د.مروة طه حسين تكتب: الترشيد أسلوب حياة نحو وعي غذائي واستدامة أفضل

15 مايو، 2025 - بتوقيت 9:23 ص
قسم بحوث تكنولوجيا الحاصلات البستانية – معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية
فى ظل الزيادة السكانية وتناقص الموارد الغذائية، أصبح من الضروري أن نعيد النظر في سلوكنا الغذائي، وأن نتبنى مفهوم الترشيد في استهلاك الغذاء كعادة يومية وسلوك حضاري يعكس وعينا ومسؤوليتنا تجاه أنفسنا ومجتمعنا وبيئتنا.
ماهو الترشيد؟
الترشيد هو مصطلح يعبر عن ضبط معدل الاستهلاك دون تبذير أو إسراف أى أن الإستهلاك يتم بإعتدال وتوازن وعدم إهدار فى جميع الموارد والخدمات من الماء والكهرباء والموارد البيئية الاخرى وكذلك الغذاء والذى يعد من أهم العناصر المستهدفة للترشيد فى ظل هذه الظروف الاقتصادية العصيبة والصراعات التى تمر بها البلاد والعالم.
فيجب علينا الإستخدام الواعي والمتزن للغذاء، بحيث نأكل إحتياجاتنا الغذائية فقط، مع الحرص على تنويع مصادر الغذاء لضمان صحة جيده ونمو سليم. فهو لا يعني الحرمان، بل حسن التدبير والإختيار الصحيح، حين ذلك يصبح غذائنا صحي، آمن واقتصادي، كما جاء فى السنه النبوية المطهرة ومن توجيه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فى الحديث الشريف (بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فاعلا، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه)، ثم قال معقّبا: هذه أصول الطب، ولو أن الناس نفذوها ما كان يمرض أحد.
الفرق بين الفاقد والهدر الغذائى:
الفاقد الغذائى: هو مايفقد من الغذاء أثناء مراحل الانتاج، النقل، أو التخزين قبل أن يصل للمستهلك.
مثل سقوط ثمار الطماطم أثناء النقل والبلح من النخيل على الأرض.
الهدر الغذائى: هو مايتم التخلص منه بعد شرائه أو تحضيره، رغم صلاحيته.
نسيان الطعام خارج الثلاجه حتى تتغير خواصه ويفسد وشراء خبز بكميات كبيره وتركها خارج الثلاجه فتفسد.
ومن خطوات الترشيد الذكي قراءة الملصقات على المنتجات الغذائية، لما فيها من معلومات تحمينا من الهدر أو التسمم:
• اسم المنتج ومكوناته: لتجنب الإضافات الضارة.
• تاريخ الإنتاج والصلاحية: لتحديد مدى أمان استهلاك المنتج.
• تعليمات التخزين: لتفادي تلف المنتج بشكل مبكر.
والسؤال : ماالحاجة الملحة التى تدفعنا لترشيد إستهلاك الغذاء؟
ونستطرد هنا عدة أسباب تدفعنا إلى الترشيد، منها:
• الصحة العامة والجسم السليم الغير معتل حيث نتناول كميات كبيره من الطعام، خاصة الغذاء الغير صحي والذى يؤدي إلى حدوث أعراض جسيمة تؤدى إلى أمراض مثل السمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم.
• الحاله الإقتصادية للأسرة حيث أن تقليل الهدر في الطعام يقلل من نفقات الأسرة وإعادة توجيه المال لأمور أخرى ضرورية من متطلبات الحياة اليومية.
• تحقيق الإستدامة للموارد البيئية المتاحة لأن سلسلة إنتاج الغذاء تستهلك المياة والطاقة، وبالتالي فالهدر الغذائي يزيد من التلوث ويستنزف الموارد.لذا فالترشيد في إستهلاك الغذاء جزء أساسي من تحقيق الإستدامة البيئية.
• التكافل المجتمعي: عندما نستهلك بإعتدال ونبتعد عن سلوكيات تخزين السلع الغذائية الغير مبرر أو اللازم ،فإننا بذلك نساهم في تقليل الضغط على بعض أنواع السلع والمنتجات الغذائية، والذى من شأنه فتح المجال لتوفير الغذاء لجميع فئات المجتمع.
ماهى أسس الترشيد التى يجب أن نتبعها؟
1- نشر الوعى وثقافة الترشيد وعدم الإهدار بين جميع أفراد المجتمع سواء فى القرى والنجوع والمدن وبين فئات المجتمع العمرية المختلفة من أطفال وشباب وشيوخ فى أماكن التجمعات المختلفة مدارس ونوادى ومراكز الشباب.
2- معرفة مواعيد وفرة إنتاجية بعض السلع والمحاصيل مثل الخضروات والفاكهة فى أوقاتها التى تتزايد فيها وتكون بجودة عالية وسعر مناسب، وكيفية حفظها لأوقات أخرى تندر فيها، عن طريق عمليات إجراء بعض العمليات التصنيعية البسيطة كالتجميد أو التركيز أو التجفيف ( المربات – العصائر – المجمدات – الفواكه المجفف – تجفيف النباتات الطبية والعطرية) بطرق علمية سليمة والتى من شأنها المحافظة على صحة وسلامة المستهلكين.
3- عدم الإنسياق وراء الإعلانات التليفزيونية المغرضة والتى تروج لمنتجاتها بهدف زيادة المبيعات والتى يكون معظمها منتجات ضارة أو عديمة الفائدة لما تحتويه من مواد ملونة صناعية أو مواد حافظة.
4- شرآء الإحتياجات الضرورية فقط والتى تكون بكميات ملائمة لجميع أفراد الأسرة ، وكذلك تتناسب مع دخل الأفراد وإختيار الثمار المناسبة والتى لا تكون عرضه للفساد السريع لتخزينها لفترة زمنية أطول.
5- ينصح بالاهتمام بإستهلاك الفاكهه والخضراوات بكميات مناسبة والتقليل من إستهلاك الزيوت والدهون وخاصة المشبعة منها ومنتجات المخابز وكذلك المقليات.
6- يمكن إستخدام البدائل للسلع المغالى فى أسعارها باخرى منخفضه الثمن أو تصنيع مايسهل عمله فى المنزل بمكونات معروفة وصحية.
7- يمكن إعادة إستخدام ماتبقى من المواد الخام والتى استخدمت فى إعداد وتجهيز الأطعمة لعمل أكلات جديدة .
وأخيرا فإنه يمكننا القول بأن جميع أفراد المجتمع بمختلف الفئات العمرية لهم دور كبير في غرس ثقافة الترشيد. فإذا تعاون الجميع، يمكننا بناء مجتمع صحي، إقتصادي، وبيئي أفضل .ومن هنا فإن الترشيد ليس سلوك فردي فقط، بل هو مبدأ أخلاقي وإقتصادي يجب أن نتبعه في حياتنا اليومية.
والخلاصه لابد من التوعية المستمرة للمجتمع وغرس أسس الترشيد وهذا ما يدعوا به ديننا الحنيف كما جاء ذكره فى القرآن الكريم، قال الله تعالى (يابنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) .