د. علي اسماعيل يكتب: الاهمية القومية لتحديث منظومة الري الحقلي

4 أغسطس، 2021 - بتوقيت 12:26 م

 

د. علي اسماعيل  استاذ ادارة الاراضي والمياه – مركز البحوث الزراعية 

 يعتبر الماء أهم الثروات الطبيعية والتى لولاه ما كانت هناك حياة على وجه الأرض فقد صدق الله العظيم فى كتابه العزيز ” وجعلنا من الماء كل شئ حى” فنقص المياه فى العالم بصفة عامة وفى مصر بصفة خاصة  يجعلنا نضع هذا الموضوع في صدر الموضوعات الاكثر اهمية ونظراً لثبات حصة مياه مصر من جميع الموارد المائية مع الزيادة المطردة فى تعداد السكان التي تخطت 2 بالمائة وان  مصر الآن أصبحت في حاجة  ملحة إلى تيسير موارد مائية جديدة وتعظيم الأستفادة من الموارد المائية المتاحة لسد الطلب علي الأحتياجات الغذائية للسكان .ونظراً لما يشكله الماء باعتباره الركن الأساسى فى التنمية الأقتصادية والأجتماعية بصفة عامة و مع ندرة الأمطار وتكرار دورات الجفاف نتيجة للتغيرات المناخية  التي تؤثر علي العالم ومنها مصر مما ينعكس سلباً على الموارد المائية من جهة وعلى الأنتاج الزراعى من جهة أخرى ويترتب على ذلك تفاقم الأزمات الأقتصادية والأجتماعية ويتسبب الأستعمال غير الرشيد للموارد المائية وسيادة الطرق التقليدية فى الرى إلى اهدار كميات كبيرة من المياه بما لا يتناسب مع الأنتاج الزراعى المتحقق منها. بالأضافة إلى ضعف التوعية على مستوى الفرد والمجتمع بقضايا المياه حالياً ومستقبلاً. 

 الرؤيا العامة للدولة المصرية والاهداف الاستراتيجية 

تبني الرؤيا علي الحاجة ومن خلال التخطيط الاستراتيجي بعيد المدي ونظرا للظروف الحالية التي تقوم بها الدولة من خطط استصلاح اراضي وانشاء مجتمعات عمرانية جديدة فإن الحاجة للمياه  اصبحت امر ضروري  وحيويا وان ما يطرا علي مصر بصفة خاصة  من متغيرات محلية وإقليمية وتنمية للمجتمع وتحديث للدولة المصرية  فان الموارد المائية الموجودة أصبحت غير كافية من الناحية العملية والتطبيقية نظرا للتطور السريع الذي تشهده مصر خلال السنوات القليلة الماضية والذي يمثل نقلة حضرية ونوعية يلزم معه تطوير منظومة الري وتحديثها في النشاط الزراعي بهدف الاستفادة القصوي من وحدة المياه مع وحدة الارض لتعظيم الانتاجية الزراعية وذيادة الناتج القومي الزراعي المرتبط بالتركيب المحصولي الاقتصادي والاستراتيجي –  ذيادة الرقعة الزراعية بإضافة مساحة جديدة من خلال  التوسع الافقي مع  ذيادة الانتاجية في الاتجاه الراسي لوحدة المساحة من خلال المعاملات الزراعية وحزم التوصيات  – تحسين الاصناف النباتية  وتطويرها وتحسين برامج التربية تحت ظروف التغيرات المناخية – تطوير وتحديث منظومة الري الحقلي وصيانة التربة

وان استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة حتى عام 2030 تتضمن ثلاث اهداف رئيسية في مجال الاستفادة وتعظيم الموارد المائية  : 

الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية-  زيادة الانتاجية الزراعية من وحدة الاراضي والمياه – تحسين وتطوير منظومة الري الحقلي ورفع كفاءة استخدام المياه في القطاع الزراعي. 

طبيعة الميزان المائي لمصر وندرة المياه 

يمرالميزان المائي بعجز دائم ومتراكم في التوازن المطلوب بين العرض الكلي والطلب الكلي المتزايد بمعدل متزايد بزياده عدد السكان متمثله في مشروعات المجتمعات العمرانيه والقري الجديده علي مستوي الاسكان والتوسع في زياده مشروعات الاستصلاح القوميه والاهليه في الاراضي الجديده الامر الذي بات ومن المؤكد تضأل نصيب الفرد من المياه الي اقل من ٦٠٠ متر مكعب الي ٤٥٠ متر مكعب في السنه عام ٢٠٢٥ .ومن المتوقع ان يصل نصيب الفرد عام ٢٠٥٠ الي ادني من ٣٥٠ متر مكعب في السنه وذلك لزياده متوسط معدل النمو السكاني ٢% ويصل استهلاك الفرد الي ٢٤٧ لتر/ يوم وبالتالي سوف يصل عدد السكان عام ٢٠٥٠ الي ١٧٢ مليون نسمه الامر الذي يتطلب زياده الموارد لتصل الي نحو ٩٧ مليار متر مكعب الامر كذلك الذي بات يؤكد علي فجوه مائيه كبيره. 

 لذا من الاهمية رفع الكفاءه الاقتصاديه علي مستوي الحقل التي تعمل علي توفير المياه وزياده الانتاجيه من وحدة المياه والارض الامر الذي يجعل الاولويه لمشروعات تطوير الري الاولويه الاولي لاهميتها  وخاصة المساقي والمراوي ونظم  الري  داخل الحقل عنها في المجاري المائية لترع النقل والتوزيع. 

وان ندرة المياه تؤثر على القطاع الزراعى اكثر من القطاعات الاخرى ، وفي ظل جميع السيناريوهات ، فإنه يتوقع ان ينخفض متوسط المياه المخصصة لكل فدان بنحو يتراوح من 6%  الى 11% 

اهمية الحفاظ على القطاع الزراعى  مع ندرة المياه

وبوصفه احد الدعامات الاساسية للاقتصاد الوطنى ، فإن القطاع يحتاج الى التكيف مع حالة ندرة المياه عن طريق  قدرة القطاع علي تطوير منظومة الري الحقلي وتحديثها والاستفادة من الممارسات الزراعية الجيدة لزيادة الانتاجية لوحدة المياه مع وحدة المساحة والتي يمكن التغلب عليها والاستفادة منها من خلال مجموعة من العناصر المتكاملة التي قد تساعد في حل كثيرا من المشاكل التي تواجه القطاع الزراعي حاليا ومستقبلا تتمثل في:

  1. الاستفادة من البحوث العلمية لزيادة انتاجية المحاصيل وتقليل الهادر والتالف
  2. تربية الاصناف والسلالات عالية الانتاجية المتحملة للجفاف وقصيرة العمر
  3. الممارسات الزراعية ( التسوبة بالليزر – الزراعة علي مصاطب – ميكنة العمليات والخدمة من الزراعة حتي الحصاد – الري علي الحامي – الري حتي ثلثي الخطوط ).
  4. رفع كفاءة وزيادة علاقة وحدة الارض بإنتاجية وحدة المياه واستخدام تكنولوجي الزراعة الذكية لحساب الاحتياجات المائية وتوقيتات الري وتحديث جداول الاستهلاك المائي مع الارصاد الجوية .

مفهوم الاستدامة  والتنمية المتكاملة للمنظومة المائية في التنمية الزراعية  

فالادارة المائية المتكاملة والجيدة في الاراضي المصرية  والتي يمكن ان تتم من خلال التعاون المثمر والبناء والشراكة بين وزارة الزراعة واستصلاح الاراضي ووزارة الموارد المائية والري والتفهم المؤسسي ان إدارة منظومة المياه في مصر هي ادارة  مشتركة بين الوزارات المعنية والمشاركة في المنظومة و لابد وان تتغير فكرة  ادارة الموارد المائية  من منظور الوفرة الي منظور الندرة  مع وضع التدابير المؤسسية من خلال إدارة متكاملة للموارد المائية تنظر خارج الصندوق وليس داخل الصندوق باضافة موارد جديدة  تعتمد في نهجها علي منظور عام وشامل لتشجيع البحث العلمي في مجال ترشيد الاستخدام للمياه و تشجيع الطرق الغير تقليدية لتحلية المياه بتقنيات مصرية وأفكار وطنية للوصول الي اقصي استفادة من المتر المكعب من المياه  واقتصاديات مرضية تتلائم مع طبيعة الاستخدام.

الاهداف القومية لمشروعات تطوير وتحديث الري في المجال الزراعي 

ان  مشروعات التنمية المتكاملة والشاملة التي تنتشر في ربوع مصر والتي يتبنها السيد الرئيس والتي سوف تعكس مردودها علي الوطن والمواطنين  بزيادة حجم الرقعة الزراعية بمقدار 4 مليون فدان وبما يعادل ماتم استصلاحة منذ ثورة يوليو 1952 لذا فالامر يحتاج منا الاهتمام  واعادة التفكير بهدوء في حجم الطلب علي المياه والقدرة علي تلبية هذه الاحتياجات للزراعة التي تمثل صمام الامان والامن القومي في تأمين امدادات الغذاء واتاحة فرص العمل المباشرة والغير مباشرة التي تمثل اكثر من 50 بالمائة من سوق العمل الداخلي ومصدر دخل اكثر من 5 ملاين اسرة مصرية تمتلك  مساحات اقل من واحد فدان  تعمل بمهنة الزراعة ومن خلال مجموعة من الاليات يمكن تحديدها في الاستفادة من التكنولوجيات العالمية لتعظيم الاستفادة من وحدة المياه في الزراعة واستخدام كل التكنولوجيات الحديثة للري وتوزيع المياه وتطوير المنظومة المائية في كلا الجانبين ( منظومة النقل والتوزيع من خلال وزارة الموارد المائية والري ومنظومة الادارة الحقلية من خلال وزارة الزراعة واستصلاح الاراضي) مع ممارسات الإدارة المتكاملة للري الحقلي : من خلال منظومة تطوير الري السطحي في الحقل للمساقي والمراوي وتوزيع المياه الداخلية والانتقال الي ادارة المياه مع المحصول القائم سواء بنظم الري الحديث ( الرش او التنقيط ) او الري السطحي المطور. 

منظور طرق ترشيد استخدام المياه في الزراعة والتي تتوقف علي : 

الاول من منظورالبيئة  وان المنظور  البيئي يعتمد علي التعامل مع الواقع  العمل علي استخدام نظم الري المناسبة وتحديثها والعمل علي تطويرها  مع نظم الري المختلفة سواء في الري السطحي المطور او الري الحديث والمعاملات الزراعية كالزراعة علي المصاطب والتسوية بالليزر وغيرها من المعاملات وطبيعة التربة كالقوم والملوحة والماء الارضي وغيرها من العناصر البيئية. اما الثاني من نظر التربية للاصناف النباتية والذي يعتمد علي  تغير التركيب الوراثي للنباتات من خلال التربية وتغيير الجينات لانتاج الاصناف والسلالات عالية الانتاجية متحملة الحرارة والجفاف وقصرة العمر وما يطلق عليه  ما بعد البيوتكنولوجي وهو تدخل علم الهندسة الوراثية في الانتاج للتقاوي وادخال صفات جديدة علي المحاصيل  وهي تعتمد علي استنباط الاصناف   

الركائز الأساسية فى تنمية الموارد المائية للاغراض الاساسية  :- 

 التنمية الرأسية  ويقصد بها تقليل فواقد أو رفع كفاءة الرى الحقلى وذلك من منطلق اتباع الاسالبيب الزراعية كالتسوية بالليزر مع الميل المناسب و الرى التبادلى للخطوط وزراعة المحاصيل التى تزرع على خطوط وعلى مصاطب والزراعة على الريشتين مع المحافظة على الكثافة النباتية فى وحده المساحة  بالاضافة الي زراعة البرسيم بالطريقة الجافة بدلا من طريقة اللامعة  وكذا الاهتمام باستنباط الاصناف قصيرة العمر مثل أصناف الارز الجاف وقصير العمر والذرة الشامية وغيرها من الاصناف النباتية مع التثقيف ورفع الوعي الفني لدي المزارعين بالرى طبقا للمراحل الفسيولوجية للمحاصيل و تحديث دليل الاستهلاك المائى والاحتياجات المائية للمحاصيل على مستوى الجمهورية واستخدام مقللات النتح ومنظمات النمو التي تساعد علي ترشيد استخدام المياه في منظومة متكاملة لتبطين قنوات الرى للمراوي والمساقي  والاستفادة من روابط مستخدمي المياه . 

التنمية أفقية : ويهدف بها البحث عن مصادر مائية جديدةً لزيادة مصادر المياه والاستفادة منها في تحلية مياه البحر والمياه شبه المالحة والاهتمام بذلك مع المياه الجوفية في مناطق المشروعات الزراعية ذات نوعية المياه المالحة طبقا لتصنيف الزراعة وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والصرف الصحى بعد المعالجة وان ما تقوم به الدولة حاليا يدعوا الي التفاؤل كما ان القدرة علي حصاد مياه الامطار (الساحل الشمالى من العريش لمرسى مطروح مع تطبيق مفهوم الرى التكميلى) ربما يساعد في تعزيز وتوفير موارد مائية جديدة تساعد في استكمال منظومة التنمية  الزراعية واستدامتها . وقد تتطور معها الزراعات علي المياه المالحة لانتاج الوقود الحيوي من السيكرونيا والمنجروف والطحالب البحرية 

لذا فالامر اصبح مهم وملح ان تتغير معه المفاهيم القديمة في ادارة منظومة المياه وخاصة في القطاع الزراعي الديناميكي مع وجود مؤسسات بحثية قادرة ان تساعد في تحقيق طفرة في التربية والمعاملات مع التغيرات المناخية للوصول بالاهداف القومية لتطوير منظومة الري الحقلي وذيادة مردود وحدة المساحة مع وحدة المياه واعلي انتاجية طبقا للمتغيرات الجديدة والمناطق المناخية للاقليم المصري واعادة ربط مواعيد الزراعة والاصناف واحيتياجاتها المائية بالواقع الجديد مع تطوير منظومة الري الحقلي .