مدحت محي الدين يكتب : جشع التجار سبب ارتفاع الأسعار
20 أبريل، 2024 - بتوقيت 10:59 ص
كم مرة نزلت لتشترى شيئاً عزيزى القارئ ووجدت سعر الشئ الذى أردت شرائه مختلف من متجر لمتجر ؟ ، هل اشتريت شيئاً ما صباحاً ثم فوجئت بارتفاع سعره ليلاً ؟ ، هل جربت أن تقرأ السعر على السلعة المعروضة وعندما ذهبت لتحاسب عند الكاشير فوجئت به يخبرك بسعر أعلى مدعياً بأن السلعة ارتفع سعرها بتلك الدقائق ؟، هل تذكر معى عزيزى القارئ وقت أزمة جائحة الكورونا عندما رفع التجار أسعار الكحول والكلور وقام بعض التجار بإحتكاره حتى اختفى من بعض الأماكن ؟ .
فى كل أزمة تتعرض لها البلاد عزيزى القارئ تجد أن لجشع التجار يد كبيرة فيها ؟، فهم يستغلون كل أزمة ليحققوا منها الثروات الطائلة غير عابئين بظروف البلاد ولا بظروف العباد ؟، فى كل مرة تجد ارتفاع غير طبيعي للأسعار ومهما حاولت الحكومة رفع أجور العاملين بالدولة ورفع الحد الأدنى للعاملين بالقطاع الخاص لمواكبة هذه الزيادة الجنونية فى الأسعار يرفع أمامها التجار الأسعار أضعاف ؟، والأسوأ من ذلك هو الحجج والأعذار الواهية التى يتعذر بها التاجر عندما تواجهه وتسأله لماذا يرفع السعر بذلك الشكل غير المنطقى يخبرك بقصصاً وهمية عن أن الدولة هى التى رفعت السعر ؟،وأن الدولار أصبح بكذا،وأن الحرب بالدولة الفلانية قد أثر على كذا وكذا،وعندما تخبره بأن كلامه غير صحيح وأنك سمعت بالأخبار أو قرأت بالجرائد أن سعر السلعة خفضته الدولة يخبرك بمنتهى الوقاحة أن هذا كلام جرائد أو كلام تلفزيون ليس إلا محض هراء ليس به أى حقيقة ، ويا سلام لو كانت العميلة سيدة فيتحدث التاجر ويكأنه صديقها منذ الطفولة ويبدى تعاطفاً كبيراً ،ويخبرها بأنه لو عليه كان ليعطيها السلعة مجاناً ولكنه بائس يدفع أضعافاً مضاعفة حتى يستطيع توفير السلعة لها،وأن التاجر فلان فى آخر الشارع الذى يبيع بسعر أرخص قليلاً حرامى يبيع بجودة أقل أو وزن أقل ،ولا مانع من دموع التماسيح ،فتبكى السيدة وتدفع السعر الغالى الذى حدده وهى تحسبن على اللذين أجبروا التاجر للبيع بهذا الغلاء ،وتذهب لتنشر الأخبار بين سكان العمارة أو بمجموعة “الواتساب “التى تجمع سكان الشارع أو الحى .
أعلم عزيزى القارئ أن بداخلك ١٠٠ سؤال ؟،أولهم لماذا يخضع الناس لجشع التجار ؟،لماذا لا يقاطعون التاجر الذى يرفع السعر كما نجحوا فى مقاطعة بضائع الدول الداعمة للكيان ؟، الإجابة هى أن البعض يستطيع والبعض الآخر سلبى أو متخيل أنه مقاطعته لهؤلاء التجار لن تؤثر ،بعض من الناس مجبرون بضرورة بعض السلع بالذات لو أسرة لديها أطفال بحاجة لتغذية فيضطر لشراء بعض السلع من تاجر قريب مرتفع السعر عن تاجر بعيد بسعر مقبول ،لكن الأهم هو أن الشعب يستطيع إذا تكاتف وقاطع كل تاجر جشع يرفع الأسعار بالذات وقت الأزمات أن يفلسوا هذا التاجر بدلاً من جعله ثرى .
تريد أن تسألنى عزيزى القارئ إذا كنت أعلم أن بعض السلع التى يتم تصديرها للخارج كالحديد مثلاً تباع بالخارج بأسعار أقل ممّ تُباع فى مصر ؟،نعم أعلم عزيزى القارئ فموضوعنا اليوم هو جشع التجار ولذلك لا يجب أن نسكت عنهم أو نقبل بتلك الجرائم التى يرتكبوها بحق الدولة وبحقنا،لماذا لا تقوم الدولة بعمل رقم ساخن يتصل عليه المواطن ويبلغ من خلاله عن التاجر الجشع ؟.
قديماً بفترة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كان هناك وزيراً للتموين يُدعى “كمال رمزى إستينو” ،ظل وزيراً للتموين لمدة ١٤عاماً وكان أنجح وزير تموين مر على مصر ؛ من ضمن إنجازات “إستينو” العظيمة أنه راقب أسعار التجار بنفسه ووضع رقم هاتف وطلب من كل ربات البيوت إن وجدت بائع يبيع خارج التسعيرة تتصل به مباشرة وتخبره وكان يتخذ ضده الإجراءات القانونية اللازمة لردعه هو وأى تاجر آخر يفكر أن يفعل مثله،والآن بعصر التكنولوجيا والمبادرات الناجحة الذى نعيشه يمكن للدولة تكرار تجربة “إستينو” لضبط الأسعار ومنع التجار من العمل ضد الدولة وضد الشعب ،يمكنهم ببساطة إنقاذ المواطنين من قبضة التجار اللذين حولوا حياة المواطن لجحيم ،لم يعد يشغله العمل والإنتاج وأصبح شغله الشاغل كيف سيُطعم أطفاله اليوم أو كيف سيوفر لهم الملبس أو العلاج فى ظل هذا الغلاء الجنونى !!! .
قديماً عزيزى القارئ كان الموظف يستطيع أن يدخر من مرتبه مبلغاً صغيراً كل شهر للطوارئ ، أما اليوم فمهما حاول الموظف إدخار ولو جنيهات ومهما حاولت الحكومة رفع الأجور لا يستطيع لأن التاجر الجشع يضع يديه أولاً بأول على ماله ، والمستفيد الوحيد ومحقق الثراء الوحيد هو التاجر الجشع .
نستطيع جميعاً عزيزى القارئ إذا قمنا بالتعاون والتكاتف وقف جشع التجار ؛ أولاً بمقاطعتهم ،ثانياً بالإبلاغ عنهم ،والدولة تستطيع مساعدة المواطن بتوفير آلية للإبلاغ عن التاجر الجشع ومحاسبته ،ومؤكداً لو تم محاسبة ولو ١٠ تجار علانية أمام الجميع سيرتدع الباقيين ،ومؤكد سيرتاح المواطن من هَم غلاء الأسعار .