د. علي اسماعيل يكتب : شكرا سيادة الرئيس …. لحماية الارض الزراعية

30 أغسطس، 2020 - بتوقيت 2:47 م

 

استاذ ادارة الاراضي والمياه  _ مركز البحوث الزراعية_  مصر

اخيرا نري ونشاهد ان هناك من يحافظ علي مصر داخيا وخارجيا والدفاع عن الوطن بمفهومه الشامل الذي لا يتجزء وان الامر اصبح جليا بمهوم متكامل لا  يقتصر علي الحماية الخارجية لارض الوطن وتوفير القوة العسكرية لردع كل معتدي و اثم يفكر بالمساس به وامتد بمفهومه المتكامل لحماية  الارض الداخلية ارث الاجيال القادمة وهي  الارض الزراعية التي  وجدت طريقها من الحماية والتأمين بعد ان ضلته عبر سنوات من العشوائية والتعدي الغير مبرر خلال الحقبة الماضية  ليتدخل السيد الرئيس بنفسة حاملا هذه الهموم والمصاعب التي قد لا ترضي بعض المنتفعين والمستغلين المستفيدين من تحويل الاراضي الزراعية الي كتل عشوائية سكنية بعيدا عن التخطيط المنظم والملتزم ليتحول البعض منهم  الي مليونيرات علي حساب الوطن وافراده والاضرار بمصالحتة القومية في توفير ابسط حقوق مواطنيه من امنهم الغذائي  ودون سداد اي مستحقات او ضرائب لتغير هذا النشاط من الزراعة الي المباني والذي طالما طالبنا بسداد جزء من اسعار هذه الامتار التي تحول داخل الاحوزة العمرانية لصندوق استصلاح الاراضي بهد ف استصلاح اراضي جديدة ومقابل توفير الخدمات لهذه المناطق التي تم استقطاعها ودخولها الاحوزة العمرانية  . 

لقد شاهدنا وسمعنا وكانت توجيهات فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية  واضحة وحادة بوقف التعدي علي الاراضي الزراعية التي اصبح التعدي عليها والعشوائية تمثل اكبر خطر من المصريين انفسهم علي ذاتهم وعلي حقوق الاجيال القادمة لاهدار ثروة مصر التي تكونت عبر ملاين السنين وهي الارض الزراعية وان هذا الخطر يضاهي الارهاب الخارجي المستهدف تدمير قدرات الوطن ونموه واستقراره . فكان الامر واضح وبين بعرض هذه المشكلة التي ساهم فيها الجميع المواطنين والمسئولين وتقاعس البعض وغض الطرف حتي وصلنا الي هذا الحال الذي التهمت فية اخصب اراضي مصر ومصدر غذاءها الرئيسي وان الامر يحتاج الي الردع والحسم وثقافة المواطنة وحب الوطن لوقف ظاهرة العشوائيات والتعدي علي الارض الزراعية والالتزام بالاحوزة العمرانية داخل القري والمدن وتوابع القري التي وصلت لاكثر من 3000 تابع تحتاج مرافق وخدمات وتلتهم مصادر وموارد التنمية لتوصيل المرافق لها من مياه شرب وصرف صحي وكهرباء ومدارس ووحدات صحية وغيرها ؟ 

فلماذا الاعتداء علي الارض الزراعية والتهامها بهذا الشكل المخيف والرهيب ؟؟؟  

فهل يعود الي الاذهان حجم الازمة والخطر الذي يهدد الاراضي الزراعية وما تم طرحة سنة 2014 لاصدار مشروع قانون يصادر الارض الزراعية التي يتم التعدي عليها بالبناء وردع المخالفين وحبس القانون ولم يستكمل دورته في الاصدار فهل يمكن ان يعود وان يعاد اصدار قانون مصادرة الاراضي الزراعية التي يتم التعدي عليها بالبناء حماية للرقعة الزراعية والامن الاقتصادي والذي سبق ان تقدمت به وزارة الزراعة  لان الارض الزراعية هي ملك الاجيال ولا يجوز التعدي بالبناء وحرمان الوطن من هذة الاراضي المنتجة فالبعض يري ان هذة ملكية خاصة كفلها القانون والدستور ولكن تنسوا ان المواطن المحترم للقانون لا يتعدي علي حقوق الاخرين وان تبوير الارضي والتعدي عليها بالبناء هو تعدي علي كل المواطنين بحرمانهم من غذاءهم وطعامهم هي اضرار بالامن القومي المصري لحرمان المواطنين من الغذاء  التي تنتجه هذة الاراضي.لذا وجب ان نوضح اننا نفقد اكثر من ثلاثون الف فدان سنويا  بالتعديات الغير مرخصة للبناء علي الاراضي الخصبة التي وهبها الله لمصر ووصفها هيرودت في كتابة ان مصر هبة النيل وان الارض الخصبة تكونت عبر الاف السنين فمن المؤسف ان نفقدها في بضع سنين.

هل نعلم ان الفدان من الارض الزراعية يغطي غذاء 25 مواطنا علي سبيل الحصركمتوسط عام  كحد ادني فالفدان ينتج 3000 كيلو قمح وان متوسط استهلاك الفرد  في مصر يستهلك 120 كيلو جرام  والعالم 80 كيلو جرام فيعني انه يغطي حاجة  25 مواطن بالغ و ينتج الفدان 4000 كيلو جرام ارز شعر تعادل ارز ابيض 2600 كيلو جرام ارز ابيض ومعدل استهلاك الفرد 50 كيلو جرام يعني انه يغطي غداء 50 فرد من الشعب المصري  ومن الخضروات 200 مواطن (طماطم وخيار وفلفل ) . فهل نتصور صعوبة ذلك وما يحدث من ضرر يقع علي مستقبل المصريين بالتعدي علي الارض الزراعية .  

ان التغيرات الناجمة عن النشاط السكاني الزائد علي الاراضي وبصفه خاصة الاراضي الزراعية بالوادي والدلتا هبة النيل من الاف السنين سوف يؤثر بشكل سلبي علي الاراضي المنتجة والانتاج الزراعي والاضرار بالناتج القومي والتاثير المباشر علي غذاء السكان واحتياجاتهم الغذائية وبالتالي زيادة الطلب علي استيراد المواد الغذائية بصورها المختلفة والمزيد من الطلب لتوفير العملة الصعبة لاستيراد هذة الاحتياجات  الاساسية والضرورية وبالتبعية قيمة الجنية المصري وثباتة امام الدولار بخلاف العجز الناتج في التبادل التجاري الخارجي لنقص حجم الصادرات الزراعية المتوقع وتأثر نوعيتها نتيجة الممارسات الزراعية الخاطئة في الانتاج وعدم مراعاة الجوانب العلمية والفنية  والبيئية طبقا للمواصفات العالمية والدولية لطبيعة المنتجات الزراعية الطازجة والمطلوبة للتصدير بخلاف المشاكل الناتجة عن توقف بعض الدول عن استيراد الحاصلات الزراعية او زيادة القيود عليها وصعوبة اختراقها الاسواق الدولية والخسائر الناتجة عن ذلك للمصدرين وكم عانينا كثير من ذلك وتم فقد اسواق عالمية كانت مصدرا هاما وفعلا في جزء من الموارد الاجنبية للدولة بالاضافة الي العلاقات المتميزة التي كانت موجودة لنا في الاسواق الخارجية لبعض المنتجات المصرية .

ان التعدي المفرط من المستخدمين والمزارعين والمستفيدين  بتلوث الاراضي الزراعية و استقطاع مساحات من هذة الاراضي الفاعلة في الانشطة العمرانية والتي تدخل في الانتاج المرتبط بتغذية السكان والحيوان وحرمانهم من غذائهم هي ممارسات مدمرة للقدرة علي تأمين الانتاج الزراعي الامن والصالح للاستهلاك  وعدم وضع ضوابط لذلك وعدم ممارسة الجهات الرسمية  للدولة لدورها المنوط بها لتنفيذة ..وتُعزى التغيّرات في حالة التربة  وتلوثها او ضعف قدرتها الانتاجية أساساً إلى عوامل النمو السكاني والنشاط الاقتصادي ونقص الوعي والثقافة الوطنية وبعض الطمع والجشع في ظل حرية السوق وعدم الرقابة الفعالة وارتفاع مدخلات الانتاج وتكاليف المنتج الزراعي وانخفاض اسعارها  الذي يستفيد منه الوسطاء والسماسرة  مقارنة بتكلفته ،  فبالنظر الي الواقع الذي  نراه وفي حالة عدم توفر اليات تحكمية لضبط منظومة الانتاج الزراعي والسياسات الزراعية والتشريعية فالامور سوف تزداد سواء كمحرّكات من المتوقع أن تتواصل خلال العقود المقبلة  مالم يتم تدبير ذلك الامر بالخروج الي مناطق جديدة وتنميتها كاستصلاح اراضي جديدة تعادل معدلات النمو السكاني المطرد والزحف العمراني المدمر للارض الزراعية القديمة المنتجة ومحاولة تجريم التعدي عليها لانها لست حق الموجودين ولكنها ميراث الاجيال القادمة التي يجب ان نحافظ عليها ونهتم بها ونضع من التشريعات التي تحميها ونطبقها بأن تصل اليهم ارض قوية منتجة عفية تساعدهم في توفير حياة كريمه لهم ولابناءهم كما ترك اجدادنا الارض والنهر لنا دون تلوث  اواضرار.

         في الوقت ذاته، خلّف التوسع العمراني  والتنمية العمرانية المرتبطة بالنمو السكاني بصمته الثقيلة أيضاً حيث نجم عن النمو السريع للمدن والصناعات تدهور متزايد في مناطق واسعة من الأراضي، شاملةً تلوّث التربة بالملوحة والقلوية  العالية وامتد اليها  التلوث بالمعادن الثقيلة وعوادم السيارات والري من مياه الصرف الملوث بصرف هذه المصانع دون معالجة وعدم الالتزام بالمعاير البيئية وغياب الرقابة الرادعة ، وادي سوء خدمة الاراضي واهمال صيانتها الي ادمجها ودمكها بفعل المعدات والالات الزراعية الثقيلة .و تم انشاء مشروعات اقليمية لخطة الطرق في الدلتا والطرق الزراعية السريعة ضمن منظومة الربط الجديدة لاقليم الدلتا الي استقطاع مساحات من الارض الزراعية الخصبة و دفنها على الدوام تحت أغطية من الأسفلت والخرسانة بالاضافة الي التعديات التي لم يتم ازالة مخلفاتها من كتل خرسانية ظلت باقية واعاقت زراعة هذة الاراضي والاستفادة منها.

لاشك ان عمليه استصلاح الاراضي ومحاوله زياده الرقعه الزراعيه التي تتأكل في الوادي والدلتا نتيجه الزحف العمراني والتمدد السكاني السرطاني علي نفس المساحه نتيجة عدم الالتزام بالاحوزه العمرانيه والاتجاه الي البناء الافقي كان اهم العناصر التي ادت التي تاكل الرقعه الزراعيه وتفتت المساحه نتيجه توريث الاجيال المتعاقبه   وعدم اصدار تشريعات تحافظ عليها وتحميها مما  ادي الي نقص نصيب الفرد من الرقعه الزراعيه الي اقل من 0.1% من الفدان. وكان لازاما علي الدوله القيام بدور هام في الاتجاه الصحيح  الي استصلاح الاراضي والتوسع الافقي لاضافه مساحات جديده من الاراضي  مع استخدام تكنولوجيا حديثه للزراعه بالاعتماد علي الميكنه الزراعيه ونظم الري الحديثة  واستخدام الطاقه الشمسيه  كطاقة بديلة في الاراضي الجديدة .  

فقيام الدولة بتطبيق سياسة واضحة لحماية الاراضى الزراعية من التعدى فى الريف المصرى بتشجيع التنمية الراسية للاسكان ودعم البناء الراسى بتمويل منخفض او دون فوائد والتقسيط على امتداد فترة طويلة من الزمن واستغلال الفراغات فى القرى واملاك الدولة فى هذا النشاط والانتهاء من الاحوزة العمرانية .فما زالت التعديات مستمرة ، الآمر الذى يعنى ضرورة وضع توليفة متكاملة من سياسات وبرامج التنمية القادرة على إحداث التوازن بين الاهداف القومية لحماية الاراضى وتوفير الاحتياجات المشروعة للآسكان فى الريف . وضع التشريعات مع  اتفاق الجميع على ان التفتت الحيازى يعد عائقآ واضحآ للتنمية ، لذلك لابد من وضع سياسة تحمى الاراضى الزراعية من التفتت ولا تتضارب مع شرائع الارث وحقوق الملكية . اقامة المجتمعات الزراعية الصناعية المتكاملة شاملة البنية الاساسية والخدمات والمرافق بشكل حضارى لجذب السكان وتوطينهم بشكل دائم فى الاراضى الجديدة المستصلحة والاهتمام بالمطور الزراعى للمشروعات الزراعية كالمطور السكني لتقيل الاعباء علي موازنة الدولة في تمويل استصلاح الاراضي والاستفادة من المدخرات في انشطة انتاجية بدلا من الاستهلاك والعقارات الي تستنزف الاقتصاد وترفع التضخم دون اضافة حقيقية للناتج القومي . التوسع فى إقامة أنشطة غير حقلية مرتبطة ومتكاملة مع النشاط الزراعى فى العديد من المجالات  المرتبطة بإنتاج وتصنيع المدخلات والمستلزمات الزراعية , أو تجهيز وتصنيع المنتجات الزراعية, أو  الأنشطة الخدمية العديدة المساندة والمرتبطة     مع    تركيز الاهتمام على الوحدات الاقتصادية صغيرة الحجم التى يقوم بها الأفراد فى المناطق الريفية. الاهتمام بتبنى أنماط تكنولوجية زراعية ترتكز على تكثيف استخدام  كل من عنصر العمل ورأس المال معا والتوسع فى هذه الأنماط التى تحقق مستويات أفضل لدخول العاملين فى  القطاع الزراعى والريفى