د. فوزى ابو دنيا يكتب : هل عمدا أم عن سوء نية؟المهمشين فى مؤتمر ” التحديات الزراعية فى عصر كورونا

12 يوليو، 2020 - بتوقيت 1:38 م

 

المدير السابق لمعهد بحوث الانتاج الحيواني

سقط سهوا أم سقط عن عمدا؟ أن يكون هناك ممثلا للمعهد المسئول عن الإنتاج الحيوانى فى مصر (معهد بحوث الإنتاج الحيوانى والدواجن). قلنا مرارا وتكرارا وسنظل نقول ونكرر طالما فينا أنفاس تدلف لأجسادنا، أيها السادة أن الزراعة طائر يطير بجناحين لايمكن أن يستغنى أحدهما عن الأخر، الأول هو جناح الإنتاج النباتى والثانى هو جناح الإنتاج الحيوانى بما يضمه من ريشات طوال تعمل كميزان طيران للطائر وهى ريشات التحسين الوراثى والأعلاف والتغذية والرعاية والإسكان وعلاقة الحيوان بالبيئة وعلاقة البيئة بالحيوان وكذا ريشه التكاثر والإنتاج لضمان إستمرار الأنواع ثم تأتى الريشات الأقصر الخاصة بالتشخيص و وضع سبل الوقاية أولا وقبل التوجه للعلاج، وأن جسد الطائر الذى هو الأرض الغالية بما يضمه من أجنحة فهى الواصل والموصول والذى يصنع حلقات الواصل بين الجناحين وأن ريش الذيل يمثل باقى الأنشطة الزراعية من ميكنة وتصنيع ومقاومة …الخ من الأنشطة التى تخدم مجالى الإنتاج النباتى والحيوانى على السواء فى آن واحد. إن الدورة الطبيعية والعلاقة الأزالية بين النبات والحيوان والأرض والتى خلقها الله تعالى و إستمرت لآلاف السنين يحافظ عليها الإنسان حفاظا على حياته. وقد أطل علينا و أظلنا زمن جائحة كورونا ونحن على ما نحن عليه فإزدادت الأثار أثارا وأمتدت التبعات لتحتضن سنوات تالية قد تطول أو تقصر بتأثيرها على غذا الإنسان، وكان من باب أولى للمنسقين للمؤتمر أن يدعو ويعطو فرصة للمتخصصين فى مجال الإنتاج الحيوانى لعرض رؤيتهم فى هذه الأزمة وإدارتها ورؤتهم للتطوير فى هذا المجال والأثار التى تعرض ويتعرض لها فروع الثروة الحيوانية فى مصر من حيوانات ودواجن وأسماك.

ففى مجال الدواجن الذى وصلنا بالفعل فيه لتحقيق الإكتفاء الذاتى لكنه تحقيق هش لاينتج منه من السلالات المحلية مايزيد عن 25-30% من الناتج على أكثر تقدير وبالتالى فإننا فى هذا الصدد معرضين لنسبة مخاطرة 70 : 75% هى حجم الطيور غير المحلية التى نستوردها من الخارج الذى يمكن أن يغلق عليك المحبس فى أى وقت، وبالتالى فإن أى جائحة أو مخاطر يتعرض لها العالم مثل جائحة كورونا فإننا بين عشية وضحاها يمكن أن نكون فى خبر كان. فتخيل عزيزى القارىء إنخفاض إنتاج الدواجن عالميا وأن الدول التى نستورد منها سلالات أو كتاكيت سوف تضعنا فى حسبانها قبل مستهلكيها أو قبل الدول التى هى أكثر ارتباطا وعلاقة بها. لذا فإنه من الواجب علينا أن تجعلنا جائحة كورونا نعيد النظر بشكل صحيح فى هذا المجال بشكل علمى وأكثر إحترافية وخفض درجة المخاطر لادنى مستوى يمكن أن يكون.

أما فى الثروة السمكية التى يمكن أن يكون لمصر فيها يدا طولا وباع كبير فما زالت تعانى من عشوائية فى إدارة المجال ونقص فى الخبرات. ففى الوقت الذى يقفز فيه إنتاج العالم الخارجى من المتر المكعب للمياه الى حدود غير مسبوقة ولاعلى المستويات فإننا نفتقد إلى الخبرات الفنية التى تجعلنا نحقق ذلك المستوى العالمى فى وحدة المياه، علاوة على الحفاظ وتحسين مواردنا الوراثية فى هذا المجال ولا إريد هنا التحدث عن تجربة البلطى ولله الحمد على كل شيىء، الى امور اخرى كثيره.

أما عن الحيوانات المجترة فحدث ولا حرج، لاخطط ولا رؤية وانهيار تام فى البنية الاساسية لمحطات الانتاج الحيوانى الحكومية نفسها والتى من المفروض أن تكون نبراس يحتذى به فى كلا من القطاع الإستثمارى والقطاع الريفى. 

إننى أعتقد أيها السادة أن نسيان المتخصصين فى مجال الإنتاج الحيوانى بمعهد بحوث الإنتاج الحيوانى هو أكبر دليل على الإهمال المتعمد والجسيم فى حق المجال لأساطين المهنة المهمشين ومن أجل ذلك وقع الإنتاج الحيوانى كنتيجة لهذا الأستبعاد المتعمد فى السنوات السابقة ومازال. إننى أتسائل وأعود لأتسائل لصالح من ياسادة أن تغيب رؤية الإنتاج الحيوانى جناح الزراعة المبتور عن هذا المؤتمر؟ ومن المتسبب فى ذلك؟ وكما سئلت فى أول المقال هل هو عند قصد؟ أم عن جهل؟ وفى كلا الأمرين فإن العذر أقبح من الذنب، وأن الأمر أصبح جد خطير. ولا أريد أن يخرج علينا المسئول ليقول لست المنظم للمؤتمر فهذه إضحوكة وفضيحة كبرى بكل المقاييس لإنه يمكنك أن تقاطع المؤتمر لأنه يقاطع جزء أصيل منك يا أيها المسئول الهش.

لقد أصبح لوزارة الزراعة نائب وزير لمجال الإنتاج الحيوانى وهو الأمر الذى كان غير موجود من قبل وليتهم لم يبتدعو هذا المنصب فمن الواضح أنه أصبح منصب لاحاجة إلية وهذا المؤتمر أثبت ذلك بالدليل القطعى. وهناك رئيس لمركز البحوث الزراعية الذى أعتقد أنه نسى فى خضم المسئوليات الجسام أن هناك معهد يسمى معهد بحوث الإنتاج الحيوانى وهو ضلع أصيل ضمن هيكل المركز الإدارى، وهناك أيضا مدير مسئول عن معهد بحوث الإنتاج الحيوانى لم يبحث عن مكان المعهد فى المؤتمر ولا أعرف بالضبط ماذا أنساه. للاسف وللأسف الشديد لقد غاب عنهم جميعا أن خبراء المهنة فى الإنتاج الحيوانى (واركز هنا على كلمة الإنتاج) جزء أصيل من المنظومة الزراعية والإنتاج الزراعى لتوفير الإحتياجات البشرية من البروتين الحيوانى من خلال سلة الأنواع الحيوانية الموجودة فى مصر.

لماذا لم تعطى الفرصة كى يسهم هؤلاء فى عرض رؤية الإنتاج الحيوانى ماقبل وفى خلال وما بعد جائحة كورونا، وما هى المعوقات والمؤثرات التى تعرض ويتعرض لها المجال من إنتاج ومستلزماته وتسويق ومشتملاته من عوائد إجتماعية وإقتصادية وزراعية وبيئية سواء على مستوى الفراد أو على المستوى القومى، وكذا مايشمله من عماله تعمل فى هذا المجال بلا كلل أو ملل لكنها فى نهاية الأمر تحتاج إدارة حكيمة تعرف بأهمية المجال ومكانة الخبراء وتعرف كيف تديره. إننى فى هذا السياق أحمل المسئولية كاملة وغير منتقصة لكل من السيد نائب وزير الزراعة للإنتاج الحيوانى والسيد ا.د. مدير مركز البحوث الزراعية ووكيل إنتاج المركز والسيد ا.د. مدير معهد بحوث الإنتاج الحيوانى. وهى رسالة أبعثها لسيادة معالى وزير الزراعة ورئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية.