د. هبة عاطف صالح تكتب: كبـار السن وصيـام رمضان

11 مارس، 2024 - بتوقيت 4:13 م

 

باحث بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذيه

 

 

صيام شهر رمضان المبارك يساعد بشكل كبيرعلى تحسين صحة الجسم النفسيه والبدنية والتخلص من السموم المتراكمه والخلايا القديمه والتالفه ، والأهم من ذالك أنه فريضه من الله عز وجل يحرص بها المسلمون علي ابتغاء مرضاة الله ، كما أنه فرصة جيده لتصحيح الكثير من أنماط الحياة الغيرصحية والسلوكيات الغذائيه الخاطئه ، ولكن يخشي الكثيرون من اصرار كبار السن علي الصيام خوفاً من تعرضهم لمضاعافات تؤثر علي حالتهم الصحيه خاصة بأن الله عز وجل رخّص لهم الإفطار في شهر رمضان مع قضاء ذلك لاحقاً، أو تأدية الكفارة لمن لا يستطيع القضاء. لذالك خُصص هذا المقال لذكر أبرز المعلومات التغذويه والصحيه عن صيام كبار السن في شهر رمضان ، مع بعض النصائح المهمة للحفاظ علي صحة المسنين في رمضان.

هل يٌسمح لكبار السن بصيام رمضان ؟

كبر السن في حد ذاته ليس مرضاً، ولكنه مرحلة عمرية طبيعية يحتاج فيها الانسان للأهتمام بصحته بشكل اكبر لأنه يكون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض ، ولكن هناك العديد ممن يعتبرهم المجتمع كبار في السن غير انهم يهتمون بحالتهم الصحيه ومستمرون في عطائهم ويراعوا عائلتهم او يذهبون الي عملهم الشاق ، والقاعده العامه ان الصيام مفيد لكل الاعمار الا في حالات مرضية معينه ،فليس شرطاً أن كل مُسن يصبح الصيام ضاراً به، لذالك الاجابه علي السؤال متروكه للشخص نفسه وتقيم الطبيب المختص لحالته الصحيه وعلي الأغلب يُسمح للمسن بالصيام اذا كان لا يُعاني من أي مرض مزمن أو ما يستدعي لتناول أدوية تمنع الصيام، وأيضا لمن يستطيعون الصيام دون تعب أو تعريض صحتهم لخطر.

متي يجب كسر الصيام لكبار السن ؟

في حالة الشعور بأي عرض صحي طارئ اومضاعافات مثل الإعياء ،الدوخة ، الجفاف، النهجان الشديد، ارتفاع حرارة الجسم،زيادة سرعة ضربات القلب ، هبوط الضغط أوالسكر بشكل حاد أو ملحوظ فيجب كسر الصيام مع مراجعة الطبيب المعالج لتشخيص الحاله.

التغيرات الحيويه التي تحدث لكبار السن أثناء الصيام

الانقطاع عن الاكل والشرب لعدد من الساعات مع تناوله الطعام بكميات اقل من المعتاد يؤدي الي فرصة الاصابه بسوء التغذيه وانخفاض مستوي الطاقه في الجسم ،ولذلك يوصى خلال فترة الصيام بضرورة مراقبة تغذية كبار السن والحرص علي توفير وجبات متكاملة العناصر الغذائيه من الكربوهيدرات والبروتين والدهون والفيتامينات والمعادن ومصادر لمضادات الاكسده. وسنتحدث عن بعض التغيرات الحيويه التي تحدث لكبار السن أثناء الصيام :

تأثير الصيام علي الصحه النفسيه لكبار السن

تشير العديد من الدراسات الي أن المسنين الصائمين افضل في الصحه النفسيه والعقليه من غير الصائمين ، حيث يساعد الصيام في الاستقرار النفسي وزيادة التركيز وتقوية الذاكره نتيجه لزيادة تدفق الدم المحمل بالأكسجين الي المخ مما يزيد من إفراز هرمون الدوبامين المسئول عن الشعور بالاسترخاء والسعاده ، وينصح به المتخصصين في علاج الادمان لانه يساعد في إفراز هرمون الإندروفين الذي يساهم بشكل كبير في السيطرة على أعراض الإكتئاب والادمان ، وايضا يساعد الصيام علي التحكم في الثبات الانفعالي وقت الغضب حيث يقلل من إفراز هرمون الكوريتزول، الذي يعرض الانسان للتقلبات المزاجيه، كما انه فرصه للبعد عن العزله حيث يقترن بالتواصل الاجتماعي وخاصة في تجمعات الافطار والسحور، مما يجعل من الصيام فرصة لتحسين الحاله النفسيه وللتخلي عن بعض العادات السيئه مثل التدخين والادمان والسيطرة علي الغضب وتغيير الحياه للأفضل.

 

تأثير الصيام علي الصحه البدنيه لكبار السن

للصيام تأثر جيد علي الصحه العامه وخاصة لكبار السن فهو فرصه جيده لضبط الوزن والتحكم في كمية السعرات الحراريه التي يتناولها الشخص ، كما أنه يخلّص الجسم من المواد السامة، ويساهم في تعزيز صحة الكبد الدهني، والوقاية من الالتهابات، ورفع جهاز المناعه وتقليل احتمالات الاصابه بأمراض المناعه والسرطان ،وتحسن حالات الالتهابات مثل التهاب المفاصل والصدفيه وخصوصاً عند الأشخاص الذين يتبعون نمط حياة صحي وغذائي في رمضان ويلتزمون بتعليمات الطبيب المختص، غير انه له بعض التاثيرات السلبيه مثل ضعف حاسة التذوق ونقص الاحساس بالطعم والنكهه وتقليل الشهيه وأيضاً يؤدي الي نقص في عمليات التمثيل الغذائي وقلة النشاط العضلي وضعف في سرعة الاستجابه للمؤثرات العصبيه وخاصة مع تقدم السن ، ولذالك يجب الاهتمام بالنظام الغذائي للصائم المسن علي حسب حالته الصحيه ،حيث أن عدم اتباع نظام غذائى جيد أثناء رمضان سيؤدى إلى اضطرابات الجهاز الهضمى مثل ارتجاع المرىء ، وعسر الهضم، كما يفضل عدم الافراط في تناول المشروبات الغازية لأن الافراط بها يؤدي للإصابة بالانتفاخ ، تجنب مرضي الضغط لشرب العرقسوس لأنه سبب أساسي في ارتفاع ضغط الدم ، والإفراط في تناول ملح الطعام والمخللات يمكن أن يتسبب في ارتفاع ضغط الدم ، وكذلك الكافيين له تأثير مدر للبول مما قد يؤدى إلى الإصابة بالجفاف، والإكثار من الأطعمة الغنية بالدهون تزيد من الشعور بالخمول، لأنها تستغرق وقتاً أطول للهضم مما يتسبب فى اضطراب المعدة ويؤدى إلى الشعور بالغثيان، كما أن هناك حالات من مرضي الكبد مثل مرضي التهاب الكبد وتليفه لا يحق لهم الصيام الا بعد التنسيق مع الطبيب ومعرفة المحاذير الصحيه في العلاج والغذاء مثل عدم تناول الملح والمخللات والاجبان والاكلات المحفوظه ومشروب العرق سوس، كما أن هناك محاذير علي صيام مرضي الكلي حيث ينصح مريض الكلي بعدم تناول اللحوم والاطعمه المصنعه والفول والعدس والفواكهه المجففه والمياه الغازيه والاطعمه التي تحتوي علي البوتاسيوم والصودا، لأن الكلي تحتاج الي عمل اضافي عند تناول هذه الاطعمه وبالتالي ستتاثر بالسلب وتقل كفائتها وتدهور حالتها الصحيه.

تغذية كبار السن في رمضان

النظام الغذائي لكبار السن وخاصة الذين يصومون في رمضان يجب أن يكون غنياً بالبروتينات والفيتامينات والأملاح المعدنية ومضادات الاكسده ومعتدل في النشويات والكربوهيدرات وقليل الدهون وذالك للحفاظ على مستوى مناسب من السعرات الحرارية ولذلك توصي منظمة الصحة العالمية بمعدل 1800 سعر حراري/ يوم للسيدة المسنة و 2200 سعر حراري/ يوم للرجل المسن. وسنذكر بعض الإرشادات التي ينصح باتباعها عند إعداد الغذاء لكبار السن في رمضان :

• يوصى بأن يكون إفطار المسن متوازناً وغنياً بالبروتينات مثل اللحوم والأسماك والبيض واللبن ومشتقاته.

• توفير الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن ومضادات الاكسده مثل الخضروات والفاكهه لتكون جزءاً أساسياً في جميع الوجبات الرمضانية وعدم التنازل عنها، لأنها غنية بالألياف الغذائية التي تسهل عملية الهضم، ولتفادي الإمساك خاصة بعد فترة صيام طويلة.

• ينصح بتناول 2-3 لتر من السوائل يومياً للمحافظة على سلامة الكليتين ويمكن توزيعها خلال الفتره من الصيام والسحور لتعويض الجفاف الذي حدث للجسم اثناء فترة الصيام.

• توفير وجبات خفيفة موزعة على 3 وجبات رئيسية، هي: الإفطار ووجبة بعد مرور ساعتين والسحور لضمان تزويد الجسم بالسعرات الحرارية التي يحتاجها.

• عدم الإكثار من البقوليات الجافة لتجنب إصابتهم بعسر الهضم.

• مراعاة وضع برامج غذائية وحميات خاصة لكبار السن المصابين بأمراض معينة مثل مرضى السكري وارتفاع الضغط والكوليسترول ومرضي الكلي والكبد كما ذكر سابقاً .

• تقديم الطعام اللين لضمان سهولة المضغ والبلع من خلال سلق الطعام أو طحنه أو تقطيعه إلى أجزاء صغيرة مراعاةً لضعف بنية الأسنان.

• الحرص على توفير الأطعمة الغنية بالحديد كالعدس والسمك وكبد الدجاج والبنجر وفيتامين ب 12 كسمك التونه والبيض واللحوم.

• الامتناع عن شرب القهوة والشاي والعصائر وخاصة في ساعات المساء المتاخرة لانها مدرة للبول لتجنب الجفاف واضطراب النوم الناجم عن الاستيقاظ المتكرر للتبول.

• لابد أن يحتوي السحور علي بروتين مثل الجبن والبيض والبقوليات ،وتناول الزبادي للمساعده في عملية الهضم وتجنب الاصابة بالامساك ،وزيادة اكل الخضروات التي تساعد علي الاحتفاظ بالماء وتقلل من الاحساس بالعطش مثل الخيار والخس وتجنب اكل المخللات والحلويات والمربات .

• يمكن اعتبار شهر رمضان فرصه لتغير العادات الغذائيه الخاطئه لكبار السن والتي يمكن ان تتسبب لهم في اضرار صحيه مثل استبدال العصائر المصنعه والمياه الغازيه بالعصائر الطبيعيه واستبدال الحلويات الشرقيه التي تحتوي علي نسبة عاليه من الدهون والسكريات بالفاكهه او استبدال الحلويات الشرقيه بأصناف حلوي خفيفه يدخل فيها الالبان مثل الارز بلبن والكاسترد والبودنج وتزينيها بالمكسرات لرفع قيمتها الغذائية.

• الأمنتاع عن تناول المشروبات الشعبيه المنتشره في الاسواق وخاصة في شهر رمضان ،حيث أنها تحتوي علي نسبة مرتفعه من السكريات والالوان الصناعيه ومحسنات الطعم والرائحه الغير صحيه .

• المحافظة على تناول وجبات عائلية جماعية، إذ أن للعوامل الاجتماعية تأثير مباشر على مستوى التغذية لدى المسنين.

ونؤكد أن يُنسق كل صائم مع الطبيب المختص له وأن يمتثل كل مريض لم يسمح له الطبيب بالصيام لتعليمات الطبيب حفاظاً على صحته، وضرورة الالتزام بمواعيد الادويه أثناء فترة الأفطار والسحور ، ومتابعة الحاله الصحيه بشكل مستمر خاصة الضغط والسكر طوال شهر رمضان ، وقطع الصيام في حالة الشعور بالتعب والاعياء او هبوط في السكر فيتناول غذاء سكري مع شرب كميه كبيره من الماء لحين مراجعة الطبيب ، شفى الله كل مريض وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال وكل عام وأنتم بخير.