دفوزي أبودنيا يكتب : مواسم استهلاك اللحوم الحمراء وأزماتها

26 يونيو، 2022 - بتوقيت 2:08 م

المدير السابق لمعهد بحوث الإنتاج الحيواني

 

لا يعتبر الشعب المصري وحيدا أو متفردا لبطولة قصة استهلاك اللحوم إنما هي بلا أدنى شك قصة كل شعوب الأرض والتي تتلخص في مواسم استهلاك اللحوم. اللحوم من الأغذية الحيوانية مرتفعة القيمة الغذائية ومصدر أساسي للبروتين نظرا لاحتوائها على الأحماض الأمينية الأساسية التي تفتقر إليها الأغذية النباتية بنفس القدر والتي لها دور هام في صحة وحياة الإنسان لذا تفرد هذا الاحتياج بان تهتم به أكبر المنظمات العالمية المتخصصة في الغذاء في العالم وهي منظمة الأغذية والزراعة الفاو والتي حددت سلة للبروتين الحيواني التي يمكن أن تغطى 36 جم بروتين حيواني يحصل عليها الإنسان يوميا لتغطى احتياجاته، لذا أوصت بان يكون نصيب الفرد من اللحوم الحمراء 33 كجم /عام، ومن الألبان 230 كجم /عام، من البيض 60 كجم /عام، ومن اللحوم البيضاء – 10.4- كجم /عام ومن الأسماك 45 كجم /عام. ومن هنا يأتي الاهتمام المتزايد للدولة المصرية بتنمية الثروة الحيوانية لتوفير احتياجات الفرد المصري من البروتين الحيواني. وفى الواقع أن لكل شعب مواسمه وأعياده واحتفالاته حيث تتجه أنظار الناس الى زيادة الإنفاق بغية إمتاع النفس وإشباعها برغباتهم الغذائية. فعلى الرغم من أن طيلة العام توجد أفراح وأتراح ومناسبات عدة يتم فيها ذبح الحيوانات لإعداد الأطعمة الشهية من اللحوم. إلا أن الأمر يكون مختلف بمصر في شهر رمضان المبارك وعيد الفطر والقفزة الكبرى في العيد الأضحي المبارك أعاده الله على الشعب المصري جميعا بالخير واليمن والبركات، حيث يكون إستهلاك اللحوم على أشده وفى ذروته وينتابنا جميعا اندفاع قوى لشراء اللحوم من القصابين (الجزارين) أو ذبح الحيوانات وإعداد الأطعمة ودعوة الأهل والأقارب والصحاب لموائد الطعام. الأضحية بالنسبة لنا كمصريين فرحه لا تدانيها فرحه لنا وللأولاد والعائلة والجيران، فرحة تجمع كل قلوب المصريين على المحبة والود والتالف والتقارب والمودة. في هذه المناسبة الكريمة العزيزة على قلوبنا سوف تذبح الكثير والكثير من الأضاحي خارج السلخانات الحكومية لكنها تحت سمع وبصر الحكومة التي لا تستطيع أن تفعل شيء، فالوزير بجانب الغفير قد اشترى الأضحية واستعد ليستدعي الجزار، فهذا موسم الجزارين، ويتم ذبح الأضاحي وتوزيع لحومها على الأقارب والفقراء وهى عادة إسلامية جميلة تشيع روح المحبة والترابط المجتمعي بين القادرين وغير القادرين، فلا حرمنا الله منها ولا من ترابطنا ولا حرمنا برها وخيرها صيبها ونفعها. إن هذا التزاحم على شراء الأضاحي والطلب المتزايد على الحيوانات يزيد في ارتفاع أسعارالأضاحي لكنه أيضا يتسبب في زيادة أسعار اللحوم بشكل عام. فكما قلنا تستهلك مصر في مثل هذه المناسبات الثلاث المذكورة سلفا اكثر من 60% من استهلاك اللحوم في مصر (خلال شهرين من السنة من بداية رمضان وحتى نهاية عيد الأضحى) وهذا رقم تخميني لان لا احد يستطيع أن يحصر أو يجزم بالعدد والكم من الأضاحي التي تم ذبحها أو الاستهلاك في المناسبات الأخرى مثل الذبح في الأفراح، الذبح في المآتم، الذبح للنذور، الذبح للأضاحي، لموائد رمضان، الذبح للضيافة، الذبح للعائلة، الذبح للعقيقة للمواليد. فيما يظل الجزء الباقي تستهلكه مصر على مدار أشهر العام. والشكوى من ارتفاع أسعار اللحوم خلال هذه الفترات من المناسبات العامة أمر طبيعي نتيجة زيادة الطلب والاستهلاك. صحيح أن الأحداث العالمية الجارية لها دور نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على الأعلاف وكذا إنشار كوفيد-19 الذى يؤثر على حركة النقل العالمي في نقل البضائع ومنها خامات الأعلاف التي نعانى ندرة منها ونستوردها من الخارج وكذا باقي مستلزمات الإنتاج. من اجل ذلك لابد أن يكون حاضر دائما فريق أزمة يضع الخطط والحلول للطوارئ والأزمات وتجهيز الاستعدادات لمثل هذه المناسبات حتى نستطيع أن نسيطر الى حد كبير على تحرك أسعار اللحوم وحتى يكون هناك للفقراء فرصه للحصول على نصيبهم من الاحتياجات الغذائية من البروتين الحيواني. حفظ الله مصر وشعبها وكل عام والمصريين جميعا في خير وود وسعادة