د.فوزي أبو دنيا يكتب : مع اقتراب عيد الأضحى وزيادة الطلب على الذبائح

5 مايو، 2024 - بتوقيت 11:18 ص

 

المدير الأسبق لمعهد بحوث الإنتاج الحيواني

 

 

مع اقتراب عيد الأضحى المبارك أعاده الله علينا جميعا بالخير والبركات يزداد الطلب على شراء الذبائح للأضاحي ويأتي هذا العام في ظل تناقص في تعداد الحيوانات مستمر وكبير، وهذا ينذر بمقدمات مشكلة تواجهنا سنويا وينجم عنها أمور كثيرة منها زيادة فاتورة الاستيراد من اللحوم المذبوحة بالإضافة أيضا الحيوانات الحية لتوفير الأضاحي وما يصاحب ذلك من أخطار الضغوط على العملة الصعبة ومن ناحية أخرى الخوف في انتشار الأمراض الوافدة مع القطعان المشتراة والذي يؤثر بالسلب على الثروة الحيوانية بالبلاد بالطبع. الأمر الأخر هو ارتفاع أسعار الحيوانات الحية نتيجة التكالب عليها لتقديمها كأضحية وهو ما يزيد عن قدرة المواطن الذي تعود على تقديم الأضاحي وبالتالي تحجم الناس عن التضحية ويقل الجزء المتبرع به من الأضاحي للفقراء نظرا لهذا الإحجام من المضحيين نتيجة ارتفاع الأسعار.

 
 

إن انخفاض أعداد الماشية في مصر والركود الاقتصادي والتضخم الذي تعاني منه البلاد يؤدى لإحجام وانكماش الاستثمار في هذا المجال أو هروب المستثمرين الموجودين على الساحة. هذا بالإضافة الى أن تفتت الحيازات الزراعية وعدم وجود سياسة زراعية واضحة في مجال الإنتاج الحيواني يؤثر بالسلب على تزايد أعداد الماشية للوصول الى الإعدام المطلوبة سنويا. وللتغلب على هذه الصعاب يجب وضع سياسة واضحة عاجلة وآجلة للنهوض بالثروة الحيوانية بمصر الفترة المقبلة وان نرسم خريطة واضحة المعالم من جهة متخصصين في الإنتاج الحيواني المسئولين عن التحسين الوراثي للسلالات المحلية والتغذية والرعاية.. الخ. لقد أوضحت لنا الأزمة الأخيرة في الثروة الحيوانية وتلك المناسبات التي تقرع أبواب البلاد سنويا أن الاعتماد على السلالات المحلية من الماشية والدواجن هو امر غاية في الأهمية ولابد من الاهتمام به ودعمه من جهة الدولة بشكل مباشر وغير مباشر. ومن خلال خبرتنا في مجال الثروة الحيوانية نطرح صورة بسيطة من رؤيتنا التي تحدثنا فيها سابقا وما زلنا يداعبنا الأمل في أن نرى صوت يسمع وعقول تجيب، ونحن إذ نقترح في هذا السياق من خلال النقاط التالية المسارات الواجب اتباعها لإعادة تقويم مسار الثروة الحيواني ة في مصر والذي يمكن أن نلخصه في النقاط التالية:

أولا: بالنسبة للماشية والضأن والمعز

  1. القطاع الأهلي (الريفي)

قامت الدولة في الفترات السابقة بالاهتمام بمشروع البتلو ونسى الذين يعملون في هذا المشروع أن الأساس في توفير العجول للتسمين يكون بتوفير الإناث التي تنجب تلك العجول. إن ارتفاع أسعار العجول الرضيعة والصغيرة والتي يتم البحث عنها للتسمين يأتي أساسا من نتيجة الشح في توافر هذه العجول بالأسواق وقلة المعروض منها لعدم توافرها. وقد نتج عن هذا النقص الكبير في أعداد الثروة الحيوانية من الأبقار والجاموس والضأن. وكان لابد أن يسير بالتوازي في تدعيم تسمين البتلو وان يكون هناك تدعيم من الدولة لتحفيز تربية الإناث التي تنجب العجول المستخدمة في التسمين بمشروع البتلو. كما يجب أن يعمل متخذي القرار في مجال الثروة الحيوانية على تبنى الفلاحين للاهتمام بتربية الإناث من الأبقار والجاموس والأغنام والماعز خاصة من السلالات المحلية والتي هي من الأساس متأقلمة على الظروف المناخية المحلية بمصر وكذا طبيعة الأعلاف وتوافرها ونوعيتها حيث يمكنها الاعتماد بشكل كبير على نواتج المحاصيل بعد الحصاد وبعد عمليات التصنيع الزراعي … الخ. في الواقع إن هذا الاهتمام سوف ينجم عنه زيادة رؤوس الماشية وزيادة إنتاج الألبان وزيادة إنتاج اللحوم لتساهم بذلك تلك المنتجات في تقليل فاتورة الاستيراد بالعملة الصعبة وأيضا تسهم في زيادة دخل المزارعين مما ينتج عنه تنمية زراعية مستدامة وهو ما نصبوا إليه جميعا.

  1. القطاع الحكومي

هناك أعداد كثيرة من المزارع ومحطات تربية الماشية تديرها المؤسسات الحكومية التي توجد في وزارة الزراعة وغيرها. ونود أن نشير هنا الى أن رفع كفاءة هذه المحطات سوف يؤدى الى توفير أعداد كبيرة من الحيوانات وكميات كبيرة من المنتجات الحيوانية يمكنها أن تسهم في توفير اللحوم والألبان والبيض للمواطنين وبأسعار مناسبة وبالتالي يمكن أن تقدم توازن في الأسعار بالأسواق وتضبط الأسعار من الانفلات.

ثانيا: بالنسبة للثروة الداجنة

يجب الاهتمام والتركيز بشكل كبير على عودة التربية المنزلية الآمنة للدواجن خاصة في الريف المصري، كما يجب أن نضع سياسات واضحة وندفع ذلك للوصول من 30% الى 50% من جملة الإنتاج الدجنى المحلى على المستوى القومي. إن التربية المنزلية سوف تقوم بالاعتماد في غذائها على المتبقيات المنزلية من الطعام وبقايا الأسواق والتي يتم التخلص منها وإهدارها بكميات كبيرة وبطرق غير صحية وبدون جدوى. ففي الوقت الذي نعانى فيه من نقص في تربية الدواجن المنزلية التي تخلصنا من تلك المتبقيات وتحويلها الى منتج حيوي غذائي للإنسان وهي اللحوم والبيض بدلا من القاء تلك المتبقيات في صناديق القمامة مما يتسبب عنه إحداث تلوث بيئي. يأتي هذا المقترح في ظل توافر الخبرات الكبيرة بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني والتي يمكن ان تسهم بشكل كبير من خلال خبراتها في هذا المجال للنهوض به ودفعه للأمام. ومن الفوائد الأخرى للاهتمام بالتربية المنزلية للدواجن هو خفض الإنفاق الأسرى وتوفير البروتين الحيواني في صورة لحوم وبيض خاصة للأجيال الناشئة للحفاظ على صحتهم قومية آمنة.