د. هبة صالح تكتب: الأطفـال وصيــام رمضـــان

11 مارس، 2024 - بتوقيت 4:17 م

– باحث بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذيه

 

مع قدوم شهر رمضان المبارك يبتهج العالم الإسلامي أجمع ، وتتزين البيوت بالفرحه والعباده ، ويستعد المسلمون في جميع أنحاء العالم بتغير نمط حياتهم الدينيه والاجتماعيه والتغذويه، وتزداد تساؤلات الأباء والأمهات حول إمكانية صيام أطفالهم خلال الشهر الكريم، خاصة وأن أغلب الأطفال يرغبون في تقليد الكبار ومشاركتهم الصيام مما ينعكس بشكل ايجابي علي حالتهم النفسيه ، ومع حماس الأهل لتعريف طفلهم بالصيام إلا انهم يخشون تعرضه لمضاعافات تؤثر علي حالته الصحيه، خاصة وأن رمضان غالباً ما يتزامن مع الدراسه أوالامتحانات كما أن الله عزل وجل لم يكلف الطفل بالصيام الا بعد البلوغ ، لذالك خُصص هذا المقال لذكر السن المناسب لصيام الأطفال ، مع بعض النصائح التغذويه للحفاظ علي صحة الطفل في رمضان .

ماهو السن المناسب لصيام الطفل ؟

شرعاً الطفل غير مكلف بالصيام إلا بعد سن الخطاب والتكليف (البلوغ) ، أي أن الطفل غير ملزم بالصيام قبل هذا السن ، وقد حدد بعض العلماء هذا العمر في سن العاشره ، ولكن علمياً هذا سن غير ثابت حيث تختلف البنيه الجسديه والعقليه للأطفال ، فقد يصل الي سن 12 سنه او اكثر ولازالت حالته الصحيه والبدنيه لا تتحمل التكليف بالصيام ، لذالك الإجابه علي هذا السؤال متروكه للوالدين والطبيب المعالج للطفل لتحديد ما اذا كان يتحمل الصيام اولا، حيث أن جسم الطفل يحتاج الي نظام غذائي متوازن ليستكمل نموه الذهني والجسدي ، كما أن تناول السوائل بشكل كافي مهم لحماية جسم الطفل من الجفاف، وبالنسبه للأطفال الذين يعانون من بعض الامراض فيمنع صيامهم ولو لساعات قليله من اليوم، مثل الأطفال المصابين بمرض السكر أو المصابين بالأنيميا أو أمراض الكلي لما في ذالك من خطوره علي حالتهم الصحيه ، فلا يجوز المغامره بتكليف الطفل بالصيام الا بعد التأكد من حالته الصحيه وقدرته علي التحمل وضمان عدم الحاق الضرر به، ولكن يمكن أن نعود الطفل علي الصيام التدريجي من سن مبكر علي حسب ظروفه الصحيه وبنيته الجسديه واستعداده النفسي .

كيف ندرب الطفل علي الصيام

الهدف من تدريب الطفل علي الصيام هو ترسيخ معني فريضة الصيام بداخله وتحفيزه علي المشاركه خاصة في ظل التجمعات العائليه في الأفطار والسحور، وعلي الأم أن تدرك أهمية الحاله الصحيه والبدنيه لطفلها والتاكد من أنه لا يعاني من النحافه اوسوء التغذيه او اي مرض قبل قرار تدريبه علي الصيام ، حيث يمكن للطفل ان يصوم عدد قليل من الساعات تُحدد علي حسب قوته البدنيه والصحيه وقوة تحمله ، تزداد تدريجياً حتي يعتاد علي الصيام الكامل ، ويمكن الاستعانه بباقي افراد الاسره لتشجيعه علي الالتزام ، ولابد من تجنب العقاب للطفل في حالة عدم الرغبه او عدم الالتزام ، فهو في مرحلة التدريب على أمر مرهق بالنسبة له، فلا يجب الترهيب أبدًا، لأن الهدف تنشئة طفل يحب الصيام ويدرك معانيه، وليس طفلًا يصوم رغمًا عنه، وينتظر وقت الإفطار بفارغ الصبر ،ولا داعي لمقارنته بمن هم في نفس سنه من الاقارب او الجيران لأن كل طفل له ظروفه الخاصه ، وفالهدف أن نحصل علي طفل سوي نفسياً وصحياً ودينياً.

متي يحتاج الأطفال لكسر الصيام؟

ينبغي على الأم أن تراقب طفلها الصائم جيداً وتتابع الحالة الصحية له فتسأله دائماً عن امكانية تحمله للصيام وتسأله اذا كان مصابا بالامساك اوالهبوط وخاصة اذا كان في فترة دراسه اوامتحنات ،وقد ياتي رمضان متزامناً مع فصل الصيف فتنصحه بعدم التعرض لأشعة الشمس المباشرة لاحتمال اصابته بضربة شمس اوبالجفاف وتنصحه بكسر الصيام فوراَ اذا شعر بالدوخه او الصداع الشديد أو التعب أو الخمول.

نصائح غذائيه للطفل الصائم في رمضان

• من الذكاء الاستعانه بشهر رمضان لتغيير العادات الغذائيه الخاطئه التي يتبعها الطفل ولها اثار سلبيه علي صحته ، مثل تناول الوجبات السريعه كالبيتزا ، البيف برجر ، الهوت دوج ،قطع الدجاج المقليه ،البطاطس الشيبسي، اللحوم المصنعه ، السناكس ، المقرمشات ،الايس كريم والشعريه المقليه ، حيث تحتوي هذة الاغذيه علي كميات كبيره من الدهون المشبعه والمواد الحافظه ومحسنات الطعم والرائحه والألوان الصناعيه بنسب كبيره ،وقد اظهرت الابحاث الحديثه خطورة هذة الاغذيه علي الصحه العامه للطفل وأنها المتسبب الاساسي في امراض السمنه والانيميا والسكر وزيادة السلوك العداواني وفرط الحركه لدي الاطفال ، فيُعد شهر رمضان هو الفرصه الأنسب لتشجيع الاطفال علي تجنب هذه الاغذيه وتناول الاكل الصحي من خلال مشاركة الاسره في التجمعات العائليه لوجبات الافطار والسحور، ويمكن أن نزيد من حماسهم بعمل الاكلات المنزليه المحببه لديهم ، وتقديمها لهم بشكل جذاب مثل تقطيع الخضروات والفواكه بطريقة ممتعه ، والتحدث مع الطفل بشكل بسيط حول ضرر هذة الاطعمه واثارها علي صحته.

• يحتاج الطفل الصائم في رمضان إلي نظام غذائي متكامل وصحي في وجبتي الإفطار والسحور،فلابد ان تحتوي وجبات الأفطار والسحور علي العناصر الغذائيه التي يحتاجها الطفل لبناء جسمه وتقوية عظامه مثل إحتواء وجبة الإفطار على الحليب ومشتقاته، والبروتينات (مثل اللحوم والدواجن) التي تساعد على بناء الأنسجة الجديدة وتعويض ما ينهدم منها، ومهم جدا أن تحتوي علي نسبه عالية من الفيتامينات والمعادن ومضادات الاكسده المتمثله في الفاكهة والخضراوات ، بالأضافه الي النشويات (كالخبز والأرز والمكرونة) والقليل جداً من الدهون الصحية ، واستبدال الحلويات الشرقيه بأصناف حلوي خفيفه يدخل فيها الالبان مثل الارز بلبن والكاسترد والبودنج وتزينيها بالمكسرات لرفع قيمتها الغذائية.

• يمكن استغلال شهر رمضان بتشجيع الطفل علي تناول الخشاف فالتمر والفواكه المجففه بها نسبه عاليه من المعادن والفيتامينات الهامه التي تعوض النقص في سكريات الجسم ،وتُحد من الاصابه بفقر الدم وترفع المناعه .

• ينصح بتأخير وجبة السحور قدر الإمكان، حيث أنها تمنح الطفل الطاقة اللازمة وتساعده على تحمل الصيام، ويفضل زيادة الالياف في وجبة السحور لأنها تأخد اكبر في الهضم فتزيد من الاحساس بالشبع لوقت طويل مثل الخضروات والفاكهه والبقوليات ، عنصر البوتاسيوم لأنه يقلل من الاحساس بالعطش مثل اللبن والموز والتين والتفاح ، عنصر الكالسيوم مثل الخضر الورقيه ، و منتجات الالبان وبشكل خاص الزبادي بشكل يومي في وجبة السحور وذالك لتجنب حدوث الامساك .

• زيادة شرب السوائل خلال الفتره من الافطار للسحور لتعويض السوائل التي فقدها الجسم خلال فترة الصيام والافضل إستبدال العصائر المصنعه والمشروبات الغازيه بعصائر طبيعيه مع تجنب شرب العصائر التي تحتوي علي نسبة مرتفعه من السكر في وجبة السحور لتجنب الاحساس بالعطش ، وكذالك تجنب اكل المخللات والاطعمه التي تحتوي علي نسبه مرتفعه من الملح والتوابل لانها تزيد من الاحساس بالعطش، حفظ الله اطفالكم وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وكل عام وأنتم بخير.