الدكتورة عائشة عبدالرحيم تكتب : الزيوت النباتية

15 سبتمبر، 2025 - بتوقيت 6:34 م

– باحث مساعد بمعهد تكنولوجيا – الأغذية- مركز البحوث الزراعية

 

 

تُعرف الزيوت النباتية (Vegetable Oils) منذ آلاف السنين، حيث كانت تُستخرج بطرق بدائية من البذور والثمار الزيتية، وقد استُخدمت آنذاك في مجالات متعددة، مثل التغذية، وصناعة الصابون، والإضاءة، وتُعدّ الزيوت النباتية من المكونات الحيوية الأساسية التي تدخل في تركيب الكائنات الحية، سواء النباتية منها أو الحيوانية، وتؤدي دورًا بالغ الأهمية في حياة الإنسان والحيوان على حد سواء .

وتتميز الزيوت النباتية بقيمتها الغذائية العالية، إذ تُعدّ مصدرًا غنيًا بالطاقة؛ حيث يُنتج كل جرام واحد منها ما يقارب 9 كيلو سعر حراري، أي ما يزيد على ضعف ما تُنتجه الكمية المماثلة من البروتينات أو الكربوهيدرات، وتوفر الزيوت النباتية والمواد الدهنية عمومًا ما يقارب ثلث الاحتياجات اليومية من الطاقة للإنسان.

مكونات الزيوت النباتية:

تتكوّن الزيوت النباتية أساسًا من إسترات ناتجة عن اتحاد الأحماض الدهنية مع الجليسرين، ويُطلق على هذه المركبات اسم “الجليسيريدات ” (Glycerides) ويمكن لجزيء الجليسرين أن يرتبط بجزيء واحد أو اثنين أو ثلاثة من الأحماض الدهنية، مما يؤدي إلى تكوّن أحادي الجليسيريد (Monoglyceride) ، أو ثنائي الجليسيريد (Diglyceride) ، أو ثلاثي الجليسيريد (Triglyceride) وتُعد الجليسيريدات الثلاثية المكون الرئيس في الزيوت النباتية، بينما توجد الجليسيريدات الأحادية والثنائية بكميات ضئيلة جدًا . كما تحتوي الزيوت النباتية الخام على نسب محدودة من المواد غير الجليسيريدية، والتي تتراوح عادةً بين 1 % و 5% من التركيب الكلي.

تصنيف الزيوت النباتية:

تصنف الزيوت النباتية حسب نسبة ونوعية مكوناتها من الأحماض الدهنية إلى عدة مجموعات:

• زيوت حمض لوريك: وأهمها زيت الزنجبيل

• زيوت حمض بالميتيك: وأهمها زيت النخيل.

• زيوت حمض أوليئيك: وأهمها زيت الزيتون والفستق السوداني.

• زيوت حمض لينوليئيك: وأهمها زيوت القطن وعباد الشمس.

• زيوت حمض لينوليئيك واللينولينيك: وأهمها زيوت الصويا والكتان.

• زيوت حمض إروسيك: وأهمها زيت بذور اللفت.

• زيوت الأحماض الهدروكسيلية: وأهمها زيت الخروع.

تحدد البنية الكيمياوية للأحماض الدهنية في الجليسيريدات الثلاثية خواص هذه الزيوت، ولعدد الروابط المضاعفة في سلاسل الاحماض الدهنية تأثير كبيرفي خواص الزيت.

أنواع الزيوت النباتية:

يوجد نوعان اساسيان من الزيوت النباتية يمكن توضحيهما كما يلي:

1 – زيوت ثابتة:

تُستخلص الزيوت النباتية عادةً بنسبة كبيرة من بذور النباتات الزيتية، حيث تتراوح نسبتها في العادة بين 30 % و 40 %، وتُستخدم هذه الزيوت بشكل اساسي في التغذية، نظرًا لاحتوائها على مجموعة من العناصر الغذائية المفيدة، كالفيتامينات، والأملاح المعدنية، والمواد الكربوهيدراتية، ومن أبرز أنواع الزيوت النباتية الثابتة المستخدمة في هذا السياق: زيت الزيتون، وزيت السمسم، وزيت الكتان، وزيت النخيل، وزيت جوز الهند، وزيت اللوز، فضلًا عن زيوت القطن، وحبة البركة، وفول الصويا، وغيرها من الزيوت النباتية .

2- زيوت طيارة:

توجد بعض الزيوت النباتية بنسبة قليلة جدًا لا تتجاوز عادة 2 – 3%، وتمتاز هذه الزيوت بقوامها الخفيف وطبيعتها المتطايرة، الأمر الذي يجعلها مناسبة للاستخدام في صناعة العطور والعلاجات الطبيعية، وتحتوي هذه الزيوت على مجموعة متنوعة من المركّبات الكيميائية، مثل التربينات، والفينولات، واللاكتولات، والألدهيدات، وتختلف نسب هذه المركّبات باختلاف نوع النبات الذي يُستخلص منه الزيت، ومن أشهر هذه الزيوت: زيت الزعتر، وزيت الياسمين، وزيت الكافور.

فوائد الزيوت النباتية:

تُعتبر الزيوت النباتية السائلة في درجات الحرارة العادية، مثل زيت الزيتون، وزيت عباد الشمس، وزيت الذرة، وزيت الصويا، وزيت السمسم، وزيت الفستق ، من أفضل أنواع زيوت الطهي وأكثرها فائدة لصحة الإنسان، إذ توفر الأحماض الدهنية الأساسية التي يحتاجها الجسم. ويُعد زيت الصويا غنيًا )بحمض اللينولينيك ( أوميجا- 3 Omega-3) (، وهو حمض دهني ضروري يلعب دورًا مهمًا في خفض مستويات الكوليسترول في الدم. يستخدم زيت الصويا عادة بشكل بارد، ولاينصح باستخدامه في القلي، إذ إن تعريضه للحرارة يؤدي إلى تكوين روائح غير مرغوبة تشبه رائحة السمك الفاسد نتيجة وجود حمض اللينولينيك.

كمايتم التحذير من الإفراط في استهلاك الزيوت المهدرجة، لا سيما لدى الأشخاص الذين لا يمارسون نشاطًا عضليًا كافيًا، في حين يجب على مرضى القلب والأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم الامتناع تمامًا عن استهلاك هذه الزيوت حفاظًا على صحتهم.

مصادر الزيوت:

تنتشر الزيوت على نطاق واسع في الطبيعة، نظرًا لتواجدها في تركيب معظم النباتات، والحيوانات، والميكروبات، وتنتج الكائنات الحية، سواء النباتية أو الحيوانية، كميات متفاوتة من الزيت خلال دورة حياتها، بشكل عام تعتبر النباتات والحيوانات التي تنتج كميات كبيرة من الزيت قابلة للاستخدام التجاري قليلة العدد مقارنةً بتلك الموجودة في الطبيعة.

تعتبر النباتات الحولية أكبر مصادر الزيت في الوقت الحالي، ومن أبرز أمثلتها بذور القطن، فول الصويا، الفول السوداني، والخروع، يُزرع الخروع والكتان بشكل خاص للحصول على الزيت، نظرًا لنسب الزيت العالية التي تحتويها بذورهما، أما بعض النباتات الأخرى مثل فول الصويا والفول السوداني، فتستخدم بذورها في غذاء الإنسان بالإضافة إلى استخراج الزيت منها، في المقابل تعتبر النباتات التي تنتج بذورًا مثل القطن، والذرة، والأرز، مصادر ثانوية للزيت، حيث يستخلص الزيت من منتجات زراعية يتم الحصول عليها لأغراض أخرى غير الزيت . وتأتي الأشجار أو النباتات المعمرة في المرتبة الثانية كمصدر للزيوت النباتية، حيث تحمل ثمارًا زيتية مثل جوز الهند، نخيل الزيت، والزيتون.

الزيوت النباتية وتغذية الإنسان:

تعتبر الزيوت النباتية من المكونات الغذائية الأساسية التي تستخدم منذ زمن طويل في إعداد الأطعمة ، وتعتبر المواد الدهنية الموجودة في هذه الزيوت ذات أهمية بالغة لجسم الإنسان، إذ اعتبرتها بعض الجهات سببًا في العديد من الأمراض، بينما خففت جهات أخرى من هذه المخاطر، فالدهون تعد عاملًا رئيسيًا في زيادة مستوى الكوليسترول في الدم، والكوليسترول هو مركب فيسيولوجي طبيعي يتواجد في دم الإنسان بتركيز متوسط حوالي 1.80 g/ml لدى الأشخاص الأصحاء، وعندما تتجاوز نسبة الكوليسترول هذا المستوى، فقد يؤدي ذلك إلى اضطرابات عضوية تصيب الأوعية الدموية مسببة أمراضًا خطيرة مثل أمراض القلب، وتكون الحصيات الصفراوية، وارتفاع ضغط الدم، والذبحة الصدرية. ومن الجدير بالذكر أن الدهون ذات المنشأ النباتي لا تساهم في هذه الأمراض، بل تعمل على تحلل الكوليسترول وخفض مستوياته، مما يجعلها عاملاً علاجيًا مهمًا، لذا فإن تناول الزيوت النباتية يُعد ضروريًا في البرامج الغذائية، سواء لبناء الجسم، أو لحل المواد الدهنية، أو لتقوية الجلد، بالإضافة إلى تسهيل وظائف الجهاز العصبي.

أهمية الزيوت النباتية المستخدمة في القلي:

تُعد زيوت القلي من المنتجات الغذائية التي تحظى باهتمام واسع من قبل المستهلكين، نظرًا لاستخدامها اليومي في إعداد الطعام سواء في المنازل أو المطاعم، ويحرص معظم الأفراد على اختيار زيوت موثوقة للاستخدام المنزلي، إلا أن التحدي الأكبر يكمن في مدى جودة الزيوت المستخدمة في المطاعم، خاصة تلك التي تعد فيها الوجبات في أماكن مغلقة لا تتيح للمستهلكين الاطلاع على ظروف الطهي أو نوعية الزيت المستخدم .