د.محمد عبدالغني السيد يكتب: المخبوزات وتعزيز الصحة العامة

22 يونيو، 2025 - بتوقيت 3:10 م

باحث بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية- مركز البحوث الزراعية

 

الكثير ينظر الى المخبوزات على انها مصدر للطاقة أو متعة للتذوق، الا انها لم تعد كذلك فحسب، بل تطورت لتصبح وسيلة فعالة لتعزيز الصحة العامه والوقاية من الأمراض، وبالتالي الاتجاه الرائد في صناعة الغذاء الان يجمع بين المتعة الحسية للخبز والحلويات والمعجنات، والقيمة الغذائية الإضافية التي تفيد وظائف الجسم الحيوية. من هنا ظهر مفهوم “المخبوزات الوظيفية”، والتي لا تهدف فقط إلى إشباع الجوع، بل تساهم بشكل فعال في تحسين الصحة العامة وتعزيز الرفاهية، مما يجعلها خيارًا ذكيًا للمستهلك الواعي.
هناك مجموعة واسعة من منتجات المخبوزات الوظيفية المصممة خصيصًا لتقديم فوائد صحية تتجاوز القيمة الغذائية الأساسية والتي تتحقق من خلال عدة استراتيجيات والتي منها على سبيل المثال، دعم المكونات الأساسية لصناعة المخبوزات بالألياف والتي تعمل على تحسين الهضم و خفض الكوليسترول وتنظيم سكر الدم وتعد الحبوب الكاملة و بذور الكتان والشيا ونخالة القمح و الشوفان مصادر غنية بالالياف.
كذلك يتم تعزيز المحتوى البروتيني عن طريق استخدام دقيق البقوليات ومسحوق الحليب وبياض البيض لما لها من دورمهم في عملية البناء وإصلاح الأنسجة. كما يتم تدعيم المخبوزات بفيتامينات )، وبعض المعادن مثل (الزنك والحديد والكالسيوم) لدعم وظائفD,Eوفيتامين مثل (حمض الفوليك
الجسم المختلفة وتعويض النقص الغذائي الشائع. بالإضافة الى التدعيم بالدهون الصحية حيث يتم استبدال الدهون التقليدية بدهون غير مشبعة مثل زيت الزيتون وزيت الكانولا وزيت الافوكادو،أو إضافة اوميجا-3 من بذور الكتان او الشيا او الجوز والتي لها بعد صحى مهم لصحة القلب والاوعية الدموية .

إضافة مكونات نشطة بيولوجيا مثل البروبيوتيك وهى بكتيريا نافعة والتي تضاف غالبا بعد الخبز، كما هو الحال في الحشوات أو الطلاءات ، والتى تضمن بقائها ووصولها إلى المستهلك وهى مفيدة لدعم صحة الأمعاء والمناعة. كما يتم إضافة البريبيوتيك وهى ألياف غير قابلة للهضم (مثل الإينولين) لتغذية البكتيريا النافعة (البروبيوتتيك) في الأمعاء.كما يتم دمج مكونات غنية بمضادات الأكسدة (كالتوت المجفف، الشوكولاتة الداكنة، القرفة، الكركم) لمكافحة الإجهاد التأكسدي والالتهابات.استخدام مستخلصات نباتية ذات فوائد محددة مثل مستخلص الشاي الأخضر لتنظيم السكرفى الدم.

تقليل المكونات غير المرغوبة مثل خفض السكر عن طريق استخدام بدائل السكر الطبيعية (مثل سكر الفاكهة، الستيفيا، الإريثريتول) أو تقليل كميات السكر المضاف للتحكم في السعرات وسكر الدم، خفض الصوديوم عن طريق تقليل كمية الملح للحفاظ على ضغط الدم الصحي، استخدام دقيق خالي من الجلوتين (كالأرز، الذرة، الكينوا، الحنطة السوداء) لمن يعانون من حساسية القمح.

تمثل المخبوزات الوظيفية نقلة نوعية في مفهوم الغذاء، حيث تتحول من مجرد مصدر للشبع إلى أداة فاعلة في تعزيز الصحة والوقاية من الامراض. فهي تجمع بين متعة الاستهلاك والفائدة الصحية، مما يجعلها خيارًا واعدًا في مواجهة تحديات العصر المتعلقة بالأمراض المزمنة المرتبطة بالنظام الغذائي، ومع استمرار تقدم الأبحاث في علوم التغذية وتكنولوجيا الأغذية، يمكن توقع ظهور جيل جديد من المخبوزات الوظيفية أكثر تطورًا وتخصيصًا، لتلبى احتياجات صحية محددة بشكل أفضل. يبقى التحدي في ضمان جودة هذه المنتجات وقبولها الحسي، ورفع وعي المستهلك بفوائدها وكيفية اختيارها بحكمة كجزء من نمط حياة صحي شامل.