د.فوزي ابودنيا يكتب : دور المشاريع الزراعية القومية في تعزيز الأمن الغذائي

4 أغسطس، 2025 - بتوقيت 8:56 م

 

 

 

 

يُعد الأمن الغذائي قضية أمن قومي استراتيجية في مصر، تتجاوز في أهميتها الاعتبارات الاقتصادية البحتة لتلامس صميم الاستقرار الوطني. في الآونة الأخيرة تسعى الدولة المصرية جاهدة بالاعتماد على الإنتاج المحلي قدر الإمكان لتحقيقه. يأتي هذا التوجه في ظل المخاطر المتزايدة المرتبطة بالتقلبات الاقتصادية والسياسية العالمية، التي تؤثر بشكل مباشر على المصادر الخارجية للإمدادات الغذائية. ليس خفيا على الجميع أن الأزمات الأخيرة قد كشفت، مثل جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية، عن هشاشة سلاسل الإمداد العالمية وارتفاع أسعار السلع الأساسية، مما عزز قناعة الدولة بضرورة بناء سيادة غذائية ومرونة وطنية لمواجهة أي صدمات مستقبلية. كما نعلم جميع أن القطاع الزراعي في مصر يُشكل دعامة أساسية للاقتصاد القومي ودعامة حيوية للمجتمع. حيث تُساهم الزراعة بنسبة 14.5% في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفر فرص عمل لنحو 28% من القوى العاملة على مستوى الدولة، وترتفع هذه النسبة إلى 55% خاصة في صعيد مصر، مما يؤكد دوره المحوري في توفير سبل العيش لملايين الأسر. هذا الدور الحيوي جعل القطاع يحظى بدعم غير محدود من القيادة السياسية، حيث يُعتبر قطاعاً ذا أولوية ضمن مرحلة الإصلاح الهيكلي نظراً لمعدلات نموه المتسارعة. كما يلعب القطاع دوراً هاماً في تعزيز احتياطيات العملة الأجنبية من خلال زيادة الصادرات الزراعية الطازجة والمصنعة، وتوفير المواد الخام اللازمة للعديد من الصناعات الوطنية، مما يُسهم في تقليص فجوة الاستيراد. لقد أظهر القطاع الزراعي المصري مرونة ملحوظة خلال الأزمات العالمية الأخيرة، حيث استمرت مصر في تأمين الإمدادات الغذائية لشعبها في الوقت الذي واجهت فيه دول متقدمة أزمات غذائية حادة. هذه القدرة على الصمود، بالرغم من الاضطرابات العالمية الواسعة، تُشير إلى متانة القطاع الزراعي المصري وقدرته على التكيف، وتُقدم دليلاً قوياً على جدوى الاستثمار في المشاريع القومية الزراعية. هذه الاستثمارات لا تُعد مجرد مبادرات تنموية، بل هي دعائم أساسية للاستقرار الغذائي والوطني. في الواقع تُعد الدوافع الاستراتيجية لتبني المشاريع الزراعية القومية متعددة ومتشابكة، مما يعكس فهماً عميقاً بأن الأمن الغذائي ليس هدفاً قائماً بذاته، بل هو جزء لا يتجزأ من رؤية تنموية شاملة. في مقدمة هذه الدوافع تأتي مواجهة تحديات الزيادة السكانية المتسارعة، التي تُشكل ضغطاً هائلاً على الموارد الغذائية والمائية المتاحة. تهدف المشاريع كذلك إلى تقليص الفجوة الغذائية وتقليل الاعتماد على الواردات، من خلال زيادة الإنتاج المحلي للسلع الاستراتيجية، مما يُقلل من فاتورة الاستيراد الباهظة التي تُكلف الدولة عملة صعبة وتُعرضها لتقلبات الأسواق العالمية. علاوة على ذلك، تسعى هذه المشاريع إلى تحقيق التنمية المستدامة وخلق مجتمعات عمرانية وزراعية جديدة، بالخروج من حيز الوادي الضيق عبر استصلاح الأراضي الصحراوية وإنشاء تجمعات متكاملة تدعم التوسع الزراعي والعمراني. هذا النهج المتكامل يُسهم أيضاً في توفير فرص عمل وتحسين مستوى معيشة صغار المزارعين، حيث تُسهم هذه المشاريع في توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، وتعمل على رفع مستوى معيشة الأسر الريفية. هذا الترابط بين الأهداف يُشير إلى أن النجاح في القطاع الزراعي يُحدث آثاراً إيجابية متتالية على الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، مما يُعزز الاستقرار والتقدم على المستوى الوطني.

 

المشاريع الزراعية القومية الكبرى في مصر

 

تبنت الدولة المصرية حزمة من المشاريع الزراعية القومية العملاقة بهدف تحقيق الأمن الغذائي المستدام، وتوسيع الرقعة الزراعية، وتوفير فرص عمل، وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المصرية. ويمكن إيجاز تلك الحزمة من المشاريع الزراعية القومية في الاتي:

1- مشروع الدلتا الجديدة، بما في ذلك “مستقبل مصر”

 

الحقيقة، يُعد مشروع الدلتا الجديدة واحداً من أضخم المشروعات التنموية في مصر، ويمتد على مساحة هائلة تصل إلى 2.2 مليون فدان، مما يمثل نقلة نوعية في التنمية الزراعية، وهي بالواقع خطوة جبارة لم تحدث في سالف التاريخ المصري أن تضاف كل هذه المساحة مرة واحدة. يهدف هذا المشروع إلى استصلاح الأراضي الجديدة في دلتا النيل، وتوفير بيئة زراعية حديثة تعتمد على التقنيات المتطورة ونظم الري الحديثة لزيادة الإنتاج الزراعي. كما يُعتبر مشروع “مستقبل مصر” قاطرة الدلتا الجديدة، ويستهدف استصلاح 4.5 مليون فدان بحلول عام 2027، منها 1.05 مليون فدان ضمن المساحة الإجمالية للدلتا الجديدة.

يعتمد توفير المياه للمشروع بشكل كبير على المشروع القومي لتبطين الترع، والذي وفر مليارات الأمتار المكعبة من المياه المهدرة، بالإضافة إلى إنشاء محطة معالجة مياه عملاقة بطاقة 7.5 مليون متر مكعب يومياً، وقد دخلت هذه المحطة موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأكبر محطة معالجة في العالم. هذا الحجم الهائل للمشروع ودمجه لتقنيات معالجة المياه المتطورة وبطانات الترع يُشكل تحولاً استراتيجياً من الزراعة التقليدية المعتمدة بشكل كلي على النيل إلى نموذج أكثر استدامة يعتمد على استصلاح الصحراء. هذا يعكس رؤية طويلة المدى للأمن المائي والزراعي، مع الاعتراف بحدود الموارد المائية الحالية وضرورة زيادة كفاءة استخدام المياه. هذا المشروع لا يقتصر على مجرد توسيع الأراضي الزراعية، بل يهدف إلى إنشاء مناطق زراعية جديدة ذات كفاءة عالية وأقل عرضة للقيود التقليدية المتعلقة بإمدادات المياه والضغوط السكانية على الدلتا القديمة. هذا النهج الاستباقي لإدارة المياه يُعد حاسماً للأمن الغذائي على المدى الطويل والمرونة الوطنية. كما يُسهم المشروع في زيادة المساحة المزروعة بنسبة 23% من إجمالي المساحة الزراعية الحالية في مصر. وتتمثل أهدافه في تعظيم فرص الإنتاج، وتوفير منتجات زراعية عالية الجودة بأسعار مناسبة للمواطنين، وسد الفجوة بين الإنتاج والاستيراد، وتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي من السلع الاستراتيجية. كما يُتوقع أن يوفر المشروع حوالي 10 آلاف فرصة عمل مباشرة وأكثر من 360 ألف فرصة عمل غير مباشرة، مما يساهم في حل مشكلة البطالة المتفاقمة.

2- مشروع توشكى الخير

 

يمتد مشروع توشكى الخير على مساحة 1.1 مليون فدان، ويُعد من المشاريع القومية الرائدة التي تهدف إلى تحويل مناطق واسعة من الصحراء إلى أراضٍ زراعية خصبة. يعتمد المشروع على أنظمة ري متطورة وممارسات زراعية مستدامة لضمان كفاءة استخدام الموارد المائية. ومن المتوقع أن يُسهم المشروع في تحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة، مما يُقلل من الاعتماد على الواردات. يُبرز التركيز على تحويل مساحات شاسعة من الصحراء إلى أراضٍ زراعية باستخدام نظم ري متطورة في مشروع توشكى التزام مصر بالتوسع الأفقي كاستراتيجية أساسية لتعزيز الأمن الغذائي. إضافةً إلى ذلك، يضم المشروع أكبر مزرعة نخيل تمر في العالم، وقد تم تسجيلها في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، مما يُعزز من قدرة مصر على التصدير واستخدام المتبقيات الزراعية الناتجة في استدامة المشروع وتحسين خواص التربية وتعزيز تواجد مجتمعات بشرية مصرية في هذه المنطقة التي لم تطأها قدم بشر من قبل. هذا لا يقتصر على مجرد زيادة حجم المحاصيل الأساسية، بل يُشير إلى توجه استراتيجي نحو تنويع الصادرات الزراعية ذات القيمة العالية، والاستفادة من الميزات البيئية الفريدة لمصر، مما يُساهم في تحقيق عوائد اقتصادية إلى جانب الأمن الغذائي. يوفر المشروع الآلاف من فرص العمل الجديدة ويُسهم في تنمية المجتمع المحلي في جنوب مصر.

3- مشروع المليون ونصف فدان

 

يهدف هذا المشروع الطموح إلى زيادة مساحة الرقعة الزراعية في مصر بنسبة 20%، ليصل إجمالي المساحة المزروعة إلى 9.5 ملايين فدان بدلاً من 8 ملايين فدان. يُركز المشروع على زراعة المحاصيل الاستراتيجية التي تُسهم في سد الفجوة الغذائية وتقليل الاعتماد على الاستيراد، كما يهدف إلى زيادة صادرات مصر من المحاصيل الزراعية لتصل إلى 10 ملايين طن سنوياً. من ناحية أخرى يُساهم المشروع في إقامة صناعات تحويلية مرتبطة بالنشاط الزراعي والثروة الحيوانية والصناعات الغذائية، مما يُعزز القيمة المضافة للمنتجات. كما يهدف إلى خلق مجتمعات سكنية متكاملة لاستقطاب المستثمرين الأجانب والعمالة المحلية، مع توفير خدمات تعليمية وطبية في محيط تلك المناطق. دمج المجتمعات السكنية المتكاملة والخدمات الأساسية (تعليمية، طبية) ضمن هذا المشروع يُشير إلى استراتيجية تنموية ريفية شاملة، تتجاوز مجرد التوسع الزراعي. هذا النهج يهدف إلى إنشاء تجمعات عمرانية-ريفية جديدة ومستدامة، تُخفف الضغط على الدلتا القديمة المكتظة، وتُعزز من استقرار الأيدي العاملة في المناطق الزراعية الجديدة، مما يُسهم في تحقيق الأمن الغذائي من خلال بناء مجتمعات منتجة ومتكاملة. يُتوقع أن يوفر المشروع أكثر من 25 ألف فرصة عمل للشباب.

4- مشروعات الصوب الزراعية

 

تعتبرالصوب الزراعية من أهم الأساليب الحديثة في الزراعة، نظراً لدورها في إنتاج المحاصيل الزراعية وحمايتها من العوامل الخارجية الضارة، وترشيد استخدام المياه، وزيادة معدلات الإنتاج الزراعي، وخفض الاحتياجات من الغذاء، وزيادة الصادرات. تساهم هذه الصوب في إنتاج الخضروات في غير موسمها وحماية المزروعات من الظروف المناخية المتغيرة والحشرات، وتهيئة الظروف البيئية الملائمة لإنتاج أكبر قدر ممكن من الأصناف الزراعية المتنوعة مثل الطماطم والفلفل والخيار والفاصوليا والخس والجرجير والبطاطس. يساعد هذا المشروع في سد الفجوة بين العرض والطلب في الأسواق، مما يساهم في زيادة الأرباح. وقد تبنت المبادرة إنشاء ألف فدان من الصوب الزراعية التي تعتمد على منهج الجودة الفائقة لإنتاج المنتجات الطازجة. كما بدأ مشروع إنشاء 100 ألف صوبة زراعية على مساحة 100 ألف فدان في 7 مناطق مختلفة، ويُتوقع أن يوفر أكثر من 300 ألف فرصة عمل للشباب.

5- المشروع القومي لإنتاج البذور والتقاوي

 

تعمل مصر على مشروع وطني لإنتاج البذور والتقاوي بهدف الحد من الاستيراد، وضمان زراعة أصناف عالية الإنتاجية ومقاومة للأمراض والظروف المناخية الصعبة. هذه الخطوة أساسية لضمان استدامة الإنتاج الزراعي وزيادة العوائد الاقتصادية. يتم تنفيذ المشروع بواسطة فريق إنتاج تقاوي الخضر والفاكهة بمعهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية. في السابق، كانت مصر تستورد نحو 98% من تقاوي الخضر والفاكهة سنوياً، بتكلفة تقدر بـ 7 مليارات جنيه. وقد نجح البرنامج الوطني لإنتاج تقاوي الخضر في استنباط وتسجيل 26 صنفاً وهجيناً جديداً لـ 10 محاصيل رئيسية، مما يقلل الاعتماد على استيراد أكثر من 95% من بذور الخضروات. يتم أيضاً التعاون مع شركات عالمية من الهند والبرازيل للحصول على أصناف متأقلمة مع البيئة المصرية. يهدف هذا البرنامج إلى توفير التقاوي بأسعار مناسبة للمزارعين، كما يتم تصدير التقاوي المصرية لبعض الدول العربية والإفريقية.

6- المبادرة القومية لتحديث الري

 

تعتبر هذه المبادرة حجر الزاوية في استراتيجية مصر لترشيد استهلاك المياه وزيادة الإنتاجية الزراعية. كما تهدف المبادرة إلى ترشيد استهلاك المياه بنسبة تتراوح بين 40-50%، وذلك بالتحول من نظام الري بالغمر إلى منظومة الري الحديث (الرش والتنقيط). أيضا تستهدف المبادرة تبطين قنوات الرى وإعادة تأهيلها لزمام قدره 4 ملايين فدان في الأراضي القديمة كمرحلة أولى. يُظهر التركيز المزدوج للمبادرة القومية لتحديث الري على كفاءة استخدام المياه (خفض 40-50%) وزيادة الإنتاجية (زيادة 30-40%) فهماً عميقاً لندرة المياه كعامل مقيد للنمو الزراعي في مصر. هذه المبادرة لا تقتصر على الحفاظ على الموارد المائية فحسب، بل تهدف إلى تعظيم الإنتاج لكل وحدة مياه، وهو أمر بالغ الأهمية لدولة تعاني من شح المياه. هذا النهج يُسهم بشكل مباشر في الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي من خلال خفض الأسعار وزيادة دخل المزارعين. من المتوقع أن يُؤدي تطبيق منظومة الري الحديثة إلى زيادة الإنتاجية الزراعية بنحو 30-40%، مما يُسهم في تحقيق معدلات ربحية أكبر للمزارعين نتيجة لزيادة الإنتاج وتقليل تكلفة العمالة والطاقة. تُساهم هذه الزيادة في الإنتاج الزراعي في دعم جهود الدولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الزراعية، كما أنها تُسهم في خفض أسعار السلع الزراعية في الأسواق وتقليل معدل التضخم. تتضمن المبادرة توفير قروض ميسرة وحوافز تشجيعية للمزارعين المشاركين في المنظومة.

6- المشروع القومي لإنتاج اللحوم والألبان

 

أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي في عام 2016 المشروع القومي لإحياء البتلو، بهدف تقليل حجم استيراد اللحوم الحمراء وتوفير الاستهلاك المحلي. ويعمل المشروع على رفع إنتاجية اللحوم الحمراء للوحدة الإنتاجية الواحدة (عجل بقري – عجل جاموس) من 100 كيلو إلى 400 كيلو. على الجانب الأخر اهتم الرئيس السيسى بمراكز تجميع الألبان والعمل على زيادتها وتطويرها لتقيل الهدر في الألبان والحصول على لبن نظيف وتعزيز دخول صغار المزارعين.

تأثير المشاريع القومية على الأمن الغذائي المصري

 

لقد أحدثت المشاريع الزراعية القومية في مصر تأثيراً كبيراً على تعزيز الأمن الغذائي من خلال محاور متعددة، أبرزها زيادة الإنتاج المحلي، توفير فرص العمل، تعزيز القدرة التصديرية، ودعم الصناعات الغذائية التحويلية.

 

1- زيادة الإنتاج المحلي وتقليل الفجوة الغذائية

 

تُركز المشاريع على زيادة إنتاج المحاصيل الاستراتيجية لسد الفجوة الغذائية وتقليل الاعتماد على الواردات وهذه البيانات طبقا لتصريحات مسئولي الزراعة المصرية:

القمح: ارتفع الإنتاج المحلي من القمح بنسبة 7.5%، حيث سجل 9.3 ملايين طن عام 2014، و9.8 ملايين طن عام 2021، ووصل إلى 10 ملايين طن. ومع ذلك، لا تزال مصر تعتمد على الاستيراد، وتُشير التوقعات إلى ارتفاع واردات القمح بنسبة 11.4% في موسم 2024-2025.

الأرز: بلغت نسبة الاكتفاء الذاتي من الأرز نحو 95% عام 2023، بمتوسط نصيب فرد بلغ 27.5 كجم، بزيادة 2.2% عن عام 2022. وتُعد مصر من أكبر الدول العربية إنتاجاً للأرز، حيث بلغ إنتاجها 3.78 ملايين طن في موسم 2023/2024.

السكر: أعلنت الحكومة تحقيق نسبة اكتفاء ذاتي بلغت 81% في مارس 2025، وتستهدف الوصول إلى الاكتفاء الذاتي الكامل بنسبة 100% بدءاً من مطلع عام 2026. سجل إنتاج السكر في مصر 2.6 مليون طن عام 2025، وهو رقم قياسي. وقد تراجعت واردات السكر الخام بنسبة 54.5% خلال الربع الأول من عام 2025.

الزيوت النباتية: لا تزال نسبة الاكتفاء الذاتي من الزيوت منخفضة جداً، حيث بلغت 3% فقط عام 2023، وتستورد مصر ما بين 96% إلى 97% من احتياجاتها من الزيت الخام. ومع ذلك، وضعت الحكومة استراتيجية لزيادة نسبة الاكتفاء الذاتي من الزيوت إلى 25% خلال السنوات الثلاث المقبلة، من خلال التوسع في زراعة المحاصيل الزيتية مثل فول الصويا وعباد الشمس والقطن.

اللحوم الحمراء: بفضل المشروع القومي لإحياء البتلو، ارتفعت نسبة الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء من 50% عام 2019 إلى 62% عام 2021.

الخضروات والفواكه: بلغ إنتاج مصر من الخضروات 25.5 مليون طن ومن الفاكهة 10.7 ملايين طن في عام 2020. وتُظهر الصادرات الزراعية أرقاماً كبيرة، حيث بلغت صادرات الموالح 2.4 مليون طن، والبطاطس مليون طن، والبصل 321 ألف طن، والفاصوليا 291 ألف طن خلال عام 2024.

الهدف الشامل: تستهدف الحكومة رفع نسبة الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية بشكل عام إلى 80% بحلول العام المالي 2025/2026.

 

2- توفير فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة

 

تُسهم المشاريع الزراعية القومية في توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، مما يُعزز من استقرار المجتمعات الريفية. على سبيل المثال، كما تشير تصريحات مسئولي الزراعة المصرية الى أن مشروع الدلتا الجديدة يوفر حوالي 10 آلاف فرصة عمل مباشرة وأكثر من 360 ألف فرصة عمل غير مباشرة. ويوفر مشروع المليون ونصف فدان أكثر من 25 ألف فرصة عمل للشباب. كما يُشكل قطاع الزراعة وصيد الأسماك قطاعاً حيوياً يوظف 5.7 مليون مشتغل في الربع الثاني من عام 2024، بنسبة 19.3% من إجمالي المشتغلين في البلاد. تُركز هذه المشاريع على دعم صغار المزارعين والمجتمعات الريفية، من خلال برامج تدريبية وتوفير قروض ميسرة، مما يساهم في تحسين دخلهم ومستوى معيشتهم.

3- تعزيز القدرة التصديرية

 

شهدت الصادرات الزراعية المصرية نمواً ملحوظاً، حيث زادت بنسبة 74.4% من 4.3 مليون طن عام 2014 إلى 7.5 مليون طن طبقا لبيانات وزارة الزراعة عام 2023. وخلال الفترة من 1 يناير 2024 وحتى 4 سبتمبر 2024، بلغت إجمالي الصادرات الزراعية 6.1 مليون طن بقيمة تجاوزت 3.6 مليار دولار، تم تصديرها إلى 165 سوقاً حول العالم، وذلك طبقا لما أشارت الزراعة المصرية. وقد نجحت مصر في دخول أسواق جديدة في آسيا وأمريكا اللاتينية، مما ساهم في تنويع وجهات التصدير وتعزيز مكانة مصر في السوق العالمية.

 

4- دعم الصناعات الغذائية التحويلية

 

تُولي المشاريع الزراعية القومية اهتماماً كبيراً لدعم الصناعات الغذائية التحويلية، من خلال إنشاء مناطق صناعية متكاملة تشمل ثلاجات ومحطات فرز وتعبئة وصوامع تخزين، بالإضافة إلى مصانع لإنتاج الخضروات والفواكه المجمدة، والزيوت، والأعلاف، والسكر، والنشا، والجلوكوز. هذا التكامل بين الزراعة والتصنيع الزراعي يُعزز من قيمة المنتجات ويقلل من الهدر، مما يدعم هدف الاكتفاء الذاتي. تُعد الصناعات الغذائية قطاعاً حيوياً يسهم بشكل كبير في خلق فرص العمل وتوفير المواد الخام للعديد من الصناعات الأخرى.

المعوقات التي تواجه المشاريع الزراعية القومية

على الرغم من الإنجازات الكبيرة، تواجه المشاريع الزراعية القومية في مصر مجموعة من التحديات المعقدة والمتشابكة، التي تتطلب استراتيجيات مستمرة للتكيف والتطوير.

1- ندرة المياه وتأثير سد النهضة

 

تُعد ندرة المياه التحدي الأبرز أمام التنمية الزراعية في مصر. تُصنف مصر ضمن الدول التي تعاني من شح مائي حاد، حيث يبلغ العجز المائي حوالي 20 مليار متر مكعب سنوياً، في حين تبلغ احتياجاتها من المياه نحو 80 مليار متر مكعب، وتعتمد البلاد بنسبة 97% على مياه نهر النيل. وقد تناقص نصيب الفرد من المياه من نحو 2000 متر مكعب سنوياً عام 1959 إلى حوالي 630 متر مكعب عام 2015، ومن المتوقع أن يصل إلى 450 متر مكعب سنوياً بحلول عام 2025، وهو أقل بكثير من حد الشح المائي العالمي المقدر بألف متر مكعب سنوياً. في الحقيقة يزيد سد النهضة الإثيوبي من تعقيد هذا التحدي. تُشير الدراسات إلى أن ملء خزان السد سيؤدي إلى تناقص حصة مصر من مياه النيل، مما سيؤثر بشكل كبير على النشاط الزراعي. ففي سيناريو الملء لمدة ثلاث سنوات، يُتوقع أن تنخفض حصة مصر بحوالي 24.83 مليار متر مكعب. هذا النقص في المياه سيؤدي إلى تناقص المساحة المزروعة بنحو 1.223 مليون فدان بحلول عام 2024 في سيناريو الملء لمدة خمس سنوات، وقد يصل إلى 0.874 مليون فدان في حال الملء لمدة سبع سنوات. تُقدر الخسائر المصرية المباشرة في القطاع الزراعي فقط بنحو 151 مليار جنيه مصري سنوياً خلال فترة ملء السد، وتشمل هذه الخسائر انخفاضاً في إنتاج القمح (2.9 مليون طن سنوياً)، والذرة الشامية (2.3 مليون طن سنوياً)، والأرز (1.7 مليون طن سنوياً)، بالإضافة إلى خسائر في المحاصيل المعمرة والخضر والفاكهة، وذلك طبقا لتوقعات الزراعة المصرية. كما تُقدر خسائر الإنتاج الحيواني والسمكي بنحو 9.8 مليار جنيه سنوياً، وخسائر التجارة الخارجية بنحو 97.8 مليار جنيه سنوياً نتيجة لزيادة الواردات ونقص الصادرات.

2- التغيرات المناخية

 

يعتبر التغير المناخي تهديداً وجودياً يؤثر بشكل كبير على الأمن الغذائي والقطاع الزراعي في مصر. تُفاقم التغيرات في أنماط هطول الأمطار، وزيادة التبخر بسبب ارتفاع درجات الحرارة، مشكلات ندرة المياه والتصحر. وقد شهدت إنتاجية بعض المحاصيل الحساسة مثل الزيتون والمانجو انخفاضاً كبيراً في النصف الأول من عام 2021 نتيجة لهذه التغيرات. كما تؤدي موجات الحر إلى إجهاد حراري للماشية، مما يقلل من إنتاجيتها. هذه التأثيرات المباشرة للتغيرات المناخية على غلة المحاصيل وجودتها الغذائية، بالإضافة إلى زيادة الآفات وأمراض النباتات، تُشكل تحدياً مستمراً لاستدامة الإنتاج الزراعي.

3- النمو السكاني والضغط على الأراضي

 

تُشكل الزيادة السكانية المتسارعة ضغطاً متزايداً على الموارد الغذائية والأراضي الزراعية. أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع الكثافة السكانية الكلية في مصر من 71.5 نسمة/كم2 عام 2006 إلى 103.3 نسمة/كم2 عام 2022. وقد أسهمت هذه الزيادة السكانية على مدى عقود في تقليص حجم الرقعة الزراعية الخصبة في مصر بسبب الزحف العمراني والتعديات عليها، مما أدى إلى ضياع آلاف الأفدنة الصالحة للزراعة. فقدت الدولة ما لا يقل عن 90 ألف فدان من أراضيها الخصبة خلال العقد الماضي بسبب التعديات وحدها. هذا التناقص في الأراضي المتاحة للزراعة يُقلل من نصيب الفرد منها، ويُفاقم الحاجة إلى استيراد السلع الأساسية.

4- تكاليف الإنتاج والتمويل

 

تُعد التكاليف الباهظة لاستصلاح الأراضي الصحراوية تحدياً كبيراً، حيث تُقدر تكلفة الفدان المستصلح ما بين 150 و200 ألف جنيه، وتحتاج الحكومة إلى نحو 19 مليار جنيه لإضافة أفدنة مستصلحة حديثاً. كما أن ارتفاع أسعار الطاقة ومدخلات الإنتاج الزراعي، مثل الأسمدة والمبيدات والبذور، يُشكل عبئاً إضافياً على المزارعين والمشاريع. تُؤثر الأزمات الاقتصادية العالمية، مثل جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية، على سلاسل التوريد، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف الشحن والنقل والتأمين، ويُقلص من احتياطيات العملة الصعبة اللازمة للاستيراد. على الجانب الأخر يواجه المزارعون، وخاصة صغارهم، تحديات في الحصول على التمويل اللازم لتطوير مشاريعهم. يُعزى ذلك إلى نقص الموارد المالية المتاحة، وارتفاع تكاليف الفائدة، وشروط الإقراض الصعبة التي تفرضها المؤسسات المالية. كما أن ضعف البنية التحتية للتمويل الزراعي، وغياب أنظمة تمويل متخصصة، وقلة الفروع البنكية في المناطق الريفية، وضعف استخدام التكنولوجيا المالية، تُعيق وصول المزارعين إلى القروض.

5- البيروقراطية وضعف البنية التحتية في بعض المناطق

تعتبر المشاكل المتعلقة بالبيروقراطية والروتين الإداري من المعوقات التي تُعيق تنفيذ المشاريع الزراعية، خاصة في مشاريع استصلاح الأراضي. يُضاف إلى ذلك ضعف التنسيق بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص في بعض الأحيان. بالرغم من الجهود المبذولة، لا تزال هناك حاجة إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية الداعمة للمشاريع الزراعية الجديدة، مثل الطرق الداخلية وشبكات الكهرباء والمخازن ومحطات الفرز والتعبئة. تُشير التقديرات إلى أن نسبة كبيرة من إنتاج الفواكه والخضروات في المنطقة (45-55%) تُهدر سنوياً، مما يُبرز الحاجة إلى تحسين كفاءة سلاسل الإمداد والتخزين والنقل.

الاستراتيجيات والحلول لمواجهة التحديات

 

تُدرك الدولة المصرية حجم التحديات التي تواجه القطاع الزراعي، وقد تبنت استراتيجية شاملة ومتكاملة لمواجهتها، ترتكز على عدة محاور رئيسية.

1- تطوير البنية التحتية المائية

 

لمواجهة ندرة المياه، تُنفذ مصر استراتيجية طموحة لتنويع مصادر المياه وتعظيم الاستفادة من كل قطرة. يتمثل أحد المحاور الرئيسية في التوسع في محطات تحلية مياه البحر، حيث تسعى مصر لإنشاء نحو 17 محطة بحلول عام 2025، بهدف إنتاج 2.8 مليون متر مكعب من المياه المحلاة يومياً، كجزء من خطة أوسع لإضافة 6.4 مليون متر مكعب يومياً بحلول عام 2050.

من ناحية أخرى تُعالج وتُعيد استخدام مياه الصرف الزراعي والصحي، حيث تُعيد استخدام نحو 12 مليار متر مكعب سنوياً من هذه المياه في الزراعة. ويُعد مشروع تبطين الترع جزءاً حيوياً من هذه الاستراتيجية، حيث يهدف إلى تأهيل 20 ألف كيلومتر من الترع بتكلفة إجمالية 80 مليار جنيه بحلول منتصف عام 2024، مما يوفر مليارات الأمتار المكعبة من المياه التي كانت تُهدر. هذه الجهود تُمكن من استصلاح مساحات جديدة في مناطق مثل شمال ووسط سيناء وغرب الدلتا.

2- تبني التكنولوجيا والزراعة الذكية

 

تُولي مصر اهتماماً كبيراً لتبني التكنولوجيا الحديثة في القطاع الزراعي لزيادة الإنتاجية وترشيد استخدام الموارد. يتم تطبيق تقنيات الزراعة الدقيقة، واستخدام الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والطائرات بدون طيار لمراقبة صحة المحاصيل، وتحسين إدارة الموارد المائية، واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن استخدام الأسمدة ومكافحة الآفات. كما تُركز جهود البحث والتطوير على استنباط أصناف محاصيل جديدة تكون مقاومة للجفاف والحرارة العالية والملوحة، مما يعزز مرونة القطاع الزراعي في مواجهة التغيرات المناخية ويضمن استدامة الإنتاج.

3- تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص

 

تُدرك الدولة أهمية دور القطاع الخاص في تحقيق أهداف التنمية الزراعية، ولذلك تُشجع على مشاركته وتقدم كافة التيسيرات لتحسين مناخ الاستثمار. يتم العمل بنظام المشاركة مع المستثمرين الزراعيين الجادين، وتُخصص لهم مساحات كبيرة في المشاريع القومية مثل الدلتا الجديدة وتوشكى والوادي الجديد وشرق العوينات. وقد استحوذ القطاع الخاص على نحو 44% من الاستثمارات الزراعية الكلية خلال خطة العام المالي 2023/2024. هذا التعاون يُسهم في ضخ المزيد من الاستثمارات، وتوفير الخبرات الفنية، وزيادة الإنتاجية.

4- دعم البحث العلمي والتطوير

 

تُعد المراكز البحثية، مثل معهد بحوث البساتين ومركز البحوث الزراعية، ركيزة أساسية في استراتيجية التنمية الزراعية. يتم تنفيذ برامج وطنية لإنتاج تقاوي محاصيل الخضر، وقد نجحت في استنباط وتسجيل 26 صنفاً وهجيناً جديداً لـ 10 محاصيل رئيسية، مما يُقلل من الاعتماد على الاستيراد. كما تُجرى أبحاث مكثفة لتحسين خواص التربة الزراعية، وتطوير الزراعة العضوية، وتحسين كفاءة استخدام الأسمدة، وتُقدم الاستشارات الفنية للمشاريع القومية.

5- تنمية الثروة الحيوانية والسمكية

 

لتحقيق الاكتفاء الذاتي من البروتين الحيواني، تُركز الدولة على تنمية الثروة الحيوانية والسمكية. يُعد المشروع القومي لإحياء البتلو مثالاً بارزاً، حيث يهدف إلى زيادة إنتاج اللحوم الحمراء من 100 كجم إلى 400 كجم للوحدة الإنتاجية الواحدة، وقد ساهم في رفع نسبة الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء إلى 62% عام 2021. كما يتم التوسع في مشروعات الإنتاج السمكي من أسماك الاستزراع، وإلقاء ملايين الوحدات من الزريعة في نهر النيل والبحيرات لزيادة المخزون السمكي.

6- تطوير سلاسل الإمداد وتقليل الفاقد

 

تُركز الاستراتيجية أيضاً على تحسين كفاءة سلاسل الإمداد الزراعية لتقليل الفاقد من المحاصيل، والذي يُقدر بنحو 45-55% من إنتاج الفواكه والخضروات. يتم ذلك من خلال إنشاء محطات فرز وتعبئة، وصوامع تخزين حديثة، وتطوير البنية التحتية اللوجستية لضمان وصول المنتجات الطازجة إلى المستهلكين بسرعة وتقليل الهدر. هذا التحسين يُعزز القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في الأسواق العالمية ويُساهم في تحقيق الأمن الغذائي. وفى النهاية لا يسعنا إلا القول بان المشاريع الزراعية القومية في مصر تُشكل ركيزة استراتيجية محورية في مسيرة الدولة نحو تحقيق الأمن الغذائي الشامل والتنمية المستدامة. لقد أظهر التحليل أن هذه المشاريع، مثل الدلتا الجديدة وتوشكى الخير ومشروع المليون ونصف فدان، بالإضافة إلى المبادرات النوعية لتحديث الري وإنتاج التقاوي وإحياء البتلو، تُسهم بشكل فعال في توسيع الرقعة الزراعية، وزيادة الإنتاج المحلي من المحاصيل الاستراتيجية والبروتين الحيواني، وتوفير فرص عمل واسعة النطاق، وتعزيز القدرة التصديرية للبلاد. هذه الجهود المتكاملة تعكس إدراك الدولة بأن الأمن الغذائي ليس مجرد هدف اقتصادي، بل هو بعد أساسي للأمن القومي والاستقرار الاجتماعي. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة تتطلب استمرار الجهود والابتكار. تُعد ندرة المياه، وتأثير التغيرات المناخية، والنمو السكاني المتسارع، وارتفاع تكاليف الإنتاج، والقيود البيروقراطية، من أبرز العقبات التي تواجه هذه المشاريع. إن مواجهة هذه التحديات تتطلب نهجاً مستمراً ومتكيفاً. بناءً على ما تم سرده، يُمكن تقديم التوصيات التالية لضمان استدامة وفعالية المشاريع الزراعية القومية في تعزيز الأمن الغذائي المصري:

الاستثمار المستمر في البنية التحتية المائية الذكية: يجب مواصلة التوسع في محطات تحلية ومعالجة المياه، وتطبيق نظم الري الحديثة على نطاق أوسع في الأراضي القديمة والجديدة. يُعد هذا استثماراً حيوياً لتعظيم الاستفادة من كل قطرة مياه وتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية المعرضة للتقلبات.

تسريع تبني التكنولوجيا والابتكار الزراعي: ينبغي تكثيف البحث والتطوير في مجال استنباط أصناف نباتية وحيوانية مقاومة للتغيرات المناخية، وتوسيع استخدام تقنيات الزراعة الذكية (الذكاء الاصطناعي، إنترنت الأشياء، الاستشعار عن بعد) لتحسين إدارة الموارد وزيادة الإنتاجية لكل وحدة مساحة ومياه.

تعزيز الشراكة الفعالة مع القطاع الخاص: يجب تبسيط الإجراءات وتوفير حوافز استثمارية أكثر جاذبية للقطاع الخاص، مع التركيز على الشراكات التي تُسهم في نقل التكنولوجيا وتوفير التمويل وخلق فرص عمل مستدامة. يُعد القطاع الخاص شريكاً أساسياً في تحقيق التنمية الزراعية.

تطوير سلاسل القيمة الغذائية المتكاملة: ينبغي الاستثمار في البنية التحتية اللوجستية والصناعات التحويلية المرتبطة بالزراعة (مثل التخزين المبرد، التعبئة والتغليف، التصنيع الغذائي) لتقليل الفاقد من المحاصيل، وزيادة القيمة المضافة للمنتجات الزراعية، وتعزيز قدرتها التنافسية في الأسواق المحلية والدولية.

الاستثمار في رأس المال البشري: يجب تطوير برامج تدريب وتأهيل مستمرة للمزارعين والمهندسين الزراعيين والفنيين على أحدث الممارسات والتقنيات الزراعية الحديثة، لضمان توافر الكفاءات اللازمة لإدارة وتشغيل المشاريع الكبرى بكفاءة.

تبني سياسات زراعية مرنة ومتكيفة: ينبغي أن تستمر السياسات الزراعية في التكيف مع المتغيرات العالمية والمحلية، مع التركيز على دعم صغار المزارعين، وتعزيز الزراعة التعاقدية، وتوفير الدعم الفني والمالي اللازم لضمان استقرارهم وزيادة مساهمتهم في الإنتاج الوطني.

إن تحقيق الأمن الغذائي في مصر هو رحلة مستمرة تتطلب رؤية استراتيجية، واستثمارات ضخمة، وتعاوناً وثيقاً بين جميع الأطراف، لضمان مستقبل غذائي آمن ومستدام للأجيال القادمة.