د. فوزى ابو دنيا يكتب : إستخدام التكنولوجيا الحديثة في إدارة مزارع الثروة الحيوانية

1 أغسطس، 2020 - بتوقيت 1:15 ص
المدير السابق لمعهد بحوث الإنتاج الحيوانى
التقدم التكنولوجي المذهل في إدارة مزارع الثروة الحيوانية حولنا يتزايد بشكل غير مسبوق ففي مزارع الالبان يتم تطبيق الطائرات الدرون في مراقبة الماشية بالمراعي وعدها واكتشاف الاخطار التي يمكن أن تحيق بها من حيوانات مفترسة الى غيرها من المخاطر. كما يمكنها وضع تحليل كامل لحالة المرعى من ناحية الكساء النباتى ومكوناته وكذا أثر الحمولة الحيوانية على هذا الكساء. كما يمكنها متابعة الأمراض والحيوانات المريضة وتقديم تقارير تشخيصية للحالة الظاهرية مما يساعد في التوفير السريع للمستلزمات التي يمكن التدخل بها للعلاج تفاديا لإهدار الوقت. كما يمكنها إعطاء تقرير عن المستهلك من اعلاف المرعى والمنطلق من غازات الاحتباس الحراري. ويوما عن يوم تزداد الحساسات التي يتم زراعتها بالمرعى لعمل القياسات اللازمة والمطلوبة للمساهمة في دقة اتخاذ القرار. وفى العنابر توضع حساسات طبقا للبيانات المراد الحصول عليها من ناحية الحالة الجسمية والتناسلية والصحية والاعلاف المتناولة وغيرها علاوة على قياسات المناخ المحيط وغيرها من القياسات المراد تجميعها.
الامر لم يتوقف عن هذا الحد بل تعدى لاستخدام الروبوتات في تقديم الاعلاف والتنظيف وغيرها من الأعمال الهامة في المزرعة خاصة التي يرغب عنها الأنسان للعمل فيها مما يسرع من الإنجاز وتوفير الوقت والمجهود ومشاكل العمالة، فهذه الروبوتات تعمل في جميع الأجواء المناخية بلا شكوى ولا كلل ولا ملل ولا رفض لنوعية عمل معين، وعند تلفها يتم استبدالها أو إصلاحها وكل التكاليف التي تدور في هذا الفلك تعتبر ضئيلة بشكل معنوي مقارنة بالأداء البشرى خاصة مع زيادة الإنتاج والطلب على هذه الروبوتات التي اصبح لها مصانع تجتذب الكثير من الأيدي العاملة التي كانت ترفض طبيعة العمل في مزارع الإنتاج الحيوانى.
هذا بعض ما حدث بالنسبة لاستخدم التكنولوجيا الحديثة والذكية في مزارع الحيوانات الكبيرة والاغنام. بالنسبة لمزارع الدواجن أصبحت التكنولوجيا الحديثة أحد مدخلات صناعة الدواجن التي لا غنى عنها، فهي التي تدير هذه المزارع بكفاءة غير مسبوقة في كل العمليات المزرعية من تحضين البيض وحتى تسويق البيض وتسويق اللحوم مرورا بالتغذية وجمع البيض وضبط بيئة العنبر ذاتيا وغيرها من العمليات المزرعية بقدرة تفوق مثيلتها البشرية بمئات المرات. بواسطة التكنولوجيا الحديثة تستطيع الحصول على بيانات لا تستطيع الحصول عليها بالعنصر البشرى سواء في الأداء أو الدقة، إنه لأمر مذهل حقا مما يدعونا للسؤال التقليدي أين نحن من هذه التكنولوجيا؟ وأين وكيف ندرج هذه التكنولوجيات الدقيقة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي بالنسبة للجامعات والمراكز البحثية والشركات ذات الصلة؟.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تستخدم التكنولوجيا الحديثة في مزارع الأسماك لضبط الأداء وتقديم الحلول والبيانات المطلوبة في حينها بما يسهم في سرعة اتخاذ القرار بل في بعض الأحيان يتم اتخاذ القرار آليا دون التدخل البشرى لإنقاذ الموقف بشكل مذهل. لقد أصبحت أحواض الأسماك تحت المراقبة الدقيقة خلال الأربع وعشرون ساعة خلال النهار لمتابعة الموقف عن كثب وإعطاء التقرير التي يمكن أن تسهم في إتخاذ القرار لتفادى أي كوارث ممكنة أو متوقعة.
عندما اتابع كل هذه الإنجازات التي أصبحت جزء هام في إدارة منظومة الثروة الحيوانية واتذكر ما يحدث عندنا في مصر يصيبني الإحباط ويزداد الإحباط كلما أجد المسئولين عن الإنتاج الحيوانى غير مكترثين بالوضع وكأنهم يعملون في دولة أخرى، حتى الذين يعملون في دول أخرى يتقون الله في عملهم. وكم شرد تفكيري كثيرا بعدما شاهدت الدمية صوفيا وكيف سيكون لها دور في مجال الإنتاج الحيوانى لاحقا في المستقبل القريب. واحدة فقط مثل هذه الدمية يمكن أن تقوم بإدارة مزرعة كاملة بمفردها بقدرة تفوق مئات المرات القدرة البشرية. فهي تستطيع ان تجهز الاعلاف وتحقن الحيوانات وتقدم تقرير عن الحالة الصحية لها وتحلبها وتنظف لها الحظائر وترعاها في المراعي وتحميها من الضواري كما انها يمكن أن تقلل من نسب النفوق المرتفعة في المواليد بتكثيف الرعاية الممتازة أو قل فوق الممتازة التي يمكن أن تقوم بها مقارنة بما يقوم به الإنسان العادي. كما يمكنها العمل في مزارع الدواجن كأحسن ما يمكن أن تتصور وكذا مزارع الأسماك. فهي تستطيع ان تقوم بعمل وتجميع كل القياسات التي يمكن أن نحتاج اليها في إدارة مشاريع الإنتاج الحيوانى بشكل غير مسبوق ولا متصور بل سيتعدى الأمر ذلك إلى إمكانية إعداد كوب من الشاي لك لتتناوله وهى تعرض عليك التقرير المطلوبة وإنجازاتها غير المتوقعة.
وهنا سوف يطل علينا من يقول سوف نفقد فرص عمل كثيرة. والرد بسيط جدا الكثير من البشر لا يرغب في العمل بمشاريع الثروة الحيوانية لما فيها من أمور أصبح البشر يتمرد عليها ولا يقبل القيام بها مثل الانسان القديم. تلك واحدة أما الثانية أن كل هذه الدميات والحساسات التي ستلازمها للمساعدة في جمع البيانات وإدارة العمل تحتاج الى أيدى بشرية تعمل في هذه الصناعة التي أصبحت مطلوبة وتجتذب كثيرا من الأيدي العاملة التي تقوم بالتصنيع والصيانة والتسويق.. الخ.
أقدم لكم هذا المقال مشمولا بهذا التصور كي نتدبر أمر ثروتنا الحيوانية بشكل أفضل وأن نكون أمناء في أن نولى الكفاءات حتى لا يهرب الزمام من أيدينا أكثر من هذا. هل علم الجميع الان لماذا اشكو الامر لرئيس الدولة ورئيس الوزراء ووزير الزراعة. الأمور يا سادة تتطور حولنا بسرعة ونحن نقف محلك سر والأدهى أن المسئولين عن الثروة الحيوانية مازالوا يركنون الى أهل الثقة والمجاملات العقيمة دون حساب ولا رادع لهم وإذا كانت دعواتي للإصلاح لا تجد اذن صاغية فإنني أرفعها لملك السماوات والأرض لعله يستجيب دعوتي ويولى الصالحين.