د عماد عبدالعزيز يكتب : بعض المماراسات الزراعية المستدامة للحد من آثار التغيرات المناخية في مصر

25 أكتوبر، 2022 - بتوقيت 6:22 م

رئيس قسم الزراعية الحيوية – معمل المناخ الزراعي – مركز البحوث الزراعية

 

في ظل تزايد الإهتمام العالمي بقضية المناخ أصبح الإقتصاد الأخضر Green Economy مصطلح جديد تسعى معظم الدول المتقدمة و النامية الى تطبيقه، و يعرف الاقتصاد الاخضر طبقاً لتعريف الوكالة الدولية للطاقة (2012)على أنه فصل الإستخدام غير المستدام للموارد و التأثيرات البيئية عن النمو الإقتصادي، و في المجال الزراعي هناك العديد من الممارسات غير المستدامة في حاجة الى احلالها بأخرى مستدامة، فعلى سبيل المثال يهدد الاستخدام المستمر للأسمدة الصناعية تطبيق أنظمة الزراعة المستدامة الحديثة، حيث تزيد هذه الممارسات من انبعاثات غازات الإحتباس الحراري والمخاطر الصحية والبيئية و حتى مع اتباع إجراءات التخفيف تظل تبعات استخدام هذه الاسمدة غير موثوقة. لذلك استبدال الأسمدة الصناعية بأسمدة حيوية أو عضوية سيعمل على تعظيم محتوى التربة من الكربون و اعادة تخزينه فيها و تقليل انبعاثات الغازات خاصة من الأسمدة النيتروجينية. كما تمثل المخلفات الزراعية خطراً بيئيا أصبح لزاماً على صانعي القرار الإهتمام و التوسع في عملية إعادة تدوير مخلفات المحاصيل و استخدام التقنيات الحديثة للوصول الى Zero waste”” و هو مصطلح هام من مصطلحات الاقتصاد الدائري Circular Economy الذي يهدف لتقليل المخلفات عموماً الى أقل مستوى ممكن عن طريق اعادة إستخدام نواتج تقنية مل كمدخلات في في تقنية أخرى. و من التقنيات الحديثة في إطار التنمية المستدامة استخدام الاسمدة بطيئة التحلل التي هي عبارة عن نوع من الأسمدة تحتوي علي عنصر أو أكثر من العناصر الغذائية الضرورية والمفيدة للنبات تصنع بطريقة يمكن من خلالها التحكم في درجة ذوبانها في التربة وبالتالي معدل انطلاقها وامتصاصها بواسطة النبات طوال فترة حياته، و كذلك استخدام اضافات الاسمدة الكيماوية مثل النيتروبيرين Nitropyrin و هي مادة يمكن إضافتها إلى الأسمدة القائمة على الأمونيا اليوريا والسماد الطبيعي للحد من ترشح النيتروجين او انبعاثاته والاحتفاظ بالأمونيوم في التربة لتعظيم انتاجية المحاصيل، كذلك استخلاص عنصري النيتروجين و الفسفور من المخلفات العضوية التي تم هضمها لاهوائياً في مفاعلات حيوية Bioreactors بطريقة البيوتشار المعدل و استخدامها في التسميد، و استخدام الهضم اللاهوائي anaerobic digestion أيضاً لإنتاج الطاقة و انتاج اسمدة عضوية من المخلفات الزراعية و الحيوانية.
كذلك تطبيق التكنولوجيات الحديثة في انتاج المنتجات الحيوية الميكروبية سواء المستخدمة في التسميد او المقاومة الحيوية و التي نجد انها في ضوء تغير المناخ اصبحت في حاجة لإعادة التقييم او اصبحنا في حاجة لإنتاج منتجات جديدة. للوصول الى ذلك لابد من عمل تحليللات شاملة لتوزيع العناصر الغذائية في التربة كالنيتروجين و الفسفور و الكربون و البوتاسيوم و غيرها و دراسة مدي الاستقرار والتوافر البيولوجي للعناصر الميكروبية التي لها تأثير حيوي في اثراء النمو الخضري و زيادة انتاجية المحصول، فحتى الآن لا تو جد دراسة شاملة لمدى انتشار الأجناس المختلفة لفطر الميكوراهيزا الذي ثبت علمياً أثره الإيجابي المباشر على مختلف المحاصيل و الذي لو وضعت استراتيجية لتطبيقىه و حدة بعد عمل الدراسات اللازمة لساهم بشكل فعال في تقليل الأسمدة الفوسفاتية و كثير من المغذيات الصغرى الهامة التي تعاني نقصاً في الأراضي المصرية كالزنك، كما يساعد على تقليل المقننات المائية لكثير من المحاصيل و بالتالي التوفير في مياه الري. كما يعمل على تحسين خواص التربة و زيادة محتواها من الكربون خاصة عند استخدامها بالتكامل مع الأنواع الميكروبية المفيدة الأخرى. و كل هذا له اثاره على قضية المناخ خاصة بعد ثبوت أن تطبيق هذه الأنواع من الميكروبات يزيد من قدرة المحاصيل على تحمل التغيرات المناخية المفاجئة.
و مما سبق لابد من التوجة السريع نحو التوسع في انشاء وحدات انتاج الأسمدة العضوية و الحيوية المختلفة و التوسع في انشاء نماذج مختلفة من المصافي الحيوية Biorefineries و التي تمثل صيحة عالمية حديثة، فهي مصافي تشابه المصافي المستخدمة في صناعة البترول مختلفة السعات و لكن تستخدم لتحويل الكتلة الحيوية Biomass للمخلفات الزراعية و ما تحتويه من سيليولوز و هيميسيليولوز و لجنين و نشا و دهون و بروتينات عن طريق الميكروبات المختلفة سواء بكتيريا او خمائر او طحالب الى العديد من المنتجات ذات القمية الأقتصادية العالية مثل انتاج مركبات كيماوية هامة صناعياً كالأحماض مثل اللاكتيك و السكسينيك و الليفولينك، و الكحولات مثل الإيثانول و البيتانول، و المواد الخافضة للتوتر الحيوي مثل رامونوليبيد و السيرفاكتين، و غيرها بالإضافة الى الحصول على طاقة و ذلك للوفاء بالإحتياج المتزايد عالمياً لتنويع مصادر الطاقة.
أيضاً التوسع دراسات Life cycle assessment (LCA) و هو أسلوب لتقييم الجوانب البيئية المرتبطة بالمنتج على مدى دورة حياته، و هي دراسات اصبحت ضرورية لكل المنتجات الزراعية خاصة الحيوية منها سواء سماد او مبيد لتحديد مدى مساهمتها في الانبعاثات الضارة.
من خلال العمل البحثي المستمر في كل هذه المجالات يمكن إطلاق نماذج بيوجيوكيميائية جديدة واستخدام تقنيات حديثة متكاملة للوصول إلى استراتيجيات زراعية قليلة الإنبعاثات خالية من المخلفات خاصة عند تطبيق مبدأ من المخلفات إلى الطاقة .Wastes to Energy (WtE) و ذلك مع السعي على الحفاظ على مستويات إنتاجية المحاصيل دون نقصان و /أو العمل على زيادتها.