د علي اسماعيل يكتب : اليوم العالمي للمياه وقضايا التنمية في مصر

23 مارس، 2021 - بتوقيت 2:25 م

 

استاذ ادارة الاراضي والمياه – مركز البحوث الزراعية – مصر 

في اطار الاحتفالية الدولية للامم المتحدة باليوم العالمي للمياه الذي يوافق  22 مارس من كل عام بعد ان تم اقراره في مؤتمر التنمية والمناخ في ريدوجنيرو – بالارجنتين بالقرار في 22 ديسمبر  1992(A/RES/47/193)  ليكون ذلك اليوم هو اليوم العالمي للمياه ليبدا الاحتفال به اعتبارا من 1993 .

فاذا نظرنا الي اهمية المياه فهي شريان الحياه وان كمية المياه العذبة علي مستوي الكرة الارضية التي تغطيها البحار والمحيطات 71 % من مسطح الكرة الارضية بينما تبلغ المياه العذبة منها 2.7% منها وهذا يوضح مدي صعوبة توفر المياه العذبة وخاصة ان 68 % من هذه المياه تكون في الصورة الجليدية وان المياه الموجودة في الانهار والمستنقعات التي يمكن ان تمثل اقل من واحد بالمائة %  وان مايستفاد منه من هذه المياه العذبة التي تمثل 2.7% تمثل فقط 3 بالمائة من هذه المياه علي مستوي العالم والتي تعتبر عصب التنمية واساس الحيه في كل البلدان والتي تاتي من مصادر متعددة سواء كانت الامطار او الامهار او المياه الجوفية التي تمثل 76 و.% من اجمالي المياه العذبة والمياه العابرة للحدود في الانهار والمياه الناتجة من التحلية واعادة الاستخدام.  

إن الزراعة المصرية واستخدام المياه قد دخلت حقبة جديدة  من الاهمية واصبحت المياه ومحدداتها مع ندرتها العامل الاساسي في تطوير وتحديث الزراعة المصرية  في ظل التحول من الوفرة الي الندرة .، والسؤال الذي يطرح نفسه ما هي النتيجة المتوقعة والتحديات التي يمكن ان تواجه الزراعة الجديثة  واستصلاح الاراضي الجديدة  ؟؟؟   وقضية تطويرها مع  الزيادة السكانية الحادة والمضطردة التي تلتهم الكثير من عوائد التنمية ففي ظل النمو الاقتصادي والسكاني الحالي والذي يتخطي 2%  بالإضافة إلى التحديات البيئية المستقبلية ، تواجه مصر العديد من المشاكل بوضع حلول استراتيجية  سريعة  لمواجهة مشكلة ندرة المياه الخطيرة وتحسين نوعية المياه وتدبير موارد غير تقليدية والبحث عن تقنيات جديدة في المعالجة والتحلية . ويعد معدل توفر المياه للفرد بالفعل واحدًا من أدنى المعدلات في العالم في عام 2000 ، كان نصيب المياه للفرد حوالي 1000 م مكعب ومن المفترض أن ينخفض ​​هذا إلى النصف  ​​إلى ما دون معدل الندرة بحلول عام 2025. كما انخفض نصيب الفرد من المياه المتجددة من 853 م مكعب   2002ومن المتوقع أن يصل هذا إلى 450 متر مكعب بحلول عام 2030 مما يضعنا امام تحديات صعبه وخاصة امام زراعة 12 مليون فدان مساحة الرقعة الزراعية المستهدفه والتي تبلغ 18 مليون فدان مساحة محصوليه متوقعة ضمن الخطة الطموحة التي يتبناه السيد رئيس الجمهورية مع اهتمامه بالزراعة ووضعها في بداية اجندة الدولة بعدما ظهرت اهميتها في السنوات الاخيرة مع جائحة كورونا  . لذا فالامر يتطلب التخطيط الاستراتيجي بعيد المدي للبحث عن موارد جديدة للمياه خارج الحزمة المستخدمة من المياه العاذبة الواردة من النيل والبحث عن المياه الجوفية وتحلية الابار التي تتغير صفاتها الكيميائية وتتجه للتمليح نتيجة السحب الجائر او طبيعة الطبقات الحاملة لهذه المياه . 

فتدوير المياه واعادة الاستخدام ربما تسهم بحل جزء من المشكلة وخاصة مع الرؤيا الجديدة التي تتوجه لها الدولة المصرية والتي تحظي بدعم وارادة القيادة السياسية ورصد مايقرب من 435 مليار جنيه لتحلية مياه البحر والمياه النصف مالحة في البحيرات الشماليه والتي تعتمد علي الطاقه ومدي توفرها ومعالجة مياه الصرف الزراعي والصحي للوصول بنوعية مقبوله بالمواصفات التي تحددها الاحتياجات ومتطلبات الزراعة المصرية وخاصة في المشروعات الزراعية في المناطق الشمالية خاصة وان المناطق الشماليه يمكن ان تعتمد علي نظام الري التكميلي مع زراعات الزيتون والنخيل والتي يمكن ان تحل مشكله الفجوة الموجودة في الزيوت والسكر مع التنوع البيولوجي الذي يمكن ان ينجح مع الاستزراع السمكي المكثف الصحراوي مع هذه المشروعات وانتاج الطاقه من الطحالب وغيرها واستخدام الزراعة الذكية كمفهوم جديد للزراعة المميكنه واستخدام تقنيات الري الحديث والمرتبط بنظم المعلومات الجغرافيه  ومستشعرات التربة  والارضاد الجوية وغيرها من البرامج المساعدة في ادارة المزارع والموبيل ابلكيشن في الادارة المزرعية الحديثة . 

وهل تسمح عمليات تدوير المياه وترشيدها  في الزراعة  حل جزء من نقص الموارد المائية  الواردة علي المدي القصير ؟؟؟   ام ان استقطاب موارد مائية جديدة كحصاد مياه الامطار وتحلية المياه نصف المالحة من البحيرات   ربما تكون هي الجزء الاساسي والفعال في توفير متطلبات  مياه الشرب والصناعة والتي تقلل الضغط علي حصة المياه المخصصة  للزراعة واستصلاح الاراضي . وان معالجة مياه الصرف الصحي والصناعي واستخدامها مع مياه الصرف الزراعي مرة اخري  بمواصفات تصلح لانتاج مجموعة من المحاصيل الزراعية هو طوق النجاه مع وجود مشروعات عملاقة للدولة المصرية كمحطات معالجة ( المحسمة – سرابيوم – بحر البقر)  وغيرها من المحطات  والتي توجه مياها بعد المعالجة  لاستصلاح  الاراضي وذيادة الرقعة الزراعية ضمن البرنامج الذي يوليه  السيد الرئيس اهمية خاصة بتحسين نوعية المياه للزراعة وذيادة معدلات التنقية والمعالجة كمورد هام من الموارد المائية  . ام ان التوجه العلمي ودور البحث العلمي الزراعي في انتاج الاصناف واستخدام تكنولوجيا الهندسة الوراثية قادرين علي حل جزء من هذة المشكلة بتوفير اصناف من المحاصيل تتحمل الملوحة والجفاف والتغيرات المناخية وتعزز دورها في المدي القصر لحل مشكلة ندرة المياه مع علماء التربية للاصناف النباتية المختلفة  . 

ومن هنا تاتي الاهمية للتوعية باهمية المياه علي النطاق القومي والمؤسسي والفردي وان هناك فرصة فرصة للعديد من الجهات الفاعلة لتنظيم الأنشطة المتعلقة بموضوع اليوم العالمي للمياه”، بوصفها وسيلة لجذب الانتباه إلى أهمية المياه العذبة، والدعوة إلى الإدارة المستدامة لموارد المياه العذبة والاستفادة القصوي منها بالشكل الامثل والمستدام وخاصة مع دخولنا في حد الشح المائي مع الذيادة السكنية المضطردة وذيادة الطاب علي المياه ..

 و قد دعت الجمعية العامة فى ذلك القرار الدول إلى تكريس هذا اليوم، حسب مقتضى الحال فى السياق الوطنى، لأنشطة ملموسة من قبيل زيادة الوعى عن طريق نشر المواد الوثائقية وتوزيعاها، وتنظيم مؤتمرات واجتماعات مائدة مستديرة وحلقات دراسية ومعارض بشأن حفظ وتنمية موارد المياه وتنفيذ توصيات جدول أعمال القرن 21 وفي هذا السياق فقد عقد اجتماع الذي يتبني الهدف السادس 

بينما تنفذ أكثر من 30 منظمة من منظمات الأمم المتحدة برامج المياه والصرف الصحي ، لا يوجد كيان واحد تابع للأمم المتحدة مخصص حصريًا لهذه القضايا. في عام 1977 ، بدأت مجموعة الأمم المتحدة المشتركة بين الأمانات للموارد المائية بتنسيق أنشطة الأمم المتحدة بشأن المياه. بعد ذلك ، في عام 2003 ، تم تحويل اللجنة الفرعية المعنية بالموارد المائية التابعة للجنة التنسيق الإداري للأمم المتحدة إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية وصادق عليها مجلس الرؤساء التنفيذيين لمنظومة الأمم المتحدة المعني بالتنسيق. تلعب UN-Water دورًا تنسيقيًا داخل الأمم المتحدة لضمان قيام أسرة الأمم المتحدة “بوحدة واحدة” استجابة للتحديات المتعلقة بالمياه.  وقد ينصب التركيز الشامل لأعضاء وشركاء لجنة الأمم المتحدة للمياه على دعم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لإدارة المياه والصرف الصحي على نحو مستدام. يتم تنفيذ هذه المهمة من خلال ثلاثة مجالات عمل: إبلاغ السياسات ، والرصد وإعداد التقارير ، والعمل الملهم.

 ويدعو الإطار إلى “لحظة” سنوية لهدف التنمية المستدامة 6 خلال الاجتماعات السنوية للمنتدى السياسي الرفيع المستوى والذي يتم عقدة .بشأن الاستعدادات للفعاليات رفيعة المستوى في الأمم المتحدة بشأن قضايا المياه والصرف الصحي في عامي 2021 و 2023. 

وقد أتاح  الاجتماع الثالث والثلاثون للجنة الأمم المتحدة المعنية بالمياه فرصة قصيرة للأعضاء والشركاء والمراقبين في آلية التنسيق المشتركة بين وكالات الأمم المتحدة لمناقشة دور المياه والصرف الصحي في معالجة جائحة COVID-19. كما تلقى المشاركون تحديثات بشأن فرص المشاركة على المستوى العالمي لبناء الزخم لتنفيذ الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة (المياه النظيفة والصرف الصحي).  كان إطار التسريع العالمي للهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة محل تركيز خاص ، والذي تم اطلاقه في يوليو 2020 من قبل لجنة الأمم المتحدة للمياه بمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس و 11 من رؤساء وكالات الأمم المتحدة. أبرز رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية ، جيلبرت هونجبو ، أن إطار التسريع العالمي لهدف التنمية المستدامة 6 يدعو إلى “لحظة” سنوية لتحقيق الهدف 6 خلال منتدى الأمم المتحدة السياسي رفيع المستوى بشأن التنمية المستدامة . عندما ينعقد في شهر يوليو من كل عام تحت رعاية اللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة. والمجلس الاجتماعي ستوفر لحظة الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة فرصة لتقييم التقدم ومشاركة قصص النجاح.. 

ويصادف عام 2023 منتصف المدة لعقد العمل في مجال المياه (2018-2028) ، وسيعقد مؤتمر الأمم المتحدة المعني باستعراض منتصف المدة الشامل لتنفيذ أهداف العقد الدولي للعمل ، “ المياه من أجل التنمية المستدامة ” ، في الفترة من 22 – 24 مارس 2023. أشار محمدامين محمدامينوف ، الممثل الدائم لطاجيكستان ، ومارك زيلنراث ، نائب الممثل الدائم لهولندا ، إلى جهود بلديهما كميسرين مشاركين فيما يتعلق بطرائق هذا الحدث. أفاد شاترجي أن الاجتماعات التحضيرية الإقليمية ستعقد في عام 2022 لاجتماع استعراض منتصف المدة.

وان  جهود توجيه السياسات على وضع قضايا المياه والصرف الصحي على جدول أعمال اتفاقيات الأمم المتحدة الرئيسية ، بما في ذلك خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة الخاصة بها. يدعو الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة المجتمع الدولي إلى السعي لضمان توافر المياه والصرف الصحي وإدارتها بشكل مستدام للجميع بحلول عام 2030.

تسعى جهود المراقبة والإبلاغ إلى توفير بيانات ومعلومات متسقة وموثوقة حول اتجاهات المياه الرئيسية وقضايا الإدارة. تعتمد مبادرة الرصد المتكامل للهدف 6 على الخبرة والدروس المستفادة خلال تنفيذ الأهداف الإنمائية للألفية وتوسعها ، وتهدف إلى:

  • تطوير منهجيات وأدوات لرصد المؤشرات العالمية للهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة .
  • زيادة الوعي على المستويين الوطني والعالمي فيما يتعلق برصد الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة.
  • تعزيز قدرة الدول التقنية والمؤسسية على الرصد 
  • تجميع البيانات القطرية والإبلاغ عن التقدم العالمي نحو الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة.

فيما يتعلق بإطار التسريع العالمي للهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة ، أشار رئيس لجنة الأمم المتحدة للمياه أنغبو إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة و 11 رئيسًا من وكالات الأمم المتحدة شاركوا في إطلاق الإطار خلال حدث جانبي خاص خلال بالمنتدى السياسي رفيع المستوى حول التنمية المستدامة في يوليو 2020. وناقش التركيز الإطاري على البناء من خلال جهود إصلاح الأمم المتحدة والسعي لربط فرق الأمم المتحدة القطرية بأعضاء لجنة الأمم المتحدة المعنية بالمياه. كما سلط الضوء على أن إطار التعجيل العالمي للهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة يدعو إلى “لحظة” سنوية للهدف 6 خلال الاجتماعات السنوية للمنتدى السياسي الرفيع المستوى ، لتوفير فرصة لتقييم التقدم ومشاركة قصص النجاح.

فالتحديات تزداد امام الزراعة المصرية ويجب ترتيب الاولويات بإعتبار ان الزراعة هي المستهلك الاعظم من المياه  والتي يمكن ان تصل الي  75 مليار متر مكعب مع اجمالي 12 مليون فدان في 2030. فمياه الشرب تأتي في الاولوية الاولي تليها الصناعة ثم الزراعة . فقد نري ان الزراعة المصرية لابد لها من ان تعيد ترتيب الاولويات لديها بما يعظم من دورها ومواجهة التحديات المفروضة عليها وان يجد علماء الزراعة والباحثين اليات تطبيقية لحل مشاكل ندرة المياه وتعظيم الاستفادة من وحدة المياه والارض لتعظيم انتاجية الفدان ومضاعفته من المنتج الزراعي سواء لمحاصيل الحقلية او البستانبة وربما تكون استخدام البيوت المحمية ( الصوب الزراعية) هي احد الادوات والاليات التي تعظم الاستفادة من وحدة المياه المستخدمة  ووحدة السماد مع الاصناف العالية الانتاجية من هجن الخضر والوصول بالانتاج الزراعي الي المستهدف منه والمساهمة في الناتج القومي بالنسبة التي تضعه في وضعها الامثل والطبيعي والتي ربما تصل الي 20% مع التحديات القائمة والمستقبلية .