د. ابراهيم عبدالباقي يكتب : بالألبان المختمرة.. احمي نفسك من أخطر الأمراض

17 ديسمبر، 2025 - بتوقيت 9:31 م
د. إبراهيم عبد الباقي – أستاذ ميكروبيولوجيا الأغذية والألبان
الحليب المختمر الطازج يحتوي على سلالات بكتيريا حية ذات خصائص وقائية وعلاجية أهمها Lactobacillaceae و Bifidobacteriaceae التي تحمي من العديد من الأمراض، وتشير العديد من الدراسات إلى أنه قد يقلل من خطر الإصابة بأورام الثدي و أورام القولون والمستقيم. وقد وجدت دراسة حديثة أن استمرار واستدامة تناول الحليب المختمر قد يحمي من بعض الأورام أو يقلل من مخاطرها؛ وذلك من خلال التغيرات في ميكروبيوم (التجمعات الميكروبية في الامعاء) الأمعاء. وبتتبع النتائج، وجد الباحثون أن تناول وجبتين أو أكثر من الزبادي أسبوعيًا (مع أفضلية تناوله يوميًا) على المدى الطويل يرتبط بانخفاض معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم والثدي، وهي إيجابية لبكتيريا البيفيدوباكتيريوم Bifidobacterium ذات التأثيرات العلاجية، وهي الانواع البكتيرية يُستخدم في تصنيع الحليب المختمر(الزبادي). وأظهرت دراسة حديثة أن بكتيريا البيفيدوباكتيريوم Bifidobacterium تواجدت بشكل ملحوظ في أنسجة الورم لدى حوالي 30% من مرضى سرطان القولون والمستقيم.
إنه من المُفضل دراسة العلاقة بين الأنظمة الغذائية طويلة الأمد والصحة العامة ومدى تأثرها بذلك، ومنها علي سبيل الذكر وجود أو غياب نوع معين من البكتيريا النافعة. يمكن لهذا النوع من الابحاث الاستقصائية أن تعزز قوة الأدلة التي تربط النظام الغذائي بالنتائج الصحية”.
وقد تابعت دراستان أكثر من 100000 ممرض وممرضة، و51000 متخصص صحي. تمت متابعة المشاركين لمدة عشر سنوات متواصلة، حيث أجابوا على استبيانات متكررة حول عوامل نمط الحياة ونتائج المرضي، بما في ذلك أسئلة حول متوسط الاستهلاك اليومي من الزبادي العادي والمُنكّه (المضاف إليه نكهات غذائية)، بالإضافة إلى منتجات الألبان الأخرى. كما قيّم الباحثون عينات أنسجة من المشاركين الذين تأكدت إصابتهم بسرطان القولون والمستقيم، وتم تقدير كمية الحمض النووي لبكتيريا البيفيدوباكتيريوم Bifidobacterium في أنسجة الورم.
وجد الباحثون 3079 حالة موثقة من سرطان القولون والمستقيم في فئتي الدراسة. وتوافرت معلومات عن محتوى بكتيريا البيفيدوباكتيريوم Bifidobacterium في 1121 حالة سرطان قولون ومستقيم. من بين هذه الحالات، كانت 346 حالة (31٪) إيجابية لبكتيريا البيفيدوباكتيريوم Bifidobacterium، 775 حالة (69٪) سلبية لها. لم يلاحظ الباحثون وجود ارتباط قوي بين تناول الزبادي على المدى الطويل ومعدل الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بشكل عام، لكنهم لاحظوا ارتباطًا في الأورام الإيجابية لبكتيريا البيفيدوباكتيريوم Bifidobacterium، حيث انخفض معدل الإصابة بنسبة 20% لدى المشاركين الذين تناولوا حصتين أو أكثر من الزبادي أسبوعيًا. ويعزى هذا الانخفاض إلى انخفاض معدل الإصابة بسرطان القولون الإيجابي لبكتيريا البيفيدوباكتيريوم – وهو نوع من سرطان القولون والمستقيم يصيب الجانب الأيمن من القولون. وقد وجدت الدراسات أن معدلات البقاء على قيد الحياة لدى مرضى سرطان القولون القريب أطول.
لطالما كان يُعتقد أن الزبادي ومنتجات الألبان المخمرة الأخرى مفيدة لصحة الجهاز الهضمي. وتشير نتائج الدراسة الجديدة إلى أن هذا التأثير الوقائي قد يكون خاصًا بالأورام الإيجابية لبكتيريا البيفيدوباكتيريوم Bifidobacterium.
يفترض الباحثون أن تناول الزبادي على المدى الطويل قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون القريب من خلال تغيير ميكروبيوم (المجتمع الميكروبي للأمعاء) الامعاء ، بما في ذلك بكتيريا Lactobacillaceae و Bifidobacteriaceae، لكنهم يشيرون إلى الحاجة إلى مزيد من البحث الذي يجمع بين العلوم الأساسية ودراسات صحة السكان للوصول إلى نتائج حاسمة و قاطعة.
تُضاف هذه الدراسة إلى الأدلة المتزايدة التي توضح العلاقة بين النظام الغذائي وميكروبيوم الأمعاء وخطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم”. كما “تُتيح لنا هذه الدراسة مجالًا إضافيًا لدراسة الدور المحدد لهذه العوامل في خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم لدى المعرضين للاصابه به”.
يُعد سرطان الثدي أحد أكثر الأمراض تعقيدًا، وهو سبب رئيسي للأخطار المرضية التي تتعرض لها النساء عالميًا، وقد تُقدم أنواع مختلفة من probiotic (البكتيريا النافعة) فوائد في إدارة علاج سرطان الثدي. في حين أن دراسات سابقة تناولت تأثير probiotic الفعال على سرطان الثدي وعوامل الخطر المرتبطة به، وخاصةً بكتيريا ” Lactobacillaceae و Bifidobacteriaceae”.
إنه من الضروري ملاحظة أن هذه التأثيرات تختلف باختلاف السلالة. الأبحاث المتعلقة بالتأثيرات المحددة لسلالات Lactobacillus المختلفة في الوقاية من مضاعفات سرطان الثدي أو تخفيفها واعدة ومُبشرة، حيث أن بكتيريا Lactobacillus خضعت لدراسات مكثفة، وخاصةً في المختبرات وفي الجسم الحي. في هذا الصدد، يُعزز تناول سلالات بكتيريا Lactobacillus عن طريق الفم، مثل (L. acidophilus)، و (L. casei)، و (L. helveticus)، و (L. lactis)، و(L. plantarum)، بشكل ملحوظ الاستجابات المناعية وخصائصها المضادة تجاه سرطان الثدي. بالإضافة إلى ذلك، أثبتت الدراسات السريرية فعالية مكملات الكبسولات الفموية التي تحتوي على عدة سلالات من بكتيريا Lactobacillus، مثل (L. rhamnosus) و L. acidophilus ، بالإضافة إلى بكتيريا Bifidobacteria أو probiotic. علاوة على ذلك، قد تكون بعض آليات مكافحة السرطان في سلالات Lactobacillus أكثر وضوحًا من غيرها، مما يُسهم في تخفيف مضاعفات السرطان.
ترجع هذه الفاعلية الفريدة ألي : التفاعلات مع ميكروبات الأمعاء، وتعديل الجهاز المناعي، وتحفيز موت الخلايا المبرمج، والتأثيرات المضادة للالتهابات، وتأثير العوامل المشتقة من probiotic ، والتنظيم فوق الجيني.
أخيرًا فان تناول الألبان المختمرة بانتظام إن لم يعالج بعض أنواع الأورام فهو يوفر الحماية والوقاية من هذه الأورام، فاحرص عزيزي القارئ علي تناول المتوفر من انواع الألبان المختمرة، ولعله آن الأوان لدمج السلالات العلاجية -المذكورة سالفًا-في صناعة الألبان المختمرة لتعظيم فائدتها فتصبح حقا غذاءًا وعلاجًا.



