دأيات ابراهيم تكتب : تقليل الفقد والهدر في الغذاء

4 ديسمبر، 2022 - بتوقيت 4:42 م

 

قسم الأغذية الخاصة – معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية

 

الفاقد الغذائي هو الإنخفاض في كمية الغذاء الصالحة للأكل في مرحلة سلسلة الإمداد الغذائية والمخصصة للاستهلاك البشري. ويحدث الفاقد الغذائي في مراحل الإنتاج وما بعد الحصاد والتجهيز وهو الغذاء أو المحصول الذي يتلف أو يفسد قبل أن يصل الي المستهلك فى مرحلة الانتاج الغذائي ويحدث الفاقد أثناء الإنتاج والحصاد والتداول والتصنيع والتوزيع فى السلسلة الغذائية بسبب ضعف تقنيات الحصاد مثل حصاد الطماطم في مراحل غير مناسبة من النضج أو استخدام معدات حصاد ميكانيكية قديمة بدون صيانة وكذلك إتباع الممارسات الغير جيدة في الإنتاج والحصاد و التداول والتعرض للحرارة وأشعة الشمس وعدم فعالية نظم التسويق وعدم وجود وحدات ومعدات للتصنيع الغذائى بالقرب من مناطق الإنتاج وتعتبر الأغذية التي تتساقط على الأرض أو تتعرض للتلف قبل وصولها إلى مرحلة المنتَج النهائي أو مرحلة البيع بالتجزئة أغذية مفقودة. أما الهدر الغذائي فيحدث في نهاية السلسلة الغذائية مثل تجارة التجزئة والإستهلاك النهائي. وهذا هو الفرق بين الفاقد الغذائي والهدر الغذائي ولتقليلهما علينا ان نتعرف علي معني مصطلح الامن العذائي.
الأمن الغذائي
مصطلح الأمن الغذائي يعني الارتباط الوثيق بين كل من الغذاء والأمن، فالغذاء هو أهم أحد احتياجات الإنسان الضرورية، فالإنسان لا يستطيع الاستغناء عن الغذاء أو الصبر على الجوع. فإذا لم يتوفر الغذاء بشكل يستطيع الناس الحصول عليه اضطربت الشعوب وثارت…مما يؤدي إلى الفوضى واختلال أمور الأمن في البلاد، ولذلك فإن توفير الطعام لفئات الشعب، بأسعار تناسب دخولهم يساعد على استتباب الأمن في المجتمع. فالأمن الغذائي لبلد هو حالة استقرار وضع المواطنين الغذائية.
الأثر الإقتصادى للفاقد الغذائى على الأمن الغذائى العربى
يؤثر الفاقد الغذائي اقتصادياً بشكل مباشر وسلبي على دخل المزارعين والمستهلكين على حد سواء، حيث أن العديد من أصحاب الحيازات الصغيرة يعيشون على هامش انعدام الأمن الغذائي، لذا فإن الحد من الفاقد الغذائي قد يكون له تأثير كبير على سبل المعيشة. كما يجب أن نلاحظ أن انعدام الأمن الغذائي يكمن في كثير من الأحيان في مسألة الوصول (القدرة الشرائية وأسعار المواد الغذائية) بالنسبة للمستهليكن فيمكن أن يساعد تحسين كفاءة السلسلة الغذائية على خفض تكاليف الأغذية للمستهلك وبالتالي زيادة الوصول إليها (أي انخفاض أسعار بيعها وبالتالي إمكانية شراؤها).
تقليل الفاقد والهدر في الغذاء
تقليل الفاقد والمهدر من الأغذية يؤثر ايجابيا علي المناخ والأمن الغذائي والأنظمة الغذائية من سوء التغذية والجوع. أدى انتشار جائحة كوفيد-19 على مدار عامين، وتغير المناخ والحرب في أوكرانيا إلى تعطيل نظمنا الغذائية العالمية مما دفع الملايين إلى المعاناة من انعدام الأمن الغذائي.
وبحسب تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم (SOFI) لعام 2022، ارتفع عدد المتضررين من الجوع على مستوى العالم إلى ما يصل إلى 828 مليوناً في عام 2021 بزيادة قدرها حوالي 46 مليوناً منذ عام 2020 و150 مليوناً منذ عام 2019. والتقرير اوضح ايضا وجود 3,1 مليار شخص في جميع أنحاء العالم لا يحصلون على نظام غذائي صحي. كما يستمر فقدان حوالي 14 في المئة من الغذاء في العالم، بقيمة 400 مليار دولار في السنة بعد حصاده وقبل أن يصل إلى منافذ البيع بالتجزئة، بل ويهدر 17 في المئة اي ما يقرب من 931 مليون طن من الغذاء في منافذ البيع بالتجزئة ومن قِبل المستهلكين. كما يحدث الكثير من عمليات إهدار الطعام هذه في داخل منازل الأسر المعيشية.
نتائج الفقد والهدر في الغذاء
يساهم الفقد والهدر في الغذاء في كل خطوة في نظام الإمداد الغذائي بدءاً من الإنتاج ومروراً بالمناولة والنقل والتخزين والتوزيع في حدوث التغير في المناخ نتيجة الغازات المتولدة بغض النظر عما إذا كان الطعام المنتج قد تم استهلاكه أو التخلص منه أو إهداره.وتعمل معالجة الأغذية وتعبئتها، بجانب النقل تعمل علي أعلي انبعاث للغازات فعلى سبيل المثال، يؤدي شحن الفواكه والخضروات إلى مضاعفة الانبعاثات المرتبطة بالإنتاج بسبب ضرورة نقل كميات كبيرة من الأغذية في بيئات يتم التحكم في درجة حرارتها. إن فقد الأغذية وهدرها يعد مسؤولاً عن 8 إلى 10 في المئة من الغازات مما يساهم في مناخ غير مستقر وأحداث مناخية شديدة مثل الجفاف والفيضانات. تؤثر هذه التغييرات سلباً على غلة المحاصيل وتسبب اضطرابات وتهدد الأمن الغذائي والتغذية.
إن إهدار الغذاء، في الدول المتقدمة، يسهم بشكل مباشر في إحداث مشكلات مناخية تؤدي إلى انتشار ظاهرة الجوع بين ملايين من البشر. هذا هو السبب في أن تقليل هدر الغذاء إلى النصف بحلول عام 2030.
دور القطاع الخاص فى مجال الزراعة لتقليل الفاقد والهدر
إستخدام أحدث التقنيات فى الإنتاج الزراعى للحد من الفاقد ونقل التكنولوجيا المتطوره من وإلى المزارع العربية من خلال زراعة أصناف جديدة مقاومة للأمراض والتغيرات المناخية واستخدام الميكنة الحديثة في الزراعة والحصاد واستخدام وسائل الري الحديث مما يقلل الفاقد في مرحلتي الإنتاج والحصاد.
توفير وسائل النقل الحديثة والمبردة لتقليل مرحلة الفاقد في النقل حيث انها تعتبر من اعلى مراحل الفقد في أكثر المجموعات الغذائية. كذلك العمل على تطبيق مواصفات الجودة عند إنشاء محطات الفرز والتعبئة وكذا ثلاجات التبريد والتجميد واعتماد هذه المحطات وفقاً للمواصفات الدولية, ويراعى عند إنشاء المخازن تطبيق نظم الجودة وان تتوافق مع المواصفات الدولية من حيث اختيار المكان ووسائل الأمان والحماية وتطبيق مواصفة الهاسب في هذه الأماكن.
إقامة مشروعات التصنيع الزراعى بأماكن الإنتاج لإستيعاب الإنتاج فى فترات الوفرة الشديدة وحماية سعره من التدنى وزيادة القيمة المضافة للمنتجات العربية مما يؤدي إلى خفض الواردات وتقليل الفاقد لاستخدامه في التصنيع.
دور الجامعات ومراكز البحوث لتقليل الفاقد والهدر
يتمركز دور الجامعات والمراكز البحثية في إجراء البحوث اللازمة لإنتاج أصناف جديدة تفى بالغرض المطلوب وتتحمل عوامل التلف وتقلل من الفاقد. إجراء دراسات للعمل على وضع خرائط لتوزيع الإنتاج الزراعى فى أهم مناطق الإنتاج معتمدة على المناخ العام والموضعى وتعميق بحوث أثر التغيرات المناخية. البحث الدائم فى طرق جديدة من شئنها تقليل الفاقد فى جميع مراحل الإنتاج مع جميع أنواع المحاصيل الزراعية. وضع المقررات الدراسية اللازمة بكليات الزراعة والطب البيطري والمدارس الفنية الزراعية لدراسة الممارسات الزراعية الجيدة وكذا أهمية الفاقد في الإنتاج الزراعي في المراحل المختلفة لرفع كفاءة الخريجين والعاملين في هذا المجال.
وختاما فإن تعزيز الصناعات الزراعية هو الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تساعد على تحقيق القضاء على الجوع. وهذا من شأنه أن يحد من الفواقد في المنتجات الزراعية، ويشجع المزارعين على إنتاج محاصيل عالية الجودة التي يمكن استخدامها إما للتصدير أو للتصنيع.