د. علي اسماعيل يكتب: حماية السيادة والصراع الإقليمي المستتر
15 يونيو، 2020 - بتوقيت 4:25 م
د. علي اسماعيل
استاذ ادارة الاراضي والمياه – مركز البحوث الزراعية – مصر
لقد تحملت مصر وتتحمل دوما فاتورة الدفاع عن المباديء وحماية الكرامة الوطنية المصرية والامن القومي المصري و العربي وقامت بأداء دورها الريادي والمصيري الذي كتب عليها منذ عام 1948 والذي جعلها دائما في خطه الهدم والتدمير للمؤامرة الصهيوانجلوامريكيه بتكسير عظام الدوله المصرية خلال عقود متعددة من العصر الحديث فمنها الحروب المباشرة بالعدوان الثلاثي 1956 لانجلترا وفرنسا واسرائيل وتلاها حرب يونيو 67 التي قام بها الكيان الصهيوني بدعم ومباركة امريكيه وبعد انهاك الجيش المصري في حرب اليمن وانتهت بالنصر لمصر في اعظم حرب عسكرية حديثة سطرتها قواتنا المسلحة في التاريخ الحديث في حرب اكتوبر 1973 والتي اوضحت مدي شجاعة وبسالة المصريين في رد الكرامة والعزة للعرب جميعا في العصر الحديث وتغيرت معها السياسات العسكرية والاقتصادية وارتفعت معها اسعار البترول وتحولات بعض البلدان العربية الي ما نراه خلال السنوات الماضية واصبحت البعض منها ذات اعلي معدلات في الدخل من خلال النفط علي مستوي العالم وكلنا نعلم ذلك وتحول الصراع في المنطقة العربية الي صراع النفوذ بين الاقطاب الكبري ومدي القدرة علي فرض التبعية من خلال مناطق نفوذ وسيطرة وطمع في الثروات والموارد الطبيعية التي تتميز بها الدول في المنطقة العربية التي اصبحت اكبر مسرح عالمي للصرعات الاقليمية والتي ظهرت مع الحرب العراقية الايرانية وتلاها احتلال العراق الي الكويت طمعا في بترول الكويت وانتهاءا بحرب تحرير الكويت والتحالف الدولي الذي تم خلال هذة الفترة وبدءت معه مسلسل العقوبات الاقتصادية علي العراق مع الحظر الجوي انتهاءا بإحتلال العراق وتدمير الدولة العراقية وتغير النظام بها واستنزاف ثرواتها وعدم الاستقرار وكانت احد اهم القوي العربية والاقتصادية واهم سوق للعمالة المصرية والعمل الخارجي خلال الثمنينات والتسعينات.
.
وعلم الامريكان ان الحرب والاحتلال المباشر يكلفها الكثيرفتغيرت معها الاستراتيجبات والتوجهات الي نظريات جديدة ومنها نظرية الفوضي الخلاقة والربيع العربي الذي حاول الرئيس الامريكي السابق اوباما وادارته ان يروج له ويدعمه والان يحاول ان ينفذه في الولايات المتحدة وظهور فوضي وسلب ونهب وعدم ضبط للنفس رغم تفشي وباء كورونا ومع قرب بدء الانتخابات الامريكية القادمة وذلك من خلال اشعال الفتنه واستمرار قيادة مظاهرات الفوضي بعد مقتل جورج فليويد علي يد شرطي امريكي وظهر السلب والنهب وكما يقولون انها الحرية والديمقراطية وفرصة للتغير في امريكا بنفس سيناريو الفوضي الخلاقة ومحاولة اسقاط النظام الامريكي وكما يقال عنه انه افضل الانظمة الديمقراطية في العالم وهي بلد الحريات وقبلتها .
وكانت مصر في مخططهم هي الجائزة الكبرى التي يحلمون بالتهامها بتكسير اقوي جيش عربي في الشرق الاوسط وشمال افريقيا وصاحب التصنيف العالمي لان هذا الجيش المصري يمثل حاجز وحائط صد في وقف تنفيذ المخطط الصهيوني والتركي لالتهام هذه الدول العربية مباشرة بعد تكسيرها وتفتيتها والذي يتم التخطيط له منذ وعد بلفور وقيام دولة اسرائيل. ويتم التخطيط له من خلال خلق نظام موالي يسير في الفلك ويكون تابعا ويكمل اهداف المنظومة الصهيوانجلوامريكيه والتي تنفذها تركيا حاليا .
فقد كانت مصر الاهم في ثورات الخريف العربي بقفز تنظيم الاخوان علي السلطة في مصر وحلم اعادة السلطنة العثمانية للسطان التركي الحالم بعودة امجاد بلادة في الحصول علي ثروات الدول العربية من خلال السيطرة والتحكم ومنح العطايا تحت ايدولوجية الدين ووهم كاذب تم التسويق له عبر المسلسلات التركية وقناه الجزيرة احد الابواق الاعلامية الماسونية التي تم الاعداد لها منذ سنوات والعالم العربي في ثبات عميق ولم يفهم البسطاء اغراض هذه القناة الخبيثة وحجم الانفاق الذي خصص لقيامها و لتأدية هذا الدور المهم الذي كان احد اسباب سقوط العراق ونجاح بعض ثورات الخريف العربي و قدرتها علي صناعة بعض الافلام التي يتم انتاجها مسبقا وتقديمها وقت الحدث طبقا للمخططات المنفذة وبثها اثناء الثورات علي انها افلام حقيقية لاثارة حماس ولهيب الثوار اثناء المظاهرات وغيرها من الاحداث .
وكان الأهم تنفيذ المشروع الأمريكي للفوضى الخلاقه التي دعت إليها وزيره الخاريجية الأمريكية كونداليزا رايس ولم يلتفت لها الشباب العربي في البلدان العربية وذاد الدعم الأمريكي للجمعيات الاهليه والمدنية لتكوين طابور خامس داخل مصر وخارجها لاستخدامهم في تنفيذ المهام المرسومه والمحددة لهم وظهر ذلك واضحا في 25 يناير 2011 في ثورة علي الرئيس الراحل مبارك الذي تاخر في ادراك الامر في حينه رغم ما تلاقاه من تقارير مخابراتية مسبقة ولم يلتفت الي ماتم في تونس قبل مصر وما حدث لزين العابدين في تونس. وانتقل الأمر لتدمير سوريا وتفتيتها بدعم دول عربيه مع تركيا.
ولولا وقوف القيادة المصرية للمحافظة علي شرعيه الدوله السوريه وجيشها الوطني والتدخل العسكري الروسي والدعم الإيراني لانتهت سوريا كاسم دوله من الخريطة السياسية للشرق الاوسط وأصبحت دويلات وان الهدف الاستراتيجي هو ضياع الجولان بلا رجعة وحتي يتم تحقيق الحلم الصهيوني وهو الوصول الي الفرات بسلطانهم ونفوذهم وها هو الحلم يتحقق تباعا فيعلن ترامب القدس عاصمة لإسرائيل وضم الجولان لها في العام الماضي والبقية تأتي.
فالامر واضح وبين ويجب ان نفهم ذلك جيدا فهناك اهداف واضحة دوما واخري خفية ومن تقليب الشعوب من الداخل بأيد ابناءها بحفنة دولارات لبعض العملاء والخونة والجمعيات والمؤسسات التي تعمل ضمن منظومة المجتمع المدني بدلا من الحروب المباشرة والتدخلات العسكرية فالصرعات اصبحت اقتصادية وسيكلوجية في اطار الجذب والدوران في الفلك والتدخل في الشئون الداخلية واملاء القرارات علي الدول.
من خلال الفوضي الخلاقة التي استطاعت ان تغير بعض المفاهيم لبعض الشباب للقيام بثورات علي الانظمه القائمه وهدم اوطانهم وقد راينا ذلك وما حدث في البلدان العربية بدعوي الحرية والعدالة الاجتماعية وبعد فشل هذه الافكار في تحقيق المستهدف لها تم تنفيذ سيناريو الحروب الاهليه بدعوي التحرر الداخلي من الانظة القائمة وتم ذلك باليمن ثم انتقل الي صراع داخلي بين السنة والشيعة وظهر مليشيات الحوثي التي تدعمها ايران والجميع يعرف جميعا ما وصل له الصراع ولم ينتهي حتي تاريخة وانتقل الوضع الي سوريا التي جعلتنا ننتقل الي زراعة التنظيمات الارهابية في بلاد الرافدين والشام والدعم التركي لها وتدخل تركيا لاحتلال اجزاء من هذه البلدان ودعم هذه التنظيمات وتوفير الحماية لها بمباركة امريكية. فكيف يتم بيع النفط وتحصيل العمولات والتبادل السلعي والتنقل والامداد اللوجسيتي وتوفيرالسلاح للارهابين في هذه المنطقة ؟؟؟ والتي انتهت بالخراب والدمار وتدمير ونهب ثروات سوريا والعراق ومحاولة نقل الدواعش بعد انتهاء دورهم الي الشمال الافريقي ومنها ارض الفيروز بزرع تنظيم بيت المقدس ودعمه بالارهابين لاستنزاف قوي الاقتصاد المصري والجيش المصري ومنع تنمية سيناء ومحاولاتهم دعم بناء سد النهضة الاثيوبي للضغط علي مصر وابتزازها وتم ذلك في اصعب وقت لم تكن الدولة في وضعها الطبيعي و اثناء انشغال الدولة بالمظاهرات التي تمت من خلال الفوضي الخلاقة وقيام ثورة يناير 2011 وتلاها سيناريو ليبيا ومقتل العقيد القذافي ثم الحرب التي يخوضها الجيش الوطني الليبي ضد المليشيات الارهابية والتدخل التركي لحماية هذه المليشيات ومحاولة سرقة النفط الليبي من المياه الاقليمية الليبية بدعم حكومة الوفاق التابعة للتنظيم الدولي والتي اصبحت مركز لتجميع ارهابي ودواعش العالم.
. فالحرب علي مصر لم تنتهي بعد فشل مخطاطهم في 30 يونيو 2013 وتلاه الحرب الاقتصاديه بحصار غير معلن وضرب وتعطيل الأهداف القوميه المصريه في التطوير والبناء والتنمية ويظهر ذلك بشكل منتظم ومستمر من خلال محاولات ضرب السياحه بعمليات ارهابيه متعدده منها حادث الطائرة الروسيه والباحث روجيني وغيرها من العمليات القزره التي تنفذها أجهزتهم الاستخباراتية من خلال اعوانهم من الخونة والارهابين ومعاونيهم من الطابور الخامس في المنطقه لتنفيذ مخططاتهم وقد صمدت ونجحت الدولة المصرية رغم كل هذه الصعاب والتحديات ولم تنهار كما توقعوا واستكملت مسيرة البناء والتحديث للدولة المصرية بقيادة البطل المنقذ الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي واصل الليل بالنهار للبناء والتطوير والتحديث وحافظ علي حرية القرار والسيادة الوطنية المصرية بشكل ارعب قوي الشر علي كافة المحاور والتحديات .
فالهدف أصبح واضح لكن البعض مغيب ولا يفهم حجم المؤامرة التي تحاك بمصر وقيادتها ومحاولة زعزعة الاستقرار بها بعد أن بدءت في الاستقرار وعودة الامن والامان و قيام مصر باستقلال قرارها واحترام سيادتها بعيدا عن المصالح المباشرة للقوي الدولية ولكن من خلال سياسة التوازن والاحترام وعدم التدخل في شئون الغير .
فالسياده المصريه وان متخذ القرار المصري أصبح لديه اليقين والثقة في الذات والايمان بالله والالتزام المتوازن و تقدير مصلحة الدوله المصرية العليا في المرتبة الاولي مع الاحترام للاخرين والاعراف الدوليه ومباديء القانون الدولي وهو ما نراه جميعا في التعامل مع سد النهضة الاثيوبية ومن خلال ما تم علي مدار السنوات الماضية من التفاوض والالتزام بالقانون الدولي وضبط النفس رغم كل الاستفزازات التي تقوم بها اثيوبيا . وان ما تنتهجه مصر من سياسة ضبط النفس مع المتغيرات التي تتم سواء مع اثيوبيا ومشكلة سد النهضة و في الغرب مع الشقيقة ليبيا وما تقوم به حكومة الوفاق من تهديد لامن مصر بتجميع الارهابين من العالم .ربما نري معه ان صبر مصر قد ينفذ مع هذه المهاترات الغير محسوبه لدي اصحابها للتغطية علي مشاكل داخلية سواء في تركيا او اثيوبيا لاشغال الراي العام الداخلي لديهم والهروب من الاضطربات الداخلية بفتح جبهات جديدة من الصرعات الدولية .
ان ما يقوم به السيد الرئيس ليحمي الدوله من التهديدات المعلنه والغير معلنه والتي تحافظ علي الأمن القومي المصري بصفه خاصه والعربي بصفه عامه ربما يتبعها الكثير من الاجراءات في الايام القليلة القادمة . فالإرادة والسيادة التي تمارسها القياده المصريه و تحافظ عليها من خلال احترام الآخرين وعدم التدخل في شأن الغير او التعدي علي الاخرين والتوازن في العلاقات الدوليه رغم ما تملكه من قوة الردع الكفيلة بتغيير موازين المنطقة والتي لاتستخدمة مصر في محاولة فرض سياسة الامر الواقع علي عكس الاستعراض الكاذب علي الاخرين من السلطان العثماني المغرور الذي يعتقد انه سيعيد احتلال شمال افريقيا مرة اخري من ليبيا . .