د. علي بيومي يكتب : الألوان الطبيعية بين القيمة الغذائية والأهمية الصحية

2 سبتمبر، 2025 - بتوقيت 12:52 م
رئيس قسم الأغذية الخاصة والتغذية
معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية
تعتبر الالوان الغذائية من أكثر المواد المضافة للأغذية حيث تضاف الالوان عموما الى الاغذية لأحد الاسباب الاتية:
• تلوين بعض المنتجات الغذائية التى ليس لها لون من الاصل مثل بعض الحلويات والمثلجات والمشروبات.
• التغلب على قلة تركيز اللون فى المنتج الاصلى او نتيجة تدهور اللون اثناء التصنيع كما فى صناعة المربات والعصائر والصلصات.
• المحافظة على درجة واحدة من اللون أثناء الصناعة حتى لا تتغير درجة اللون من يوم الى اخر او من شهر الى اخر.
وفي هذا الاطار تقسم الالوان المضافة للأغذية الى قسمين رئيسيين :
القسم الاول وهي الوان تحتاج الى شهادات او تصاريح (Certified color)
وهي عموما تعتبر الوان مخلقة ( synthetic) وهذه الالوان تحتاج الى شهادات لاستعمالها في الاغذية وهذه الشهادات تصدرها المنظمات المعنية بالصحة والغذاء مثل:FDA, WHO, FAO, CODEX ALMINRIA, وذلك بعد اجراء التجارب عليها وتحديد الجرعات المناسبة. وهذه الالوان يدخل تحتها الالوان الصناعية (Artificial) ، الوان شبه طبيعية ( natural identical) و صبغات وألوان معدلة اخري ((dyes and lakes. وقد تحدثنا عن بعض اضرار هذه الملونات في مقال سابق.
القسم الثاني وهي الوان غذائية لا تحتاج الى شهادات او تصريح ((Non certified colors
وهذه الالوان طبيعية المصدر ولا تحتاج غالبا الى الى شهادات لاستخدامها وإنما تضاف حسب مقتضيات حالة التصنيع الجيدة GMP)) وأحيانا تسمي generally recognized as safe GRAS)) أي متعارف عليها عموما بأنها امنه. وتشتق هذه الالوان من النباتات او الحيوانات او الميكروبات او المعادن، وتعتبر في الاساس اما أغذية او مكونات غذائية علاوة على انها اضافات غذائية.
واذا تحدثنا عن الالوان الطبيعية ذات المصادر النباتية فنجد انها تتضمن اربعة مجموعات رئيسية وهي: الكاروتينويدات – الكلوروفيلات – الانثوثيانينات – البيتالينات.
وسوف نتناول كل مجموعة من هذه المجموعات بشيء من التفصيل:
الكاروتينيدات Carotenoids
وهي تنتمي الى مجموعة الهيدروكربونات وهي مواد قابلة للذوبان في الدهون وتتدرج من الاصفر الى البرتقالى ثم الاحمر وهي توجد في جميع النباتات الراقية وبعض الحيوانات ولكن الحيوانات لا تستطيع تخليقها وإنما توجد بها هذه الالوان نتيجة التغذية مثل بعض انواع سمك السالمون والعديد من الطيور الملونة.
وتلعب الكاروتينيدات مع الكلوروفيل دور هام في عملية التمثيل الضوئي في النباتات الخضراء عن طريق نقل الطاقة الضوئية التي تمتصها من الكلوروفيل. كما أنها تحمي الأنسجة النباتية من خلال المساعدة على امتصاص الطاقة من الأوكسجين االذري الذي يتكون خلال عملية التمثيل الضوئي. وايضا في بعض انواع الطحالب البنية تكون صبغات الكاروتين ذات اللون الاصفر البني مثل صبغة fucoxanthin هي المسئولة عن التمثيل الضوئي .
ايضا وجود هذه الصبغات في بعض الازهار الملونة يساعد في عملية التلقيح والإخصاب نتيجة لجذب الحشرات اليها كما انها تعتبر دليل على نضج بعض الثمار.
و تقسم الكاروتينويدات الى: كاروتينات وزانسوفيلات ((Carotene, Xanthophylls
اولا الكاروتينات Carotenes
وهي التي يحتوي الجزيء منها على ذرات كربون وهيدروجين فقط وبالتالي فهى تذوب في الدهون ولا تذوب في الماء. فهي عبارة عن هيدروكربونات عديدة عدم التشبع تحتوي علي 40 ذرة كربون وعدد متغير من ذرات الهيدروجين وبعضها ينتهي بحلقة هيدروكربون في احدي طرفي الجزيء او كليهما.
وتشمل الكاروتينات، الفا وبيتا وجاما كاروتين بالضافة الى الليكوبين. ويعتبر البيتا كاروتين والليكوبين من اهم المركبات في مجموعة الكاروتينات من حيث الانتشار والاهمية الغذائية والصحية وكذلك الاستخدام كألوان طبيعية، وهذه بعض الحقائق عنهما:
1- البيتا كاروتين – Beta Carotene
جزيء البيتا كاروتين يتكون من 40 ذرة كربون و56 ذرة هيدروجين ترتبط مع بعضها بروابط زوجية متبادلة حيث يحتوي عل 11 رابطة زوجية متتابعة. و يتميز البيتا-كاروتين عن باقي الكاروتينات بان الجزيء يحتوي على حلقتين بيتا ايونون او مجموعتين ريتنيل two retinyl groups يمكن ان تنكسر في الامعاء الدقيقة للانسان الى 2 جزيء فيتامين أ بواسطة انزيم beta-carotene 15,15′-monooxygenase
اما ألفا وجاما كاروتين نظرا لاحتوائهما على حلقة واحدة بيتا ايونون فأنهما يمكن ان يعطي كل جزيء منهما جزيء واحد فيتامين أ .
يتركز البيتاكاروتين بمستويات معنوية في الخضراوات الورقية مثل البقدونس والسبانخ والبروكلي وكذلك في بعض الخضراوات الاخرى مثل الجزر واليقطين وايضا بعض الفواكه مثل المانجو واليوسفي والمشمش والخوخ. ايضا يتواجد في بعض الكائنات الدقيقة مثل الفطريات والطحالب .
ترجع الاهمية الحيوية للبيتاكاروتين ليس فقط لانه مضاد اكسدة قوي ولكن يعتبر المولد الاكبر لفيتامين (ا) الذي يعمل على تقوية الابصار والنمو والتطور وتقوية المناعة.
– 2الليكوبين Lycopene
يتكون جزيء الليكوبين من 40 ذرة كربون مرتبطة مع بعضها بروابط زوجية: 11 رابطة زوجية متتابعة ورابطتين غير متتابعتين ،فيكون اجمالي عدد الروابط الزوجية بالجزيء هو (13) وهو ما يعطي جزئي الليكوبين الميزة النسبية كمضاد اكسدة قوي. ولكن الجزيء لا يعطي فيتامين ا وذلك لأنه لا يوجد به أي من حلقتي البيتا ايونون (الحلقتين الطرفيتين مفتوحة).
تعتبر الطماطم ،الفلفل الاحمر، البطيخ والجريب فرووت من افضل المصادر المعروفة لليكوبين وتحتوي الطماطم ومنتجاتها على اعلى نسبة من الليكوبين حيث تتراوح هذه النسبة من 3.1 الى 7.74 مليجرام لكل 100 جرام من الطماطم الطازجة حسب الصنف والموسم . يلي ذلك البطيخ حيث تصل الى 4.1 ثم الجريب فرووت 3.36 مليجرام لكل 100 جرام على اساس الوزن الرطب.
يعتمد لون الليكوبين على درجة تركيزه فيكون برتقالي اللون في المذيبات المخففة ويكون احمر ساطع عندما يتراكم كما في قشور الطماطم.
تعتبر بعض صور الليكوبين مثل الراتنج الزيتي والمساحيق والمعلقات المائية اكثر ثباتا على مدى واسع من ال pH ودرجة الحرارة وذلك في غياب الاكسجين والضوء والمواد المؤكسدة الاخرى . الى جانب ذلك يعتبر الفلفل الحلو الاحمر هو أرخص وأكثر ثباتا، ويعطى لون مماثل لليكوبين.
يعتبر الليكوبين مضاد اكسدة قوي وقد اثبتت الدراسات ان الاستهلاك العالي لليكوبين يكون مرتبط بخفض خطر الاصابة بسرطان البروستاتا وامراض القلب وتصلب الشرايين.
تم التعرف على 18 نوع من الكاروتينات في سييرم الانسان اهمها الليكوبين والبيتاكاروتين ووجد ان الليكوبين الموجود في البلازما والانسجة يوجد في الوضع Cis وتمثل نسبته 50-88 % من نسبة الليكوبين الكلي الموجود.
وفي بعض الدراسات تم تقدير الليكوبين في بعض الانسجة الحيوانية ووجد ان اعلى تركيز يوجد في الغذة الفوق كظرية والخصيتين ثم الكبد والانسجة الدهنية ثم الكلى والمبايض.
وفي دراسة اخرى تم قياس تركيز الكاروتينات في سيرم صغار وكبار السن من الجنسين ووجد ان نسبة البيتا كاروتين تزيد بمقدار الضعف تقريبا في صغار الاناث عنها في صغار الذكور. بينما تركيز الليكوبين يكاد يكون متساو في الصغار من الجنسين . اما في كبار السن فان نسبة الليكوبين والبيتا كاروتين تكون اعلى في الذكور عن الاناث.
بعض الخواص البيولوجية لليكوبين:
– يزيد من نشاط الانزيمات المضادة للأكسدة glutathione reductase and peroxidase
– يخفض مستوى المالونلدهيد (malondialdehyde) في الكبد والبلازما.
– يحسن من توصيل الاشارات بين الخلايا cell gap junctional communication وذلك عن طريق تحفيز عملية تخليق البروتين connexin 43 وهو البروتين المسئول عن نظام توصيل الاشارات بين الخلايا.
– بسبب ان الليكوبين محب للدهون بدرجة عالية (highly lipophilc) فهو يتواجد في الاغشية الخلوية والأنسجة الدهنية ولذلك له القدرة على امتصاص الشقوق الحرة والاكسجين الذري عن الكاروتينات الاخرى.
– الليكوبين يثبط نواتج اكسدة LDL-cholesterol ويحمي الجلد من خطر الاشعة الفوق بنفسجية .