نعمل سويا لمجابهة هذه الزيادة السكانية ونقص الموارد المائية والتعدي المفرط علي الارض الزراعية مصدر الغذاء والكساء لنتواكب مع المتغيرات الجديدة والمستحدثة وطبقا لمفهوم الندرة وحسن الاستخدام وكفاءة ادارة الموارد وهي الارض والمياه وتطبيق افضل الممارسات الزراعية علي مستوي الحقل مع تنفيذ مشروعات تحديث نظام الري من خلال نظم الري الحديثة في الاراضي الجديدة والمستصلحة والانتقال الي الاراضي القديمة التي يمكن ان يتحسن فيها منظومة توزيع المياه وخاصة مع الفاكهة والبساتين فهي رسالة انقلها الي كل اخواتنا المزارعين ان نحافظ علي ارضنا الزراعية وان نستفيد من تكنولوجيا الري بالرش والتنقيط ضمن مظور قومي في المقام الاول ونسترجع زكربات دخول الميكنة الزراعية وتحديث عمليات الخدمة والتجهيز والزراعة الالية وما كان يقوم به الاجداد كعمل يدوي ومدي الجهد والمشقة والتعب وضعف الانتاج مقارنة بما قامت به الدولة ووزارة الزراعة واستصلاح الاراضي من تحديث في وادخال التكنولوجبات الجديدة في الزراعة بداية من الخدمة الي الحصاد مع توفير الاصناف العالية الانتاجية.
ندعوا الله ان يحفظ مصر واهلها وقواتها المسلحة وشرطتها ورجالها المخلصين …. فتحيا مصر تحيا مصر تحيا مصر بجنود الانتاج الزراعي والحيواني من الفلاحين الشرفاء والمخلصين لتراب هذا الوطن والذي امتزج عرقهم بماء نهرهم العظيم لروي حقولهم وانتاج العديد من ثمار هذة الارض الطيبة والتي ستظل أبد الدهر رمزا لكفاح المصريين وبناء حضرتها التي امتدت عبر الاف السنين… تحية شكر واجبة لكل شرفاء الوطن اللذين يعملون بالحقول ورغم كل الظروف الصعبة الا انهم فرسان الانتاج الزراعي لهم كل الشكر والتقدير في عيدهم الذي يواكب مرحلة جديدة توضح مدي حرص فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي علي حماية الارض الزراعية مصدر الخير والنماء وميراث الاجيال من التعدي بالزحف العمراني وكتل خرسانية تحرم ملاين المواطنين من غذاءهم الأساسي وتحديث وتطوير الزراعة المصريه وتحديث منظومة الري الحقلي الي نظام الري الحديث للمحافظة على الموارد المائية واستدامتها للانتاج الزراعي.