علاج كورونا ..إعلانات بالجملة والمحصلة “صفر كبير

19 يونيو، 2020 - بتوقيت 10:41 م

 

لا يمر يوم الا وتعلن جهة بحثية أو هيئة أو جامعة أو شركة أو مركز دوائي فى العالم عن تصنيع دواء أو التوصل لعقار لعلاج فيروس كورونا المستجد ..ورغم ذلك يواصل الوباء انتشاره فى العالم وتتزايد معدلات الإصابات والوفيات فى بعض الدول وتتراجع فى آخرى إلا أن محصلة الإعلانات المتواصلة لا شئ حتى الآن .
هل هذا يعنى أن البشرية ستعجز عن التوصل لعلاج لهذا الفيروس وبالتالى يتحول إلى قاهر للإنسان وقد يبيد الملايين أو يحدث تغييرا فى التركيبة البشرية لتصبح أجيال كورونا مختلفة عن الأجيال السابقة .
يشار إلى أن فيروس كورونا المستجدّ منذ ظهوره في الصين في ديسمبر الماضى وحتى مساء امس الخميس 18 يونيو 2020، تسبب فى أكثر من 450 ألف حالة وفاة لتسجل 453.314 حالة، بينما سجلت الإصابات 8,511,215، وتعافى 3,603,768 بعد تماثلهم للشفاء.

ماذا يقول العلماء والإطباء عن هذه الإعلانات ؟ وهل هناك أمل فى التوصل لعقار يعالج هذا الفيروس اللعين ؟

دم الأبقار

كانت شركة “SAB” الأميركة المختصة في العلاج الحيوي ومقرها ولاية ساوث داكوتا، قد أعلنت عن بدء تجارب على البشر لاختبار علاج مستخلص من دم الأبقار، في مسعى إلى مداواة مرضى فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).
وقالت ان العلاج تم تصنيعه من الأجسام المضادة بالاعتماد على بلازما مستخلصة من دم البقر موضحة أن هذه البلازما لم يجر استخلاصها من بقر عادي، بل من أبقار خضعت للهندسة الوراثية حتى يصبح لديها جهاز مناعي قريب من نظيره لدى الإنسان .
وأوضحت الشركة أن هذه الأبقار تقوم بإنتاج أجسام مضادة لمكافحة فيروس كورونا في جسم الإنسان، وفي حال ثبتت نجاعتها، سيتم تحويلها إلى دواء ضد العدوى.

إمبريـال كوليدج

فيما أعلن علماء بريطانيون أنهم حققوا نجاحا كبيرا فى استخدام دواء من “السترويد” في علاج مرضى كورونا الذين تدهورت صحتهم بشكل كبير، أو جرى وضعهم تحت أجهزة التنفس الصناعي.
وقالت جامعة “إمبريـال كوليدج لندن” انها تعمل على واحدة من محاولتين جاريتين في المملكة المتحدة لتطوير شكل من اللقاحات ضدّ فيروس كورونا، ويتولى المحاولة الثانية “معهد جينر” في جامعة “أوكسفورد”.
وأشارت الجامعة الى أن روبين شاتوك، بروفيسور العدوى المخاطية والحصانة في “إمبريـال كوليدج” وفريقه من الباحثين، يستخدم تقنية تستند إلى “الحمض الوراثي الريبي” “آر إن أي” [تركيبة من الجينات توجد عادة خارج نواة الخليّة]، ما يسمح بتصنيع كميات هائلة من ذلك اللقاح المنتظر، بتكلفة معقولة.

واوضح العلماء أن لقاح “إمبريـال كوليدج” الذي يقتطع “نسبة ضئيلة” من المادة الوراثية المُكوَّنَة لفيروس “سارس- كوف 2″، يُرسل تعليمات إلى خلايا عضلات الجسم كي تصنع بنفسها بروتيناً يشبه في تركيبته البروتين المُسمّى “سبايك” الذي يُشاهد كنتوءات لها شكل الأشواك على سطح فيروس كورونا.

جامعة أوكسفورد

وقررت “جامعة أوكسفورد” البريطانية التى تعمل على تصنيع لقاح ضد كورونا، منح شركة الأدوية العملاقة “أسترازينيكا” رخصة إنتاج لقاحها المنتظر بهدف المساعدة على التوسّع في التصنيع. فيما سيُنتج فريق “إمبريـال كوليدج” لقاحه كجزء من المشروع الاجتماعي المشترك “فاك إكويتي جلوبال هيلث” “في جي آتش”، بالشراكة مع شركة “مورنينجسايد فينتشرز” الاستثمارية.

وأعلنت مل من “إمبريـال” و”في جي إتش” أنهما سوف تتنازلان عن حقوق الملكية في اللقاح لمصلحة المملكة المتحدة، والدول الفقيرة وبيع العقار  بأسعارً تحقق ربحية متواضعة .

ديكساميثازون

أيضا شهد العالم ضجّة كبيرة مع الإعلان عن دواء ديكساميثازون -الرخيص لعلاج مرض كوفيد-19 الذي يسببه فيروس كورونا المستجد .
واعتبرت منظمة الصحة العالمية نتائج التجارب التى أجريت على ديكساميثازون “اختراقا علميا” يمكن أن يساعد في علاج المصابين بأعراض خطيرة من كوفيد-19، واصفة ذلك بأنها “أنباء عظيمة”،

يشار الى أن ديكساميثازون (Dexamethasone) هو: كورتيكوستيرويد (Corticosteroids)، يشبه الهرمون الطبيعي الذي تنتجه الغدد الكظرية في الجسم، وغالبا ما يتم استخدامه لاستبدال هذه المادة الكيميائية عندما لا ينتج الجسم ما يكفي منها .
والكورتيكوستيرويدات (الستيرويدات القشرية) هي نوع من الهرمونات تنتج في الغدة الكظرية، ومن الكورتيكوستيرويدات الشائعة التي توصف كعلاج :

1- كورتيزون (cortisone).

2- بريدنيزون (prednisone).

3- ميثيل بريدنيزون (methylprednisolone).

4- ديكساميثازون (Dexamethasone).

يعمل الديكساميثازون على تخفيف الالتهاب في الجسم، ويشمل هذا تخفيف التورم والحرارة والاحمرار والألم. ويستخدم في علاج أشكال معينة من التهاب المفاصل، واضطرابات الجلد والدم والكلى والعين والغدة الدرقية والأمعاء (مثل التهاب القولون) والحساسية الشديدة والربو. كما يستخدم في علاج أنواع معينة من السرطان.
في حالات معينة يمكن أن يتسبب الالتهاب في فرط نشاط الجهاز المناعي، مما قد يقود إلى تلف في أنسجة الجسم. ويساعد الديكساميثازون على منع استجابة جهاز المناعة للالتهاب، مما يساعد على منع هذا الضرر.
ومن الآثار الجانبية التي يمكن أن يسببها الديكساميثازون..اضطراب في المعدة…القيء..الصداع..الدوار..الأرق…الاكتئاب والقلق…حبّ الشباب…زيادة نمو الشعر…عدم انتظام فترات الحيض أو انقطاعها.

الفئران

وخلال الأسبوع الماضي، أعلنت شركة “ريجينيرون فارماسوتيكال” (Regeneron Pharmaceuticals) عن بدء تجارب بشرية على دواء مشتق من الفئران لفيروس كورونا المستجد .
وقال رئيس الشركة الدكتور جورج يانكوبولوس أدخلنا جينات جهاز المناعة البشري في الفئران، بحيث يكون لهذه الفئران نظام مناعة بشري إلى حد كبير .

وأضاف : نأمل في أن نتمكن بحلول نهاية الصيف من توفير مئات الآلاف من الجرعات للمرضى المحتاجين للوقاية والعلاج أيضا .

ويستخرج العلماء أقوى الأجسام المضادة البشرية من الفئران، ثم يستنسخونها بكميات غير محدودة. كما تعمل الشركة أيضا على الأجسام المضادة المستخرجة من المرضى الناجين من كوفيد-19.
وقالت المتحدثة باسم الشركة ألكسندرا باوي نحن نسحب الأجسام المضادة البشرية بالكامل من هذه الفئران السحرية، وكذلك من الناجين من البشر، لتعظيم مجموعتنا وضمان اختيار أفضل الأجسام المضادة العلاجية لكوفيد-19 .

جهاز المناعة

حول هذا السباق العالمى وهل هناك أمل فى التوصل إلى علاج قال الدكتور عادل البيجاوي، الاستاذ بكلية الطب جامعة القاهرة، أن  عقار ديكساميثازون هو أحد مشتقات الكورتيزون، واُستخدم منذ عشرات السنين في علاج كثير من الأمراض خاصة حالات الحساسية أو فرط استجابة الجهاز المناعى .
وأوضح أن كورونا فيروس جديد، واستجابه مناعة الجسم له ورد الفعل المناعى لهذا الوافد الجديد غريب، وغير محدد، والمناعة هي كلمه السر في التغلب على هذا المرض،  مؤكدا أن الجهاز المناعى حارس أمين لواحد من أغلى ممتلكاتك الآن، وهو جسمك.

وأشار البيجاوي الى أن المشكلة  تبدو في المرضى، أصحاب ضعف جهاز المناعة، حيث لا يستطيع الحارس القضاء على المتسلل، وتتدهور حالة المريض، نتيجة إفرازات شديدة من سوائل مناعية تملأ رئة المريض، وتؤدى إلي التهاب رئوى، وتدهور وظائف الرئة حيث تمتلأ الحويصلات الهوائية بهذه السوائل المناعية، وتُفقد قدرة الرئة على تبادل الغازات .
وأضاف ان دور عقار الكورتيزون يبرز فى الحالات الشديدة أو المتوسطة، موضحا إن إعطاء عقار الكورتيزون لهذه الحالات يقلل من عنف استجابة الجهاز المناعي، ويطوعه، ويقلل الافرازات المناعية التي تُغرق الرئة، بما يسمح لها بالاستمرار في عملها، وتبادل الغازات، وتقلل الفشل الرئوي التنفسي، وهو السبب الرئيسى للتدهور في حالة المريض، والمتسبب الأول في وفاه بعض المصابين بفيروس كورونا.

وحذر “البيجاوي” من أن  الكرتيزون وفوائده وإيجابياته هنا ليست بلا حدود، حيث أن هذا العقار الذى يُقلل المناعة أمام إيجابيات استخدامه الكثيرة لا يبدو بلا أعراض جانبية لكن الأذى قد ياتى منه فى ظل السعى للحفاظ على المناعة فى مقاومه المرض والقضاء عليه موضحا انه فى بعض  الحالات فإن استخدام عقار لتقليل المناعة قد يُطيل أمد المرض، وقد يؤدى إلى الإصابة بعدوى بكتيرية ثانوية والتى قد تؤدى بدورها احيانًا إلى تدهور الحالة .
وشدد على ضرورة أن يتعامل الطبيب بميزان حساس ليوازن بين الفائدة من ناحية، والأعراض الجانبية من ناحية أخرى
وأكد البيجاوى ان الكورتيزون ومشتقاته قد يفيد وقد يضر وهو ليس عقارًا يقضي على المرض، والفيروس، ولكنه يساعد على تحجيم أعراض المرض، ويمنع تدهور حالة المريض .

نتائج غير مقنعة

وقالت كاثرين هيبرت مديرة وحدة الرعاية المركزة في مستشفى ماساتشوستس بجامعة هارفرد “لدغنا من مثل هذه الإعلانات حتى قبل جائحة فيروس كورونا المستجد  مشيرة الى انه دائما يتم الإعلان عن نتائج مثيرة لكن يتضح فيما بعد أنها غير مقنعة عند الاطلاع عليها .

وأضافت هيبرت أن نشر البيانات المتعلقة بالعقارات المعلن عنها قد يساعد على تقييم النتائج وتحديد المرضى الذين يمكن أن يحققوا استفادة منها، فضلا عن الجرعات المناسبة.
وتابعت آمل أن يكون ذلك حقيقيا لأنها ستكون خطوة كبيرة للأمام في قدرتنا على مساعدة المرضى .

وحذر توماس مكجين نائب كبير الأطباء في نورثويل هيلث، أكبر منظومة للرعاية الصحية في نيويورك، من أن الأدوية من عائلة الستيرويدات يمكن أن تثبط الجهاز المناعي.
وقال إن الأطباء يستخدمون الستيرويدات على حسب كل حالة على حدة.
وأضاف يجب أن نرى كيف ستبدو نتائج الأبحاث المعلن عنها فى عدد من دول العالم وما إذا كانت ستخضع لمراجعة النظراء وتجد طريقها للنشر في دوريات علمية أم لا .

تقرير : أحمد عبد الله