دعاطف سعد عشيبة يكتب : الفساد الميكروبي للحوم ومنتجاتها

30 ديسمبر، 2022 - بتوقيت 11:29 ص

وكيل معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية للإرشاد و التدريب

 

يعرف الفساد الغذائي بصفة عامة بأنه أي تغيير غير مرغوب في الصفات الحسية ( اللون – الرائحة – الطعم – النكهة ) للمادة الغذائية بحيث تصبح غير صالحة للاستهلاك الآدمي. ويحدث الفساد الميكروبي نتيجة نمو ونشاط الكائنات الحية الدقيقة مثل البكتيريا والفطريات والخمائر ، التي تجد في اللحوم بيئة مناسبة صالحة لنموها ونشاطها . تعتبر أنسجة الحيوان الحي السليم خالية من هذه الكائنات الدقيقة ، ويحدث التلوث ابتداء من الذبح والتجويف وخلال النقل والتداول والتصنيع والتخزين ، وتتوقف طبيعة الفساد الذي يحدث علي نوع الكائنات الحية الدقيقة المسببة له.
التغيرات التي تحدثها الكائنات الحية الدقيقة في اللحوم:
يؤدي نمو الكائنات الحية الدقيقة علي اللحوم إلي حدوث تغيرات غير مرغوبة مسببة فساد اللحوم- وتنقسم هذه التغيرات إلي تغيرات كيميائية ( مثل تغيرات في البروتين – تغيرات في الدهون – ….. ) وتغيرات طبيعية ( مثل تغيرات اللون وغيرها ) بالإضافة إلي إفراز التوكسينات السامة:
(أ) التغيرات الكيميائية ( تغيرات البروتين- تغيرات الدهون)
1- تقوم الكائنات الدقيقة بتحليل البروتينات والدهون والكربوهيدرات بفعل الإنزيمات التي تنتجها هذه الكائنات وتستخدم نواتج الهدم والتحليل الميكروبي كمصدر لعناصر غذائية تساعد علي نمو ونشاط الكائنات الدقيقة الأخري المسببة للتعفن ومظاهر الفساد الأخري.
ويعتمد الناتج النهائي للتحليل علي مدي توفر الأكسجين – ففي الظروف الهوائية (توفر الأكسجين) تكون نواتج تحليل البروتين هي الببتيدات البسيطة والأحماض الأمينية ، بينما في الظروف اللاهوائية (غياب الأكسجين) يتحلل البروتين إلي عديد من المركبات الكبريتية ذات الروائح الكريهة – وتعتبر الأمونيا من النواتج النهائية للمركبات النتروجينية غير البروتينية.
2- تقوم بعض الكائنات الدقيقة بإنتاج إنزيم الليبيز الذي يحلل الدهن إلي أحماض دهنية وجليسرول – ويسرع هذا التحلل من أكسدة الدهون وظهور النكهة المتزنخة.
3- تستخدم بعض الكائنات الحية الدقيقة الكربوهيدرات القليلة المتواجدة في اللحوم وتنتج بعض الكحولات والأحماض العضوية التي تعطي طعما حامضيا غير مرغوبا.
(ب) تغيرات طبيعية ( تغيرات اللون وغيرها ):
تعتبر التغيرات الطبيعية التي تحدثها الكائنات الحية الدقيقة في اللحوم أكثر وضوحا من التغيرات الكيميائية – حيث تحدث تغيرات طبيعية واضحة في اللحم مثل التغير في اللون والرائحة والنكهة والطراوة وخواص التصنيع
(ج) إفراز توكسينات سامة:
بعض الكائنات الحية الدقيقة خاصة بعض أنواع البكتيريا تفرز توكسينات سامة في الأغذية وفي مقدمتها اللحوم – وينشأ عن ذلك حدوث تسمم لمن يتغذي علي هذه اللحوم – ومن أمثلة ذلك:
1- التسمم البوتيوليني :
يحدث ذلك عند تلوث اللحوم ومنتجاتها بميكروب Clostridium botulinum (كلوستريديم بوتيولينم) حيث يفرز هذا الميكروب توكسينا ساما أثناء نموه في اللحوم ، وهو أخطر أنواع التسمم حيث يؤدي إلي وفاة الإنسان أو الحيوان الذي يتناول الغذاء المحتوي عليه في غضون يومين إلي ثلاثة أيام ، حتي ولو كانت كمية التوكسين قليلة جدا – لأنه يسبب شللا في العضلات اللاإرادية في الجسم.
2- التسمم العنقودي:
ويسببه التوكسين الذي يفرزه ميكروب Staphylococcus aureus (استافيلوكوكس إيريس) ، وهذا التسمم شائع الحدوث ، ومن أعراضه القيء وآلام شديدة في الأمعاء وإسهال وآلام في المفاصل.
3- التسمم الناتج عن بكتريا السالمونيلا:Salmonella sp.
حيث تفرز سلالات عديدة من بكتريا السالمونيلا توكسينات سامة تسبب حالة مرضية أشبه في أعراضها بالحمي يصاحبها قئ وآلام في البطن وبراز مائي ممخط.
المظاهر المميزة للتلف والفساد الميكروبي في اللحوم وأسبابه:
تتوقف مظاهر الفساد الميكروبي علي الظروف الهوائية ( توفر أو عدم توفر الأكسجين ) ونوع الكائنات الحية الدقيقة التي تنمو علي اللحوم مسببة هذا الفساد. وأهم المظاهر المميزة للتلف الميكروبي ما يلي:
1- لزوجة اللحوم:Meat sliming
يؤدي نمو الميكروبات بكثرة علي سطح اللحوم إلي ظهور مواد لزجة ذات لون داكن أو براق ويدل تكون هذه المواد اللزجة أو المخاطية علي ملائمة البيئة لنمو هذه الميكروبات مثل توفر درجات الحرارة والرطوبة النسبية والهواء بصورة مناسبة للنمو – لذلك يفضل تبريد اللحوم علي درجة حرارة صفر – 52م مع رطوبة نسبية 85 – 90 % لمنع أو تأخير نمو هذه الميكروبات. ومن أمثلة هذه الميكروبات المسببة للزوجة اللحوم بكتريا الباسلسBacillus ، اللاكتوباسلسLactobacillus ، الأكروموباكترAchromobacter .
2- تعفن اللحومMeat putrefaction :
يحدث تحلل مائي للبروتينات بسبب نمو بعض أنواع البكتريا مسببة تكوين رائحة ونكهة غير مرغوبة – وهذه البكتريا قد تكون هوائية حتما أو لا هوائية أو هوائية اختياريا.
وتعتبر اللحوم ذات القطع الكبيرة أقل عرضة للتعفن من قطع اللحم الصغيرة واللحم المفروم.
ومن أمثلة الميكروبات المسببة للتعفن مجموعة بكتريا سيدوموناس Pseudomonas التي تعبر مسئولة عن تعفن اللحوم وتغيير طعمها ورائحتها – كذلك مجموعة بكتريا Lactobacillus , Achromobacter
وتنمو بعض الفطريات مثل Aspergillus أسبرجلس، Cladosporium، Mucor وهذه تسبب التعفن أيضا وغالبا تنمو على السطح الخارجى للحوم – حيث تتوافر الرطوبة والهواء.
3- تغير اللون:
يحدث تغير فى لون اللحوم بتأثير الكائنات الحية الدقيقة إما نتيجة تكاثر ونمو هذه الكائنات ونشاطها الذي يحدث تحليلا لصبغات اللحم الأصلية وتتكون ألوان وصبغات مغايرة – وإما نتيجة إفراز بعض هذه الكائنات الحية لصبغات بألوان مختلفة تكتسبها اللحوم – ومن أمثلة التغير في لون اللحوم :
(أ) تكون بقع سوداء: بسبب نمو فطر Cladosporium حيث تنمو جراثيم الفطر مكونة خيوطا فطرية سوداء اللون تتواجد بصورة متفرقة وغير كثيفة.
(ب) تكون بقع بيضاء: بسبب فطر Sporotrichum وخاصة علي اللحوم المستوردة ، وتتميز هذه البقع بكونها صغيرة وصوفية ورقيقة متفرقة.
(ج) اللون الأخضر المزرق: ويرجع إلي نمو فطر Penicillium الذي ينمو بصورة سطحية علي اللحوم محدثا تغير في لونها إلي اللون الأخضر المزرق.
(د) إفراز صبغات بألوان مختلفة: مثل الصبغات الخضراء المزرقة وتفرزها بكتريا سيدوموناس Pseudomonas ، والصبغات الوردية وتفرزها بعض الخمائر وبكتريا Micrococcus وبكتريا Sarcinae .
تقسيم فساد اللحوم حسب توفر الهواء من عدمه:
1- فساد هوائي:
يتسبب فيه أنواع البكتريا والفطريات والخمائر الهوائية ( أي التي تنمو وتنشط في وجود الهواء ) – ويتكون نتيجة لنموها مواد لزجة (مخاطية) كما يحدث تغير في لون اللحم نتيجة تكون مركبات مؤكسدة بواسطة البكتريا حيث يتحول الميوجلوبين والأوكسي ميوجلوبين إلي ميتا ميوجلوبين وأشكالا مختزلة للصبغة منتجة ألوانا رمادية أو بنية أو خضراء كما تتكون روائح ونكهات كريهة نتيجة تحلل الدهون بواسطة هذه البكتريا ، ويحدث الفساد الهوائي علي سطح اللحوم حيث يتوفر الأكسجين – ولهذا يمكن كشط المناطق المصابة فنجد أن الأنسجة اللحمية الداخلية تحتوي علي قليل أو لا تحتوي علي النمو الميكروبي المسبب للفساد.
2- فساد لا هوائي:
يحدث التلف أو الفساد اللاهوائي داخل منتجات اللحوم أو العبوات المغلقة حيث لا يوجد الأكسجين ، ويسبب هذا النوع من الفساد الميكروبات اللاهوائية حتما والاختيارية – وغالبا ما تكون بكتريا – وينتج عن هذا الفساد لحما حامضيا – أي تكون الرائحة والنكهة حامضية نتيجة تكوين بعض الأحماض العضوية أثناء تحلل الجزئيات المعقدة بواسطة الإنزيمات البكتيرية ، وقد تكون الحموضة أحيانا مصحوبة بتكوين غازات مختلفة – وتظهر الحموضة بصورة أوضح في أفخاذ الماشية والأنسجة التي تحيط بالعظام نتيجة لوجود البكتريا اللاهوائية في الغدد الليمفاوية أو مفاصل العظام وتسبب الرائحة الحامضية والمتعفنة.