د رحاب عبد السلام تكتب : تغذية مرضى السكر
29 أكتوبر، 2023 - بتوقيت 12:11 م
باحث أول بقسم الأغذية الخاصة والتغذية – معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية
يعرف مرض السكر على إنه إضطراب في ميتابوليزم الكربوهيدرات ينتج عنة إرتفاع في مستوي الجلوكوز في بلازما الدم حاد هذا الإضطراب قد ينتج عن نقص في إفراز هرمون الإنسولين الذي يفرز بواسطة خلايا بيتا في البنكرياس أو قد يحدث نتيجة مقاومة الإنسولين أو قد ينتج عن تحطم يحدث في الخلايا بيتا المفرزة للإنسولين ننيجة خلل في المناعة الذاتية لدي مريض الداء السكري.
ونجد إن مرض الداء السكري ينقسم إلى ثلاث أنواع شائعة وهي مرض السكر من النوع الأول Diabetes type-1 وهو مريض يعتمد في علاجه على الإنسولين ويمثل من 5 % إلى 10% من المصابين بهذا المرض أغلبهم من الأطفال أما النوع التاني هو مرض السكرمن النوع التاني Diabetes type-2 ونجد إن المصابين بهذا النوع لايعتمدوا على الإنسولين بل يتم علاجهم بأدوية السكر وأشهرها الميتفورمين والجلوكوفاج وهم يمثلوا من 90% إلى 95% من إجمالي المصابين بهذا لمرض أما النوع الثالث هو سكر الحمل والذي قد تصاب به نسبة من السيدات الحوامل نتيجة لزيادة كتلة الجسم أو إن السيدة تعاني من إضطراب هرمونات الجسم أثناء الحمل أو إن السيدة لديها تاريخ مرضي بهذا النوع من داء السكر.
وهناك ثلاث انواع أخرى من مرض السكر غير شائعة وهي نوع من مرض السكر يحدث عند البالغين نتيجة مرض مناعة ذاتي يسمى Latent auto-immuno diabetes in adults LADA و هو يشبة مرض السكر من النوع الأول ولكن يحدث للبالغين ويتم علاجه بالإنسولين ولكن مستوى الجلوكوز في بلازما الدم يكون أقل من النوع الأول وخاصة إذا ماتم إكتشاف مبكراأما النوع التاني هو maturity onset diabetes of youth MODY وهذا النوع يحدث في المراهقين وهو يحدث نتيجة حدوث طفرة في جين أحادي موجود على الكروسوم البشري المسمى homeobox gene وهو يشبة في علاجة السكر من النوع الثاني أما النوع الثالث هو يسمى بال secondary diabetes mellitus وهذا النوع يكون عرض ثانوي لمرض أخر مثل إلتهاب البنكرياس أو إضطراب الهرمونات أو تناول أدويه تحتوي على الكورتيزون لفترة طويلة أو نتيجة لمرض يسمى cushing disease ينتج عن إرتفاع مستوى هرمون الكرتيزول في الدم نتيجة التعرض المستمر للتوتر مما يجعل الغدة الكظريه الموجود فوق الكليتين تنتج كميات كبيرة من الإدرنالين وبتكرار التعرض للقلق و إستمرار إرتفاع الكرتيزول بالجسم بتتأثر هذة الغدة ومع الوقت قد تصاب بأورام سرطانية ومن أعراض هذا المرض هو إصابة الجسم بسمنة موضعية أسفل البطن و علامات تمدد بنفسجية في منطقة البطن وأثار كدمات بنفسجية بين في مناطق متفرقة من الجسم وحدوث نحافة شديدة في الأذرع والساقين وتكون تكتلات دهنيه اسفل الرقبة بين الكتفين وزيادة سمنة الوجة.
ونجد إنة قد يحدث hypoglycemia إنخفاض ملحوظ في مستوى جلوكوز بلازما الدم إلى مستوى أقل من 70 ملجم / ديسيلتر وقد يصل إلى 54 ملجم / ديسيلتر وهنا قد يدخل المريض في غيبوبة قد تودي بحياته وهذا الإنخفاض ينتج عن خطأ في جرعة الدواء أو زيادة في عداد وحدات الإنسولين أو إنخفاض في كمية الغذاء المتناولة بواسطة المريض أو قيامة بمجهود عضلي عنيف. فينبغي تناول من 15 إلى 20 جم أخري من الكربوهيدرات سريعة المفعول وتكرر الجرعه إلى أن يرتفع مستوى الجلوكوزفي بلازما الدم وإذا دخل المريض في غيبوبه يتم حقنه بهرمون جلوكاجون وهو هرمون يفرز من خلايا ألفا في البنكرياس وهذا الهرمون يرفع مستوى الجلوكوز في الدم.
وقد يحدث أيضا ما يسمى hyperglycemia وهو إرتفاع مستوى جلوكوز بلازما الدم إلى أعلى من أو يساوي 250 ملجم / ديسيلتر وقد يصل إلى 600 مجم / ديسيلتر هذا الإرتفاع يصاحبة ما يسمى kitoacidosis أي إرتفاع مستوى الكيتونات في البول وسيرم الدم يصاحب ذلك ضبابية في الرؤية وزيادة عدد مرات البول وضيق تنفس ويؤدي ذلك إلى دخول الجسم في غيبوبة مما يستلزم معها حقن بالإنسولين لخفض مستوى السكرم بالدم.
ولضبط مستوى جلوكوز بلازما الدم لابد من مزامنة تخطيط وجبات غذائية سليمة وهي الوجة الأخر للعملة مع الدواء فعدم الإنتظام على وجبات غذائية صحية وكافية من شأنة عدم كفاءة نتائج الأدوية ,إستمرار إرتفاع مستوى السكر مما يؤثر على أعضاء أخرى بالجسم ويحدث تدهور بها وإصابتها بأمراض مثل إعتلال في شبكية العين وفقد الكتله العضلية وحدوث هزلان بالجسم وتحلل للأنسجة الدهنية المحيطة بأجهزة الجسم وقد يحث فشل في عضلة القلب وضيق في الأوعية الدمويه نتيجة إرتباط السكر في مجرى الدم مع الهيموجلوبين وتكون ما يسمى glycocylatd heamoglobin التي تترسب على جدار الأوعية الدموية مسببة ضيق تلك الأوعية. مع الأخذ في الإعتبار ضبط ضغط الدم ومستوى الدهون الثلاثية للجسم وتخطيط وجبات غذائية متكاملة وصحية لابد أن تكون متلازمة مع ممارسة تمرينات رياضية لمدة نصف ساعة يوميا متوسطة الشدة لا خفيفة ولا عنيفة وخفض مستوى التوتر والقلق إلى أدنى مستوى.
الإحتياجات الغذائية لمريض السكر تعتمد على عدة عوامل هامة هي:- الإحتياجات اليومية من الطاقة تبعا للجنس والسن وكتلة الجسم والنشاط البدني للمريض، فكلما حدث تقدم في العمر تقل احتياجات الجسم من الطاقة والذكر إحتياجاتة من الطاقة تزيد عن الأنثى وكلما زاد مؤشر كتلة الجسم يقل إحتياجاته من الطاقة وكلما قل المجهود البدني الذي يقوم به المريض تقلل من إحتياجاته من الطاقة.
وعند تخطيط نظام غذائي لمريض السكر لابد من الأخذ في الإعتبار نسبة كلا من المغذيات الكبرى مثل الكربوهيدرات حيث تمثل من 45- 65% من الطاقة الكلية الذي يحصل عليها يوميا ولابد الأخذ في الإعتبار نوع الكربوهيدرات لأن يكون من الكربوهيدرات المعقدة والتى تحتوي على نسبة عالية من الألياف وأن تكون ذات مؤشر جلايسيمي منخفض أقل من 55 وأيضا تكون ذات حمل جلايسيمي منخفض أي تحتوي على كمية سكر لا ترفع مستوى سكر الدم بمقدار كبير، وقد وجد إنه كلما زاد درجة نضج الفاكهة يزيد من مؤشرها الجلايسيمي فترفع من سكر الدم بسرعة وكذلك كلما زادت درجة تسوية الغذاء وكلما أحتوت على سكريات بسيطة بينما الأغذية المحتوية على نشويات عالية ونسبة الأميلوز إلى الأميلوبكتين أعلى يقل المؤشر الجلايسيمي لها وكذلك الأغذية الحامضية وقد وجد في هذا الصدد إن إضافة عصرة من الليمون أو إضافه خل التفاح العضوي قد يقلل من المؤشر الجلايسيمي للمكون الغذائي وكذلك تناول وجبة عبارة عن مزيج من كربوهيدرات وبروتين ودهون يطيل من فترة بقاء الغذاء بالمعدة وبالتالي إنخفاض المؤشر الجلايسيمي لها مما يبطئ من سرعة إرتفاع مستوى الجلوكوز في الدم. ونجد إنه من الضروري مراعاة نسبة البروتين في الوجبة عند مستوى يتراوح من 10-20% لا تزيد عن ذلك حتى لا يحدث زيادة في الوزن تمثل إرهاق على الكليتين ويجب التنوع في نوع البروتين ولا يمنع عن المريض البروتين الحيواني لإنه بروتين جيد في الإتاحة الحيوية له أي يستطيع الجسم الأستفادة منه بيولوجيا وكذلك الحصول على الأحماض الأمينية الأساسية مثل الهستدين و الايزوليوسين وليوسين واللايسين والمثيونين والفنيل ألانين والثريونين والتربتوفان والفالين وهي أحماض لا يستطيع الجسم تخليقها ولابد أن يحصل عليها من الغذاء مثل اللحوم والأسماك والبيض والفول الصويا وجنين القمح والمكسرات على سبيل المثال لا الحصر. أما بالنسبة للدهون فيجب أن يتراوح نسبتها من 25-35% وأن تكون من دهون صحية تحتوي على الأوميجا-9 مثل زيت الزيتون والأوميجا-3 التي غالبا ما يكون مصدرها الأسماك الدهنية وبذور الشيا وكذلك الأفوكادوا وزيت الكتان وزيت كبد الحوت.
أما بالنسبة للمغذيات الصغري التي تشمل كلا من المعادن والفيتامينات فوجد إنه من الضروري إحتواء الوجبات الغذائية لمريض السكر علي مصدر غذائي لهذة المغذيات وبكميات تكفى إحتياجاته اليومية منها وإذا تعذر ذلك تعطى على شكل مكملات غذائية بالكمية الآمنة منها، ومن هذة المعادن الماغنسيوم الذي يدخل كمرافق إنزيم لأكثر من 300 إنزيم يدخل في مسارات تخليق الطاقة داخل الجسم ووجود مصدرجيد وكافي للماغنسيوم يضبط مستوى الجلوكوز بالدم حيث يقلل من مقاومة الإنسولين في الجسم ويقلل مقاومة الجلوكوز ويحسن من مستوى ضغط الدم ويوجد الماغنسيوم في الخضروات الورقية والحبوب الكاملة والسمك والمكسرات، ومن المعادن الهامة أيضا الكروم الذي له دور هام في تنظيم عمل الإنسولين وله تأثير في تنظيم ميتابوليزم الكربوهيدرات والبروتين والدهون ويزيد من نشاط الإنسولين ويحمي الكروموسومات من حدوث الطفرات ويقلل من خطر أمراض القلب وضيق الأوعية الدموية وهو يتواجد في أغذية عديدة مثل الحبوب الكاملة، خميرة الخباز، المشروم، المولاس، الشوفان، البرقوق و بعض التوابل مثل الفلفل الأسود والزعتر. أيضا من المعادن الهامة معدن الفاناديوم وقد ثبت أهميته بالنسبة لمرضى السكر لأنه يدخل كعامل مساعد في مسارات إشارات عمل الإنسولين وينظم عمل مستقبلات الإنسولين ومصادرة الغذائية هي الفلفل الأسود والشبت والبقدونس والمشروم والسبانخ والأسماك والصدفيات والحبوب. أما بالنسبة للفيتامينات فوجد إن فيتامينات ب مثل النياسين ب3 والبيرودوكسين ب6 والفوليك اسيد ب9 والكوبالت أمين ب12 مهمين جدا لمريض السكر وذلك لحمايته من إلتهاب الأعصاب الطرفية التي يعاني منها كنتيجة لطول فترة إصابتة بمرض السكر وهذة الفيتامينات موجودة في أغذية عديدة وقد تعطي كمكمل غذائي بأمان لإنها جميعا فيتامينات ذائبة في الماء تخرج مع البول ولاتسبب سمية عند زيادتها ونجد إن كلا من الفوليك أسيد وب 12 يحتاج المريض لأخذهم كمكملات لإن الفوليك أسيد يتحطم بالحرارة المستخدمة في طهي الطعام وإن كلا من الفوليك أسيد وفيتامين ب 12 يتأثر بأدوية الميتفورمين حيث إنها تقلل من إمتصاصها. على الجانب الأخر هناك فيتامينات ذائبة في الدهن مثل فيتامين ۿ هذا الفيتامين يعمل كمضاد أكسدة يحافظ على صحة وسلامة الخلايا ويقيها من العجز بما في ذلك خلايا بيتا المفرزة للإنسولين والمكونة لجزر لانجرهانز في البنكرياس، وهذا الفيتامين يوجد في أغذية مثل جنين القمح والمكسرات والزيوت النباتية المعصورة على البارد مثل زيت الزيتون وفي السمن ونجد إن الجرعة الغذائية الموصي بها recommended dietary allowance RDA لهذا الفيتامين هي 15ملجم/ اليوم للأشخاص فوق 15 سنة.
ومن التوجهات الحديثة في تغذية مرضى السكر هي إختيار نظم غذائية بخصائص مميزة مما يلائم حالة كل مريض ونوع السكر وحالتة المريض الجسدية وبما يناسب نمطه الغذائي مثل النظام الغذائي البحر الأبيض المتوسط والذي يتميز إنه غني في الخضروات والفاكهة والحبوب الكاملة وزيت الزيتون مع كميات متوسطة من الأسماك الدهنية إلى جانب اللحوم والدواجن ومنتجات الألبان مع تناول من 4-5 حصص من المكسرات والبذور وبعض الحلويات إسبوعيا وهو نظام متوازن يلائم معظم مرضى السكر، النظام الأخر ما يسمى dash ( dietary approaches to stop hypertension) وما يميز هذا النظام إنه غني في الخضروات والحبوب الكاملة بالإضافة لمنتجات الألبان منخفضة الدسم ويحتوي على اللحوم والدواجن والأسماك والمكسرات مع محدودية الأغذية والمشروبات المحتويه على السكر أو المحليات الصناعية مثل الإسبارتام والسكارين وكذلك الأغذية المضاف لها الدهون وهذا النظام مناسب لمن يعانون من إرتفاع ضغط الدم ومرضى الكولسترول العالي لإحتوائها على نسبة منخفضة من الدهون، أيضا هناك نظام النباتيون سواء فيجن لا يتناولون لحم أو بيض أو منتجات ألبان وبالنسبة للفيجن يراعى إعطاء مكملات غذائية الحرارية في من ب 12 وفيتامين ۿ ، أيضا هناك نظامين منخفضين في الكربوهيرات تصل إلى 50 جرام في اليوم وهما الكيتو و الأتكينز kito and atkins نجد في الأتكينز تزداد نسبة الكربوهيدرات فيه قليلا وتكون زيادة تدريجية على 4 مراحل تبدء في المرحلة الأولى من 25 -50 جرام وتزداد إلى 80 جرام في المرحلة الرابعة ووجد إن كلا من النظامين يدخلا الجسم في حالة الكيتوزسس ketosis أي إرتفاع نسب الكيتونات في سيرم الدم والبول لذلك لابد من مراعاة الحذر عند إتباع هذان النظامين حتى لا يصل بالمريض الدخول في غيوبة ولكن مع الإستمرارية على هذا النوع من النظم وجد إنه حدث تحسن في مستوى جلوكوز بلازما الدم وقيم السكرالتراكمي ويقلل الوزن ويقلل الجرعة المعطاه من الإنسولين.
في النهاية نجد إنه من النصائح الهامة في تغذية مرضى السكر مراعاة البيئة المحيطة بالمريض حيث تكون خالية من أدخنة السجائر خالية من الأغذية المصنعة والأغذية المكررة والأغذية المضاف لها السكريات البسيطة وإن دائما ما تكون الخضروات والحبوب الكاملة والمكسرات متاحة له بالمنزل والعمل وأيضا لابد من إختيار الدهون الصحية وتناول الأسماك مرتين إسبوعيا وإن يتجنب تناول الأغذية المرتفعة في البروتين لعدم إرهاق الكليتين حيث إنها من أعضاء الجسم التي تتأثر بطول فترة الأصابة بالداء السكري وأخيرا لابد من ممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة يوميا وبأنتظام