وكالة الأنباء الصينية: أطفال اليمن يصارعون من أجل التعلم

14 سبتمبر، 2025 - بتوقيت 12:31 م
كتب محمد العبادى
وكالة الأنباء الصينية ‘شينخوا يجلس عشرات الأطفال تحت ظل شجرة شبه عارية، يحدّقون بأعين يملؤها الشغف والخوف من أن تفوتهم كلمة واحدة يخطّها المعلم على لوح خشبي (سبورة) مهترئ، طُلي باللون الأسود ووضع فوق كومة من الأحجار، في إحدى قرى ريف محافظة تعز اليمنية.
يقول المعلم مجيب الصبري لوكالة أنباء ((شينخوا)) “أعمل على تعليم هؤلاء الأطفال القراءة والكتابة.. الوضع هنا غير طبيعي؛ لا توجد مقاعد دراسية مهيأة، ولا أدوات مدرسية كافية، ولا كتب.. كل ما في الأمر أني أحاول جاهدا تعليمهم بالإمكانيات المتاحة و أزرع فيهم بصيص من الأمل”.
في المنطقة القريبة من خطوط التماس العسكري بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي، بمديرية المعافر في ريف محافظة تعز توجد مدرسة مكونة من عدة مبان، لكنها تضررت بفعل الحرب وتحولت منذ أكثر من ثماني سنوات إلى ثكنة عسكرية، خاصة وأنها تقع على تل جبلي يعد موقعا استراتيجيا من الناحية العسكرية، بحسب المعلم.
وأشار الصبري إلى أنه وعدد من المعلمين يقدمون حصصهم الدراسية للطلاب تحت الأشجار، ويعملون في ظروف قاسية نتيجة تأخر الرواتب لعدة أشهر، وهي مرتبات لا تكفي لتغطية احتياجاتهم الأساسية.
كثير من الأطفال في اليمن يصرون على البقاء في مقاعد الدراسة، التى بدأت في 31 أغسطس الماضي، بدعم من أقاربهم، بينما وجد آخرون أن البحث عن عمل والبقاء خارج أسوار المدرسة خيار مر لكنه الخيار الأمثل لسد رمقهم، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
اضطر الطفل اليمني رهيب عبده (15 عامًا) للعمل متجولا في سوق شعبي مزدحم وسط مدينة مأرب (شرق صنعاء)، حيث يدفع عربته المهترئة ذات الثلاث عجلات وعليها نوع من المخبوزات الشعبية “روتي”، ويقف منذ الصباح الباكر وحتى وقت متأخر من المساء وبالكاد يبيع كمية بسيطة.
يقول رهيب إنه نزح مع أسرته بسبب الحرب من محافظة الحديدة (الساحلية غربي اليمن) ويعيش في مخيم للنازحين في مأرب منذ سنوات، وأن ظروف النزوح والمعيشة أجبرته على ترك المدرسة.
وأضاف “لم أستطع إكمال الدراسة.. خرجت للعمل من أجل الحصول على ما يكفيني ويسد حاجتي، ومن أجل مساعدة أسرتي”.
يعيش رهيب مع والدته وثلاثة من إخوته الأصغر سنا في مخيم النزوح، فيما لا يعرف هو ولا أسرته عن مصير والده المفقود منذ سنوات بسبب الحرب.
— خيارات صعبة
تواجه العديد من الأسر اليمنية معضلة مؤرقة، إذ يضطر بعض أرباب الأسر على إبقاء أطفالهم خارج أسوار المدرسة لاسباب عدة أبرزها الوضع الاقتصادي الصعب، فيما آخرون قرروا مواجهة العقبات في سبيل مواصلة أطفالهم السير في الطريق إلى المدارس.
يقول أحمد الحميري (في بدايات الأربعين من عمره) لوكالة أنباء ((شينخوا)) “نزحت من محافظة إب (وسط اليمن) بسبب الحرب، أنا وزوجتي وأربعة أطفال، ونعيش هنا في مأرب في شقة متواضعة للغاية”.
وأضاف الحميري، وهو يعمل في السلك العسكري، “أولادي في سن التعليم، لكن للأسف لم يستطيعوا الالتحاق بالمدرسة بسبب الظروف الصعبة التي أمر بها، وراتبي الشهري لا يكفي ويتأخر أحيانا لعدة أشهر، وهو ما يضاعف التزاماتي من إيجار وتكاليف المعيشة”.
وتابع متحسرًا “حلم كل أب أن يرى أطفاله في المدرسة، لكن الأوضاع جعلت حلمنا الكبير مجرد توفير أساسيات الحياة من الأكل والشرب فقط”، لافتا إلى أن الأمل يبقى في توقف الحرب وتحسن الوضع الاقتصادي ليتمكن أطفاله من العودة إلى المدرسة.
في المقابل، كثير من الآباء والأمهات أجبروا على تحمل المعاناة، والدفع بأبنائهم في طريق التعليم المليء بالعقبات في هذا البلد المضطرب.
يؤكد عصام عبدالله، وهو أب لطفلين، لـ((شينخوا)) أنه فقد قدرته على العمل بسبب وضع صحي لم يجد له علاجا، ويعيش على المساعدات من أقارب له يعملون خارج اليمن، لكنه يخصص معظم ما يتلقاه لمساعدة أطفاله على الذهاب إلى المدرسة.
وتابع قائلا “لا يمكنني أن أرى كثيرا من الأطفال يذهبون صباحا إلى المدرسة وأطفالي في المنزل، لذلك أدفع كل ما أملك من أجل أن يتعلم أطفالي القراءة والكتابة والرياضيات”.
ويعاني اليمن من نزاع دموي منذ أكثر من عقد من الزمن، وتسبب هذا النزاع في انقسام الجغرافيا اليمنية، فجماعة الحوثي تسيطر على العاصمة صنعاء ومعظم محافظات الشمال اليمني ذات الكثافة السكانية، فيما تتخذ الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا من مدينة عدن مقرا لها وتسيطر قواتها على مناطق عدة في البلاد.