د فوزي ابو دنيا يكتب : محاور لخلق فرص عمل خضراء بالريف المصري

6 فبراير، 2024 - بتوقيت 5:50 م

المدير الأسبق لمعهد بحوث الإنتاج الحيواني – مركز البحوث الزراعية

 

 

يعد مفهوم الوظائف الخضراء في هذه الآونة خاصة مع انتشار مصطلح الوظائف الخضراء أمراً بالغ الأهمية، نظرا للحاجة الملحة والتي تعتبر أمراً متزايداً لتحقيق تنمية مستدامة مع حماية البيئة. تمثل الوظائف الخضراء تحولاً أساسياً في نهج العمل والنمو الاقتصادي. وقد عرفت منظمة العمل الدولية الوظائف الخضراء بانها عمل من شانه أن يخفف من أثر نشاطات الأفراد الشركات والقطاعات الاقتصادية على البيئة وخفضها الى مستويات مستدامة – أو أنها عمل يتضمن وظائف تحافظ على البيئة وتعيد تأهيلها وإرساء اقتصاد خال من الكربون يعمل على تجنب إنتاج جميع أشكال النفايات والتلوث بشكل عام. ويقصد بالوظائف الخضراء، تلك الوظائف التي تكفل تخفيض الأثر البيئي للشركات والقطاعات الاقتصادية وتؤدى الى تقليص مستوياته الى حد يمكن تحملها، ومن أمثلة ذلك الطاقة والزراعة وإعادة تدوير المتبقيات والتشييد والنقل، بما يسهم في تخفيض استهلاك الطاقة وحسن وترشيد استخدام الموارد الأولية والمياه وكل هذا يعمل على تقليل انبعاث الغازات الدفيئة وخفض نسبة الكربون وتلوث البيئة مما يسهم في حماية البيئة وإصلاح النظم البشرية والمحافظة على التنوع البيولوجي. وتركز هذه الوظائف على الأعمال والصناعات التي تسهم في الحفاظ على البيئة أو استعادتها، مع تعزيز المساهمة المجتمعية والازدهار الاقتصادي. وبالتالي تقوم الوظائف الخضراء على تجديد راس المال الطبيعي وصيانته وهي جسر يربط بين القضاء على الفقر وتحقيق الاستدامة البيئية وهى مولد جيد لفرص العمل خاصة في مجالات الطاقة.

وحيث أن مصطلح الوظائف الخضراء يشير لمجموعة واسعة من المهن عبر مختلف القطاعات مما يسهل من تحديد أعداد كثيرة من تلك الوظائف، بما في ذلك الزراعة المستدامة والطاقة المتجددة، وكفاءة وترشيد استخدام الطاقة، وإدارة النفايات، والحفظ. ويعتبر الهدف الأول من تلك الوظائف هو تقليل انبعاثات الكربون، وتقليل استنفاد الموارد، وتعزيز استخدام التقنيات النظيفة. على سبيل المثال،

وسوف نقوم هنا بإلقاء الضوء على بعض المحاور التي يمكن أن تكون مهمة لمجالات يمكن منها خلق وظائف الخضراء بالريف المصري من خلال:

إدارة المتبقيات الزراعية

 

إن الاستدامة بالنسبة للإنسان هي القدرة على حفظ نوعية الحياة التي يعيشها على المدى الطويل، وهذا بدوره يعتمد على حفظ البيئة الطبيعية والاستخدام المسئول للموارد الطبيعية (تربة – مياه – كائنات حية) ويشمل مفهوم الاستدامة أيضا القدرة على استرجاع أكبر قدر ممكن من متبقيات الأنشطة البشرية أو المتبقيات الصلبة أو الزراعية (حقلية – منزلية – تصنيع زراعي) أو الصناعية وغيرها. وتعتبر المتبقيات الزراعية ثروة قومية مهملة في مصر حيث يمكن إعادة تنظيم وتدوير هذه المتبقيات الزراعية في إنتاج الأعلاف والأسمدة والطاقة الحيوية وبعضها يستخدم في الحرف اليدوية وغيرها من الحرف التي تعطى منتجات اقتصادية وذلك بدلا من العبء الذي تتحمله الدولة في التخلص من هذه المتبقيات دون الاستفادة منها وما يترتب عنه أضرار للبيئة وهذا ما يتنافى مع مبادى الاقتصاد الأخضر. والمتبقيات الزراعية لها أوجه عديدة لتقسيمها ومن التقسيمات التي تستخدم في تحديد نوعية هذه المتبقيات واستخدامها ومن هذه التقسيمات:

متبقيات زراعية من أصل نباتي: وهي التي تنتج عن النباتات خلال مرحلة الزراعة والحصاد والتعبئة والتوزيع وحتى الاستهلاك.

متبقيات زراعية من أصل حيواني: وهي الناتجة من مصدر حيواني سواء فضلات الحيوان او الطيور او المنتجات الحيوانية مرورا بالتسويق وحتى مرحلة الاستهلاك.

متبقيات حقلية: وتنتج في الحقل خلال مراحل نمو النبات وحي ما بعد الحصاد.

متبقيات ناتج التصنيع الزراعي: وتنقسم الى

– ناتج التصنيع للمنتجات نباتية المصدر: من المطاحن ومضارب الأرز ومصانع الزيوت والصابون … الخ

– ناتج تصنيع المنتجات حيوانية المصدر: وتنتج من المجاز وتصنيع المنتجات الحيوانية مثل اللحوم والألبان والريش والأسماك…الخ

 

ونظرا لما يمكن أن تقوم به هذه المتبقيات في سد جزء كبير من الفجوة العلفية والغذائية للحيوانات الزراعية، فقد توصل البحث العلمي لإنتاج أعلاف غير تقليدية من المتبقيات الزراعية، من خلال تقطيعها وإثرائها ببعض المركبات الكيمائية أو الغذائية والتي تستخدم لتغطية العجز في الأعلاف وخاصة أن المتاح من المتبقيات الزراعية كبير بما يمكن أن يغطى جزء كبير من الفجوة الموجودة في الأعلاف الحالية. كما أجريت العديد من البحوث لاختيار انسب المعاملات لزيادة القيمة الغذائية للمتبقيات الزراعية غير المستغلة في تغذية الحيوان على مستوى المزرعة وعلى المستوى القومي على أن تكون هذه المعاملات سهلة وميسورة للمزارع مع تحاشى التكنولوجيا التي تحتاج لمهارات كبيرة في التطبيق وان تتم بتكاليف مناسبة وفى متناول المزارعين ومربى الحيوانات ولا يؤدى تنفيذها لمخاطر صحية سواء للحيوان الذي يتغذى عليها أو الإنسان الذي سوف يتغذى على منتحات الحيوانات من البان ولحوم وبيض.

إن خسائر عدم استغلال المتبقيات الزراعية على المستوى القومي تصل الى المليارات سنويا وتكفى لإنتاج كميات كبيرة من الأعلاف أو الأسمدة العضوية أو الطاقة. من اجل هذا فان فتح فرص عمل في مجال استغلال المتبقيات الزراعية يعتبر من المجالات التي يمكن أن تفتح العديد من فرص العمل الأخضر في الريف المصري وينعكس هذا الأمر على توفير كميات كبيرة من اللحوم والألبان والبيض بما يفتح فرص عمل موازية لتسويق هذه المنتجات وفى المقابل تقيل الاعتماد على الاستيراد واستنزاف العملة الصعبة.

 

استغلال الطاقة الشمسية في الزراعة

 

يمكن استخدام النهج الجديد لاستغلال الطاقة الشمسية في المشروعات التي تشمل الاستخدام الزراعي أو تركيبات الأسطح التي تجمع بين الأسطح الخضراء وتوليد الكهرباء من محطات الطاقة الشمسية، ويمكن جعل الجانب الزراعي أعلى أهمية وذلك من خلال تطويع الطاقة الشمسية في إدارة المياه في الزراعة وعمليات التجفيف للحبوب وغيرها من المنتجات التي يمكن تجفيفها مثل بعض المحاصيل الورقية والنباتات الطبية والعطرية…الخ. كما تتضمّن المنهجية الجديدة في استغلال الطاقة الشمسية، زراعة غطاء أرضي نباتي جديد أسفل المنشآت الشمسية وحولها، بصفتها موائل محتملة لتلقيح الحشرات أو للأنشطة الزراعية بما في ذلك تربية النحل وإنتاج الأعشاب الطبية. وسيوفر هذا النهج سلسلة من المزايا الإضافية مثل خفض تكاليف صيانة المساحات الخضراء في المجمعات الشمسية، والحد من مخاطر الحرائق، والتطوير المحتمل للأنشطة الزراعية الصغيرة، بالإضافة إلى العديد من المزايا الأخرى. ويوصى العلماء المهتمين بهذا الأمر إلى أن الغطاء النباتي الذي سيُزرع في مجمعات الطاقة الشمسية يجب أن يكون قادرًا على التكيف مع الظروف البيئية للأرض وندرة المياه ونقص التغذية. ويرى بعض العلماء في الجانب الأخر انه من الممكن أن تُزرع نباتات غير محلية، إلا أن حماية التنوع البيولوجي المحلي والمناظر الطبيعية تتطلب استخدام نباتات أصلية المنشأ”.

ووفقًا للدراسات التي جاءت لتقديم خدمات بيئية توفرها المجمعات الشمسية لتحقيق نهج مبتكر للجمع بين الحدائق الكهروضوئية الشمسية والإنتاج الزراعي وخدمات النظام البيئي”، لن تتطلب تربية النحل في هذه المواقع هياكل غازية، ويمكن وضع خلايا النحل على الأرض خلال مرحلة الإزهار. كما أوضح الباحثون المهتمون بهذا المجال، أن التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية يمكن أن تستمر بمرور الوقت حتى بعد تفكيك الأنظمة الكهروضوئية المثبتة على الأرض، ومن هذه النظم تربية النحل والتي تساعد في التغلب على مشكلة الزراعة الأحادية، ويوجد في إيطاليا أحد هذه النظم والتي من الممكن الرجوع إليها وتقييمها. علاوة أيضا على وجود مجموعة من خدمات النظم البيئية التي يمكن أن توفرها المجمعات الشمسية دون تدخل بشري إضافي، على أساس القيمة الجوهرية للنباتات في استدامة خدمات النظم البيئية. وسيؤدي ذلك إلى تحويل المجمعات الشمسية إلى مناطق شبه طبيعية أو حدائق كهروضوئية إيكولوجية زراعية، التي من شأنها أن تستضيف أنواعًا نباتية تزهر في أوقات مختلفة ليجري حصادها وتسويقها بصفتها أعشابًا طبية؛ علاوة على ذلك، قد تقلل الألواح الشمسية من الإجهاد المائي للنباتات، مع تحسين جودة التربة بفضل وظيفة التظليل الخاصة بها. ويشير مصطلح الخلايا الكهروضوئية الزراعية أو ما يعرف بنظام تقاسم الطاقة الشمسية، إلى استخدام الأراضي الزراعية بصفة متزامنة لإنتاج المحاصيل وتوليد الطاقة الكهربائية. وتشير الدراسات التي أجريت في هذا الشأن إن ما يميز الخلايا الكهروضوئية الزراعية عن منشآت الطاقة الشمسية التقليدية المثبتة على الأرض وجود مشروع زراعي في المنشأة. ولا يمكن التحدث عن الزراعة الكهروضوئية إذا لم يشارك أحد المهتمين بالمجال الزراعي في المشروع، أو إذا لم تكن هناك مزرعة مهتمة بزراعة التربة أو استخدامها. أضف الى ذلك استخدام الطاقة الشمسية في تشغيل المكيفات في المنازل والمنشئات الحكومية للتغلب على تأثير التغيرات المناخية على الإنسان.

السياحة الخضراء الإيكولوجية

كان مصطلح السياحة الإيكولوجية مرتبطا بتنظيم رحلات لزيارة المناطق الطبيعية، والسعي لتقليل الآثار البيئية وتطور استخدامه بمعاني مختلفة مثل السياحة البيئية، والسياحة الطبيعية، والسياحة الريفية وتعتبر السياحة الخضراء مكون رئيسي مرتبط بالتوجه نحو الاقتصاد المستدام، الذى يؤدي إلى تحسين رفاهية الإنسان و تحقيق العدالة الاجتماعية، وتقليل المخاطر البيئية، ويجب الأخذ بهذا النهج ولا بد أن يعي المستثمرون في المجال السياحي بأهمية تطبيقه وفهم قواعده ووضع التشريعات والأنظمة التي تنظم تلك العملية السياحية. ويهدف التوسع في مجال السياحة الخضراء إلى تقليل انبعاثات الكربون الناتج عن مصادر الطاقة التقليدية، والعمل على زيادة استخدامات الطاقة الجديدة في الفنادق والمنتجعات السياحية، خاصة أن ذلك يساهم في زيادة حصة مصر من السياحة البيئية والدولية الوافدة إليها خاصة من أوروبا. وتعد الفنادق الخضراء أحد أهم أشكال العلاقة المتبادلة بين السياحة والبيئة، فهي طرز تقام بالمناطق الطبيعية وتتميز بطابعها الاستجمامي والإحساس بخصوصية المكان ويعد هذا النوع من الفنادق هو الاتجاه السائد عالميا على الطلب السياحي كما أن المنشآت التي تحمل مفهوم العلامة الخضراء، هذا يعنى أنها تتخذ التدابير اللازمة للحفاظ على الموارد الطبيعية، بالإضافة لحماية النباتات والحياة البرية، والمساهمة في رفاهية المجتمع المحلى. ومن الأماكن التي يمكن اختيارها الفيوم لما تتمتع بتنوع بيئي وبيولوجي، كما أنها تحتفظ بالعديد من الحرف والصناعات البيئية والتراثية، هناك أيضا الوادي الجديد وسيوه وسيناء وغيرها من المناطق الريفية والبدوية والصحراوية والتي تنتشر على طول الجمهورية وتتمتع بخصائص متفردة ومتنوعة من منطقة لأخرى، ويتم ذلك من خلال تقديم الدعم للفنادق لكي تقوم باستخدام مصادر الطاقة المتجددة (النظيفة). لذا يمكن أن تساهم السياحة الخضراء في دفع التنمية المستدامة عن طريق خفض التكاليف وزيادة الإيرادات وخلق فرص العمل وتحسين كفاءة استخدام الموارد، ولا يمكن أن يكون هناك نمو اقتصادي في السياحة دون استدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية.

وتعرف السياحة الريفية بأنها كل الأنشطة السياحية التي تمارس خارج نطاق الحضر وليس بالقرى فقط، وتعد السياحة الريفية من أقدم الأنماط السياحية في العالم، ويعتبر نمط السياحة الريفية ذات إستراتيجية لخفض معدلات الفقر بالقرى. حيث إن الاهتمام والاستثمار في السياحة الريفية بمصر يساهم في نشر الثقافة وتحسين الدخل ورفع مستوي معيشة الفرد وتأثر أيضا في تقليل البطالة حيث مقومات المناطق الريفية بإقليم صعيد مصر تساعد على هذا النوع من السياحة ودمجه مع أنماط السياحة المعروفة. ويمكن أن تعد السياحة الريفية مصدراً لتحسين دخل الفلاح، بالإضافة لكونها وسيلة لتواصل وتفاهم أكثر بين أبناء القرى وأبناء المدن يحتاج الفلاح فقط إلى تخصيص مكان بشكل مناسب مثل الكرفانات الجاهزة أو التي يمكن تصنيعها من الحاويات (الكونينيرات) بما لا يحدث تعدى على الأراضي الزراعية.

على الرغم من تميز قرى مصر بتراث ثقافي طبيعي وبشرى فريد يمثل ميزة نسبية تنافسية، وعلى الرغم من أن معظم محافظات مصر ريفية إلا أن نمط السياحة الريفية غير مكتمل في مصر، مع كونه من أهم الأنماط السياحية الهامة جدا والواعدة مستقبلا. ولتحقيق نجاح لمثل هذا النوع من السياحة في مصر وتقديمه مرود جيد وناجح فهناك ضرورة لوجود بعض الاشتراطات والمقومات ليطلق على ما يقام من أنشطة نمط سياحة ريفية، فلابد من وجود أنماط معينة تشمل أماكن الإقامة، وإتاحة مسارات خاصة بالسير والرياضات بالريف، مع وجود أماكن محددة لممارسة أنشطة الحياة اليومية بالريف كالزراعة والحصاد، والمشاركة في عمل الصناعات الحرفية، كما يتوجب وجود العنصر البشرى المؤهل لجعل الأنشطة ضمن السياحة الريفية، السياحة الريفية تركز على المشاركة بنشاط في نمط الحياة الريفية حيث يمكن للعديد من القرى تسهيل السياحة تعتبر الدول الأوربية تعمد على هذا النوع من السياحة بسبب توافد السائحين الى هذه الأماكن حيث الطبيعة والهدوء والهروب من الضوضاء والضغوط اليومية ومنهم النمسا وسويسرا وألمانية وبريطانيا بسبب بيئتهم التي تساعد في جذب السائحين لزيارة هذه المناطق البيئية والعمل على تحسين اقتصاديهم، لان الأنشطة السياحية في المناطق الريفية لها عائد ضخم وتنشيط جميع المجالات، وقد اكتسب القطاع السياحة أهمية في توليد المهن غير الزراعية في المناطق الريفية، وانسجام البيئة والاستمتاع بالطبيعة والمناظر الخلابة التي تساعد في الراحة النفسية، أيضا تناول الأطعمة الصحية، بالإضافة فى أحياء الحرف اليدوية والفن الشعبي، وانتشر الوعي والثقافة والاهتمام بالتراث البيئية والمعالم الطبيعية ورفع كفاءة البنية التحتية وتحسين رفاهية السكان المحليين.

وتمتد السياحة الإيكولوجية لتشمل التمتع بها وتقديرها، وتوفير المشاركة الاجتماعية والاقتصادية، ومع تزايدها، يودي ذلك لارتفاع الطلب على هذا النوع من السياحة واستغلال مواردها وتحقيق الحماية البيئية وتحسين الاقتصاد، ونشر التعلم والثقافة بين الشعوب، ونقل الخبرات والانخراط بشكل إيجابي في المجتمع والحفاظ على البيئة ومواردها تشجع رواد الأعمال علي الاستثمار في هذا المجال وتوسيع البقعة السياحية الخضراء مما يؤدي إلى مزيد من التحسينات في برنامج السياحة البيئية واستخدام تدفق رأس المال في تطوير البنية التحتية والتعليم والممارسات الصحية، وتركز السياحة الإيكولوجية على الأنشطة التجارية المحلية وتعزز المنتجات المحلية هنا تزداد القيمة الجوهرية للبيئة، إلى جانب القيمة الاقتصادية، الحفاظ على القدرات الثقافية والعائدات واستخدام الأراضي البيئية وتحقيق الأهداف التنمية المستدامة والتنوع والتأقلم في الاقتصاد المحلي وتوفر العملات الأجنبية دفع عجلة الإنتاج في جميع القطاعات يجب على المستثمرين في السياحة الريفية أن يضع في اعتبارهم أهمية القيمة الرئيسي من هذا القطاع وهي السياحة الخضراء، وأن يعمل على تحسين جودة خدماتهم ومنتجاتهم والتي من خلالها يمكن تحديد فرص النمو وتحسين جودة الخدمات ويجب أن يدخل التسويق لهذا النوع من السياحة لبؤرة الاهتمام.

المشغولات اليدوية

تنعكس أهمية الحرف والصناعات اليدوية في أنها تدل على جوانب الهوية الوطنية للدولة المنتجة للحرف والصناعات اليدوية. ولقد وصل حجم التجارة العالمية للحرف اليدوية والتقليدية الى ما يفوق ‏100‏ مليار دولار، ومن هنا يمكن أن تحقق مصر مكاسب مادية رائعة من اهتمامها وتدعيمها للحرف اليدوية. وتحتل الحرف اليدوية والصناعات التقليدية مساحة واسعة من التراث المصري حيث يعتمد فيها الصانع على مهاراته الفردية الذهنية واليدوية، باستخدام الخامات الأولية المتوفرة في البيئة الطبيعية المحلية أو الخامات الأولية المستوردة. وقد أدركت كثير من البلاد أهمية استثمار تراثها الحرفي، فعملت على إقامة آلاف الورش والمصانع. وبالتالي إلى خلق مئات الألوف وربما الملايين من فرص العمل لشبابها، وإلى فتح أسواق لتصريف منتجاتها في كل مكان، ما جعلها تتحول من دول فقيرة، أو دول مستهلكة لما ينتجه غيرها من أزياء وأثاث ومفروشات وأدوات منزلية وكافة احتياجات الحياة اليومية، إلى دول غنية من عائد تصدير منتجاتها الغزيرة من الحرف اليدوية لمختلف أنحاء العالم، إضافة إلى تعميقها للبعد الثقافي كدول ذات إرث حضاري يجعلها تقف باعتداد أمام الدول المتقدمة في عصر العولمة، بلا ميزة تنافسية غير إبداعها الشعبي‏.‏

تتميز مصر بتوافر العديد والعديد من الخامات الأولية التي يمكن استخدامها في المنتجات اليدوية الصديقة للبيئة منها على سبيل المثال لا الحصر ألياف الموز، جريد النخيل وسعف النخيل، صوف الأغنام الذي يستخدم في أعمال السجاد المصري، ريش الطيور، جلد الحيوانات، العظام، النسيج على النول، أعمال الزجاج، الورق والبرديات الفرعونية والتماثيل الفرعونية، كذلك التطريز المصري (فن التُّلِّي) الذي يستخدم الخيوط المعدنية الفضية أو الذهبية اللامعة التي اعتادت النساء في صعيد مصر التطريز به، الزخارف المعمارية وأعمال الفخار، علاوة على أعمال النحاس والنقش على النحاس وغيرها من الحرف اليدوية التي منها ما اندثر ومنها ما هو على شفا الاندثار ويحتاج الى إعادة النظر والاهتمام بتلك الأشغال اليدوية التي نحتاجها ويمكن تصديرها الى الخارج مما يساعد في فتح فرص عمل وتحسين دخول الفلاحين.

إن الحفاظ علي الحرف اليدوية يحتاج الي اتخاذ مجموعة من الإجراءات منها ضرورة تكثيف الحملات الإعلامية التي توضح أهمية هذه الحرف ويمكن استغلالها بشكل أمثل محليا‏، أما بالنسبة للمجتمع الخارجي فتنشيط هذه الحرفة يكون عن طريق الوسائل الحديثة وهي الإنترنت وإنشاء مواقع الكترونية تدعم الحرفة عالميا‏، كما يجب إنشاء مؤسسة وطنية كبرى ترعى هذا النشاط وتستقطب إليه المستثمرين ليقيموا عشرات المراكز الحرفية للتدريب والإنتاج والتسويق داخل مصر وخارجها، ويجب على رجال الأعمال رعاية مراكز وجمعيات ومشروعات لتنمية الحرف التقليدية والتي يمكن أن تعود عليهم بعائد إقتصادي كبير مثلما حدث لكثير من دول العالم ومنها تلك التي تغزونا بمنتجاتها اليوم. وهناك عائلات في الريف تبحث عن مصادر دخل ويمكن استغلال ذلك بتعليم كل الشباب والسيدات وأرباب البيوت هذه الحرف من أجل زيادة الطاقة الإنتاجية وتحقيق أرباح جيدة،‏ ولكن بشرط توفير كوادر للقيام بعمليات التدريب والخامات اللازمة والأهم من ذلك ضرورة فتح أسواق في أماكن مختلفة بحيث يمكن تسويق هذه المنتجات مهما كان حجمها‏.‏ ويجب مراعاة خصوصية كل محافظة بحيث يتم تدريب الناس على الحرف ذات الخامات المتوفرة بكل محافظة من أجل الحفاظ على الخامات في كل المحافظات والحرف أيضا‏.‏