د. محاسن محمود تكتب : الإبتكار في منتجات الألبان من اللبن الزبادي المدعّم إلى المشروبات الوظيفية

24 أغسطس، 2025 - بتوقيت 11:40 ص
قسم بحوث تكنولوجيا تصنيع الألبان بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية
شهد قطاع صناعة الألبان تطورات جوهرية خلال العقود الأخيرة، لم تقتصر فقط على تحسين الجودة أو مدة الصلاحية، بل إمتدت نحو إدخال مفاهيم جديدة كـ”الألبان الوظيفية” و”المنتجات المدعّمة”، وهي منتجات صُممت خصيصًا لتوفير فوائد صحية إضافية تتجاوز القيمة الغذائية التقليدية.
يأتي هذا الإبتكار استجابة لعدة عوامل، أبرزها:
1- التغير في أنماط استهلاك الغذاء.
2- الوعي المتزايد بالصحة العامة والوقاية من الأمراض.
3- الطلب على منتجات طبيعية ذات خصائص علاجية.
ومن بين هذه الإبتكارات، يحتل اللبن الزبادي المدعّم والمشروبات الوظيفية من الألبان مكانة بارزة، نظرًا لاحتوائهما على مكونات نشطة حيويًا (مثل البروبيوتيك، الفيتامينات، مضادات الأكسدة) وقدرتهما على دعم مناعة الإنسان وتحسين وظائف الأعضاء.
أولًا: اللبن الزبادي المدعّم – الأساسيات والتطورات
1- ما هو اللبن الزبادي المدعّم؟
اللبن الزبادي المدعّم هو منتج ألبان يتم فيه تعزيز القيمة الغذائية والصحية من خلال إضافة مواد فعالة وظيفيًا، مثل:
البروبيوتيك (بكتيريا نافعة) – البريبيوتيك (ألياف غذائية تغذي البروبيوتيك) – الفيتامينات والمعادن (مثل D، B12، الكالسيوم، الزنك) – مضادات الأكسدة (فيتامين C، البوليفينولات) هذا المنتج لا يقتصر فقط على تعزيز التغذية، بل يعمل أيضًا كوسيلة لتحسين صحة الأمعاء، والمناعة، وحتى التأثير الإيجابي على المزاج في بعض الدراسات.
2- أنواع الإضافات الوظيفية
البروبيوتيك: أشهر السلالات المستخدمة:
Lactobacillus acidophilus, Bifidobacterium lactis, L. casei, Streptococcus thermophilus.
تعمل على موازنة ميكروبيوم الأمعاء. تُظهر دراسات عديدة قدرتها على تقليل الإسهال وتحسين أعراض القولون العصبي.
مضادات الأكسدة: يتم استخراجها من مكونات نباتية مثل الشاي الأخضر أوالرمان ودورها يكمن في محاربة الجذور الحرة، وتأخير شيخوخة الخلايا.
الفيتامينات والمعادن: يُضاف فيتامين D لدعم امتصاص الكالسيوم والزنك والسيلينيوم يدعمان المناعة.
البريبيوتيك: مثل الإينولين، والفاكتو أوليجو ساكاريدو (FOS) وهي تزيد من فاعلية البروبيوتيك.
3- تقنيات تصنيع اللبن الزبادي المدعّم
– التخمير التقليدي + إضافة المركّبات الوظيفية بعد البسترة.
– التغليف الدقيق للمكونات (Microencapsulation) لحماية المركبات الحساسة مثل البروبيوتيك من الحرارة والحموضة.
– المزج الفائق (High-shear mixing) لضمان التجانس والاستقرار.
ثانيًا: المشروبات الوظيفية من الألبان – الصياغة والأهمية الصحية
وتعرف المشروبات الوظيفية : بأنها مشروبات سائلة مشتقة من اللبن أو مصل اللبن (Whey)، مضاف إليها مكونات حيوية نشطة (bioactives)، تؤدي وظائف صحية إضافية مثل: خفض ضغط الدم – تعزيز صحة العظام – تقوية الجهاز المناعي – دعم صحة الأمعاء
أنواع المشروبات الوظيفية اللبنية
1- مشروبات البروبيوتيك المخمرة: تحتوي على كائنات حية دقيقة نافعة وهي تُستهلك يوميًا لدعم صحة الجهاز الهضمي.
2- مشروبات اللبن المعززة بالبروتين: وهي مفيدة للرياضيين وكبار السن وتحتوي على بروتين مصل اللبن عالي الجودة.
3- مشروبات مصل اللبن النباتية: يُخلط مصل اللبن مع مستخلصات نباتية وظيفية (زنجبيل، كركم، شاي أخضر) وهي تجمع بين فوائد الحليب والخصائص العلاجية للنباتات وتعتبر مشروبات غنية بالببتيدات النشطة (Bioactive Peptides) كما أنها ناتجة عن تحلل البروتينات خلال التخمر أو الإنزيمات وقد ثبت علميًا دورها في خفض ضغط الدم ومضادات الأكسدة.
فوائد المشروبات الوظيفية من الألبان
تعمل على صحة القلب عبر الببتيدات التي تثبط إنزيم ACEوتعزيز المناعة لوجود لاكتوفيرين والبروبيوتيك كما أنها مقاومة للأكسدة من خلال البوليفينولات والبروتينات المتحللة وزيادة صحة العظام بزيادة امتصاص الكالسيوم وفيتامين Dولها دور هام في التحكم في السكر حيث أن بروتينات مصل اللبن تحسن حساسية الإنسولين
ثالثًا: التقنيات الحديثة في تطوير الألبان الوظيفية
* الميكروإنكبسوليشن (Microencapsulation): وهو تغليف المكونات الحيوية (البروبيوتيك، الفيتامينات) في كبسولات دقيقة لتوفير حماية ضد الحرارة والحموضة والضوء.
* تكنولوجيا النانو (Nanotechnology): وهو تحسين التوافر الحيوي للمكونات النشطة مثل النانوكالسيوم، النانوسيلينيوم في اللبن المدعّم
التخمير بإستخدام سلالات متخصصة وذلك بتطوير سلالات تنتج مركبات نشطة حيويًا أو ببتيدات ACE-Inhibitory.
المعالجة بالنبضات الكهربائية العالية (PEF)وهي تقنية غير حرارية لزيادة صلاحية البروبيوتيك دون التأثير على الطعم.
رابعًا: التحديات والآفاق المستقبلية
أولاً: التحديات:
ضعف استقرار المكونات الوظيفية – تكلفة الإنتاج المرتفعة – صعوبة تقبّل المستهلك لبعض النكهات – قيود التشريعات الغذائية في بعض الدول.
ثانياً: الآفاق المستقبلية:
عن طريق إدماج الذكاء الاصطناعي في تصميم المنتجات – تخصيص المنتجات حسب الحالة الصحية (Nutrigenomics)- إنتاج ألبان نباتية وظيفية مدعّمة بمكونات الألبان.