مخاطر ري المحاصيل الزراعية بمياة الصرف الصحي (صور

28 أغسطس، 2020 - بتوقيت 7:53 م

 

تشهد الزراعات في محافظات الدلتا والقريبة من القاهرة رى المحاصيل بمياه الصرف نتيجة نقص مياه الري وحتى بالمعالجة ويرفضها الخبراء فى ري المحاصيل الزراعية الوراقية وغيرها، حيث تسبب هذه المياه العدوى بالعديد من الفيروسات الخطيرة منها، الفيروسات الكبدية، فيروس الحمى السنجابية المسبب لشلل الأطفال، فيروس ريو المسبب للإسهال، فيروس الحمى الغددية، فيروس الكوكساكي والذي يسبب وباء التهاب عضلة القلب والالتهاب السحائي والذبحة الصدرية، فيروس الايكو المسبب للالتهاب الرئوي والالتهاب السحائي والالتهابات المعوية المسببة للإسهال الحاد، وغيرها.. كما تسبب العدوى بالعديد من أنواع البكتريا والطفيليات المتسببة في الالتهاب المعوي الحاد المصحوب بإسهال دموي وجفاف وحمى وفقدان للوزن وآلام معوية حادة وغالباً تسبب الوفاة خاصة في الأطفال ومنها: السلامونيلا، الكوليرا، التيفود، الدوسنتاريا بكافة أنواعه، البكتريا القولونية.

أما المعادن الثقيلة التي تحتويها مياه المجاري فإن المشكلة لا تتوقف عند تناول الإنسان للخضروات المروية بهذه المياه, بل حتى الحيوانات، خاصةً إذا تناولت المواشي نباتا أو أعلافاً تحوي نسبة عالية من تلك المعادن فإن منتجاتها كاللحوم والحليب تنقل تلك الملوثات الخطيرة للإنسان، ومنها الكادميوم والنيكل والنحاس والزنك والرصاص والزئبق وهي تسبب تلف الدماغ وخاصة للأطفال وشلل الجهاز العصبي والعمى وقد ينتهي الأمر للشخص بالفشل الكلوي أو الكبدي أو حدوث خلل مزمن في الجهاز العصبي بجميع أعضائه ثم الوفاة.

وبحسب كتاب “سمية المبيدات والمعادن” فإن الرصاص سام عند أي مستوى من الجرعات وهو مادة مسرطنة ومسببا لفقر الدم ويتم امتصاصه من النباتات التي تؤكل أوراقها، وتبلغ الكمية التي يسمح للإنسان البالغ بتناولها يوميا من الرصاص عن طريق الغذاء 0.01 مل لكل كيلو جرام،
أما الزئبق، فإنه يتراكم أساسا في الكبد والكلية والدماغ، وله مركبات شديدة السمية, لا يتخلص الجسم منها عبر البول أو البراز بل تتراكم فيه، وتبلغ الجرعة السامة للجسم 25 إلى 40 مل لكل كيلو جرام سواء دفعة واحدة أو بالتراكم،
في حين يعد الكادميوم مادة مسرطنة ويحل محل الكالسيوم في العظام ما يسبب هشاشتها وتشوهات عظمية مختلفة وفي مراحله الأخيرة يسبب التهاب مخ العظام، وقد أظهرت نتائج فحص عينات مروية بالمجاري أن تركيزات النتريت فيها في مرحلة الخطورة الشديدة، لأنها أعلى من النسبة الممكنة والتي يجب أن لا تتجاوز 0.001 مل لكل كيلو.

وهناك فئات عدة من المجتمع أكثر عرضة للخطورة هم أصحاب الحقول وعائلاتهم، والعاملون في تلك الحقول وعائلاتهم ومتداولو المحاصيل من التجار وعمال النقل، وكذا مستهلكو اللحوم والحليب والمحاصيل المروية بتلك المياه القاتلة ثم الأشخاص الذين يقطنون بالقرب من هذه الحقول

شكل آخر للخطر

لا يقتصر أمر مخاطر الري بمياه الصرف الصحي أو المجاري على صحة الناس المباشرة فقط وإنما تمتد إلى التربة المروية بمياه الصرف الصحي حيث أكد أخصائيون أنها تصبح غير صالحة للاستثمار بشكل كامل إذ تغلق المسامات الموجودة فيها وتتملح ويؤكدون أن هذه التربة في الفترة الأولى يمكن أن تعطي مردودا كبيرا نتيجة احتواء المياه على بعض المواد التي تسبب ذلك ولكن هذا لا يعني أن التربة أصبحت أجود بل على العكس تماما لأنه بعد فترة تسوء حالتها تماما.

تعاظم المخاطر الصحية الناجمة عن ذلك.

– ولعل الكارثة الحقيقية تتمثل في ري المزروعات التي تؤكل نية أكثر منالمطبوخة و أضف إلى ذلك أن مياه الصرف الصحي تتغلغل في التربة مما يؤدي إلى
وصولها إلى المياه الجوفية وبالتالي إلى مياه الشرب التي نستخدمها في حياتنا
اليومية.

كارثة اخرى
تحتوى مياة الصرف الصحي على مادة الكلوروفورم الناتجة من تفاعل الكلور وغاز الميثان الكلوروفورم أو ثلاثي كلورو ميثان مركب عضوي صيغته الكيميائية CH Cl 3يحضر الكلوروفورم صناعياً من تسخين غاز الكلور مع الميثان أو كلور الميثان.CH4 + CL2 = CH Cl3.

– كلوروفورم Chloroform
يسمى أيضاً ثلاثي كلوريد الميثيل، صيغته الكيميائية CHCl3، وهو مادة متقلبة يشتبه في تسببه للسرطان لدى الإنسان، يؤدي التعرض له إلى تهيج العيون، والجهاز الهضمي، وغثيان، ودوار، إضافة إلى تعب وإجهاد عصبي، وضيق في التنفس، علاوة على اختلال الجهاز العصبي، وقد يسبب تلف في الكلى والكبد، والغدد الهرمونية، كما أن التعرض لمعدلات عالية منه تؤدي إلى إغماء المصاب وقد تودي بحياة الإنسان.ا

– راء بعض الاساتذة فى ري المحاصيل بمياة اىصرف اىصحي الغير معالجة

يقول جمال الحبالى، باحث في المحاصيل الزراعية، إن الري المتكرر والمستمر لسنوات طويلة بمياه غنية بالأملاح والصوديوم يشكل خطرًا على سلامة التربة، ويمكن أن يؤدي إلى تآكل بنيتها وإضعاف خصوبتها، مع تدهور تدريجي لصلاحية هذه الأرض للزراعة على المدى الطويل.

كما يؤدي ذلك إلى اختلال توازن المواد الغذائية في التربة، وازدياد نسبة الأيونات السامة “Toxic ions”، ما يساعد على تراكم المعادن الثقيلة في التربة، ويؤدي إلى تلويث المحاصيل الزراعية والتأثير سلبا على الكائنات النباتية والحيوانية الموجودة في التربة الضرورية لخصوبتها.

وتشير دراسة للدكتور نبيل فتحي السيد، بمعهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة، التابع لمركز البحوث الزراعية، إلى أن المخاطر السمية التي تتعرض لها الأرض الزراعية نتيجة الري بمياه الصرف الصحي غير المعالجة، سواء كانت مخلفات المصانع أو المحال التجارية أو المنازل تؤدي إلى ارتفاع نسبة عناصر البورون والكلوريد والصوديوم والعناصر الثقيلة بتركيزات تزيد عن الحدود المسموح بها، ما يسبب احتراق أوراق النبات، وبالتالي تقليل إنتاجيته.

وتوضح الدراسة أن المخاطر الصحية التي يتعرض لها الإنسان نتيجة النيتروجين الذائب، الذي يتأكسد إلى نترات، يعرض الإنسان إلى أمراض كثيرة، إذ يصل أيون النترات والنتريت مع مياه الري أو الصرف أو تختزنه بعض النباتات في أنسجتها بنسبة عالية مثل (البنجر- الجزر- الكرنب- الفجل- الكرفس- الخس- السبانخ- الخيار- الفاصوليا)، ما يفقدها الطعم ويغير لونها ورائحتها.

وتنتقل النترات عبر السلاسل الغذائية للإنسان، فتسبب فقر دم عند الأطفال وسرطان البلعوم والمثانة عند الكبار.

أما العناصر الثقيلة التي تنتقل عبر مهلفات الصرف، فمثل النيكل- الكوبالت- الزئبق- الرصاص- الكادميوم- الفلوريد- السلينيوم، والزئبق والمنجنيز يؤثران على المخ والأعصاب، والكوبالت واليود يؤثران على الغدة الدرقية، والزئبق والكادميوم يؤثران على الكلى.

أما السلينيوم يؤثر على الأسنان واللثة، والرصاص يسبب أمراض الدم والقلب والسرطان، والحديد والنحاس والزنك والمنجنيز وجودها بتركيزات عالية جدا يؤدي إلى تحويل النباتات الغذائية إلى نباتات سامة.إلى جانب وجود العديد من بويضات الطفيليات المسببة لكثير من الأمراض البلهارسيا والأنكلستوما والإسكارس والديدان الكبدية، بالإضافة إلى وجود البويضات التي تسبب الأمراض للماشية والتي تنتقل للإنسان مثل التينيا سوليوم والتينيا ساجنيتا، وكذلك التدهور في كل الصفات النباتية ونسبة الإنبات، بسبب التلوث بعنصري الرصاص والنيكل.

لذا وجب علينا أن ندق ناقوس الخطر لاستعمال مياه الصرف الصحي
في ري المحاصيل الزراعية ويجب أن تنتبه وزارة الري ووزارة الزراعة ووزارة
البيئة ووزارة الصحة والإعلام بأدوارهم لحماية المجتمع من هذه الكارثة فالمسئولية مشتركة مصر دوله تحترم حق وصحة الإنسان
كما يجب وضع قواعد معينة للسماح وإن لزم الأمر فيجب معالجة مياه الصرف أولا وتقييد استخدامها يمكن من خلاله احتواء المشكلة ومن ثم حلها.

د. جومانا محمد أخصائي تغذية وخبيرة