“البحوث الزراعية”تكشف عن ما ستتعرض له مصر بسبب التغيرات المناخية

1 ديسمبر، 2022 - بتوقيت 4:42 م

 

قالت الدكتورة نيفين متولي
رئيس قسم الزراعة بدون تربة بالمعمل المركزي للمناخ الزراعي بوزارة الزراع واستصلا الأراض انه تتعرض مصر لعدد من المخاطر الاساسية للتغيرات المناخية أهمها كما اورده جهاز شئون البيئة التابع لوزاره البيئة ما يلى: زيادة أوانخفاض درجة الحرارة عن معدلاتها الطبيعية.،وزيادة معدلات الأحداث المناخية المتطرفة، مثل “العواصف الترابية، موجات الحرارة والسيول، وتناقص هطول الأمطار ” ،و ارتفاع منسوب مستوى سطح البحر وتأثيراته على المناطق الساحلية، حيث أنه من المتوقع زيادة مستوى سطح البحر 100 سنتيمتر حتى عام 2100، والذي سيؤدى إلى دخول المياه المالحة على الجوفية وتلوثها، وتملح التربة وتدهور جودة المحاصيل وفقدان الإنتاجية،و زيادة معدلات التصحر،و تدهور الإنتاج الزراعى وتأثر الأمن الغذائى،و زيادة معدلات شح المياه، حيث تم رصد حساسية منابع النيل لتأثيرات التغيرات المناخية.
واضافت متولي انه سيؤثر تغير المناخ على نمط الأمطار فى حوض النيل، ومعدلات البخر بالمجارى المائية، وخاصة بالأراضى الرطبة. تدهور الصحة العامة، حيث تؤثر التغيرات المناخية بشكل مباشر على الصحة عند حدوث عواصف أو فيضانات، وارتفاع درجات الحرارة، وبشكل غير مباشر من خلال التغيرات الحيوية لمدى انتشار الأمراض المنقولة بواسطة الحشرات ، كما أن مصر معرضة بسبب ارتفاع درجة حرارتها الزائد عن معدلاتها الطبيعية، بانتشار أمراض النواقل الحشرية كالملاريا، وحمى الضنك وغيرهما،و تدهور السياحة البيئية، حيث من المتوقع أن يؤدى ارتفاع مستوى سطح البحر إلى تآكل السواحل المصرية، وقد تتأثر الشعب المرجانية، وتؤدى الضغوط البيئية إلى زيادة ابيضاضها، كما تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على ألوان وعمر الآثار والمنشآت التاريخية.

وأوضحت أن كل تلك الاثار السلبية للتغيرات المناخية على مصر نجد ان القطاع الزراعة هو من اكثر القطاعات المتأثرة بالتغيرات المناخية من حيث زيادة التصحر وندرة المياه، انخفاض معدلات سقوط الامطار ، غرق الاراضى الموجودة فى الشريط الساحلى فى حالة ارتفاع منسوب سطح البحر نتيجة ذوبان الجليد كأثر لارتفاع درجة حرارة الكرة الارضية، كذلك تأثر نوعيات المحاصيل وانخفاض الجودة وانتشار الامراض مما يؤثر جميعه فى النهاية الى انخفاض الانتاج الزراعى لو استمر هذا الحال.
نجد من ذلك أن هناك العديد من الضغوط التى توضع على كاهل القطاع الزراعى من دوره الهام فى توفير الغذاء للمواطنين وخصوصاً مع وجود عائق كبير اساسى وهو الكثافة السكانية المتزايدة باستمرار.

اوضحت ان قسم الزراعة بدون تربة بالمعمل المركزي للمناخ الزراعي بدراسة وتطبيق الاساليب الزراعية الحديثة التى تعطى الفرصة لاستمرار النشاط الزراعى حتى لو كانت الظروف المحيطة غير مواتية لاستمرار الانتاج بالطرق التقليدية فى التربة. فنجد ان العمل الاساسى للقسم يرتكز على تقنية الزراعة بدون تربة والذى انبثق منها التقنيات الاخرى كزراعات الاسطح والأكوابونيك وتقنية انتاج الاعلاف الخضراء بدون تربة وغيرهم.
واكدت ان الزراعة بدون تربة هى نظام زراعى بديل للزراعة التقليدية فى الارض ، لا تدخل الارض الزراعية كاحد مكونات منظومة الانتاج بل تستخدم فقط كدعامة لانظمة الزراعة بدون تربة التى تتنوع للعديد من الانظمة المقسمة تحت ثلاث اقسام رئيسية وهى الزراعة المائية والزراعة الهوائية والزراعة باستخدام البيئات. ونجد أن الارض الزراعية قد تعانى فى بعض الاحيان من العديد من المعوقات التى توجد بها بصورة طبيعية أو قد تتواجد نتيجة لسوء أو كثافة الاستخدام على مر السنين. فيمكن أن تكون الارض ملحية ويصعب التخلص من نسبة الاملاح المرتفعة بالغسيل او عدم توافر ماء كافى أو جيد لغسيل التربة. أو تكون التربة موبؤة بالامراض والحشائش التى تؤثر سلباً على المحصول. أو قد تعانى التربة من تراكم العناصر الثقيلة بها والملوثات نتيجة لريها بمياه الصرف غير المعالج. أو يمكن أن تكون التربة صخرية يصعب تسويتها وتفتيت صخورها بسهولة. يمكن كذلك أن تحتوى التربة على طبقات صماء تعيق النمو والخدمة والصرف. أيضاً يمكن أن تكون منخفضة الخصوبة ، شديدة الحموضة أو القلوية ، أو تكون التربة مرتفعة الماء الارضى أو سيئة الصرف … والعديد والعديد من المعوقات التى قد تتواجد بالتربة وتؤثر على عملية الانتاج الزراعى بها وتؤثر بالسلب على كمية المحصول الناتج منها وجودته.كل ذلك لا يهم سيستطيع المزارع الاستمرار فى الانتاج الزراعى فى تلك الاراضى بل سيضاعف المحصول، ويحسن من الجودة أيضا ولكن بالتحول للزراعة بدون تربة بمنتهى السهولة.
وذكرت ان الزراعة بدون تربة هى نظام زراعى متكامل يمكن التحكم فى مدخلاته من نوع البيئة او الوسط الذى تنمو به جذور النباتات، الصنف النباتى المستخدم، الكثافة النباتية فى المتر المربع، موعد الزراعة ، أنواع الاسمدة المستخدمة فى عمل المحلول المغذى ، …إلخ من مدخلات مختلفة مما يساعد فى النهاية على تقليل الفقد فى المحصول بل وتعظيم الانتاجية والجودة، وتقليل هدر المياه والاستفادة بكل قطرة منها.
جميع ما سبق يجعل الزراعة بدون تربة بانظمتها المختلفة والمتنوعة هى الحل الامثل للاستمرار فى الانتاج الزراعى فى الاراضى التى تعرضت للغدق او للملوحة بفعل ارتفاع منسوب البحر، كذلك هى الحل الامثل للاستمرار فى الزراعة فى الاماكن الصحراوية والجافة وتحت ظروف قلة المياه لما تتميز به هذه النظم من كفاءة عالية فى توفير المياه والحفاظ على كل قطرة مياه وعدم اهدارها من خلال استخدام ما يعرف بالنظام المغلق فى الرى وهو الذى يسمح بتجميع مياه الرى الزائدة عن حاجة النباتات واعادة استخدامها مرة اخرى فى الرى. ايضا تعظيم الانتاجية من وحدة المساحة نتيجة استخدام الانظمة المكثفة التى تسمح بزيادة عدد النباتات المزروعة فى وحدة المساحة مع ارتفاع جودة الثمار الناتجة وسرعة دورة الانتاج مقارنة بمثيلتها فى الارض العادية. جميع ما سبق يدعم استخدام الزراعة بدون تربة كتقنية زراعية متطورة للتغلب على اثار التغيرات المناخية فى القطاع الزراعى والعمل على زيادة الانتاج النهائى والحفاظ على الامن الغذائى.

وقالت انه من اشكال الزراعة بدون تربة هى زراعات الاسطح التى تمكنا من زراعة سطح المبنى بامان دون الخوف من ارتفاع الاحمال لان الخامات المستخدمة كلها خفيفة أو من رشح المياه على ارضية السطح لاستخدام النظام المغلق فى الرى الذى يسمح بتجميع مياه الرى الزائدة عن حاجات النباتات بما تحويه من اسمدة مذابة واعادة استخدامها فى رى النباتات ثانية.
واكدت متولي ان زراعات الاسطح تساهم بصورة مباشرة فى تقليل الاثار السلبية للتغيرات المناخية على المدن ، حيث نجد انه بزيادة المدنيه وهجرة السكان من القرى الى المدن زاد عدد السكان بالمدن بصورة كبيرة وعليه زادت اعداد المبانى وتقلصت مساحات النباتات الخضراء واقتلعت الاشجار وهذا زاد من نسبه ثانى اكسيد الكربون ، انخفاض نسبه الاكسجين، زيادة الملوثات فى الجو ، ارتفاع درجة الحرارة وظهرت العديد من الظواهر البيئية السلبية مثل ظاهرة الجزيرة الدافئة التى تتجلى فى هواء المدن نتيجة الارتفاع الشديد فى درجة الحرارة فى الايام قليلة الرياح وتتجمع بها الابخرة والدخان الناتج عن حرق القمامة او قش الارز وغيرهم على حواف المدن وتجذبهم تلك الظاهرة لقلب المدينة بما يؤثر بالسلب على الصحة العامة لارتفاع الحرارة وزيادة الدخان .

واشارت الى انه نجد انه اذا تم التوسع فى زراعات الاسطح وشملت احياء ومدن كبيرة سيظهر اثرها جلياً فى تحسين جودة الهواء وتخفيض درجة الحرارة واستهلاك ثانى اكسيد الكربون فى البناء الضوئى للنباتات وانتاج الاكسجين وتقليل التلوث ، تقليل الطاقة الكهربائية المستخدمة للتكيفات والمراوح فى المنازل وذلك عن طريق تقليل عدد ساعات التشغيل لخفض درجة حرارة المبنى خصوصا الدور الاخير.،كذلك تساعد زراعات الاسطح فى زيادة الامن الغذائى للمواطنين نتيجة زراعة نباتات الخضر فوق الاسطح مما يزيد من توافرها داخل المدينة ويزيد المعروض منها فيقل التذبذب الكبير الذى يحدث فى اسعارها الى جانب اقتطاع تكاليف الوسطاء من الحقل الى بائع الجملة ثم بائع التجزئة بالمستهلك وبالتالى يستقر سعر بيعها وينخفض.،ويمكن أيضاً انتاج الاعلاف الخضراء بسهولة بدون تربة باستخدام الزراعة المائية بدون الحاجة لارض زراعية أو بيئة زراعية . وهى تعتبر الحل الامثل لقلة المراعى وأرتفاع تكلفة انتاج الاعلاف التى بدورها تؤدى لارتفاع اسعار اللحوم.
وتتميز تقنية انتاج الاعلاف الخضراء بدون تربة بكفاءة استخدام الماء كذلك يتضاعف الانتاج نتيجة عمل التكثيف الرأسى . وتتميز تلك التقنية ببساطتها وسرعة وكثافة الانتاج حيث أن العلف يكون جاهز لاستهلاك الحيوان فى فترة تتراوح بين 8 – 10 أيام. ويهدف إنتاج العلف بتلك الطريقة الى توفير كل قطرة ماء وهو ما يتماشى مع الاتجاه العام للتأقلم على انخفاض كميات المياه وزيادة التصحر الناتج عن التغيرات المناخية.
واوضح ان العلف الاخضر الناتج بتلك الطريقة يتوافر بصورة خضراء طازجة يوميا ًوطوال العام ومستساغ من قبل الحيوان ، ويحتوى على العديد من الفيتامينات والمواد الهامة لنمو الحيوان ويتغذى الحيوان على جميع اجزاء العلف الاخضر، حيث ياكل الحيوان الاوراق والسيقان والجذور وما تبقى من البذور واغلفتها، فيتم ازالة العلف الاخضر من الصينية وتقطيعة وتقديمه للحيوان دون هدر اى جزء من اجزائه .ويعتبر الشعير من افضل الاعلاف الخضراء التى يمكن انتاجها بتلك التقنية. وبالتوسع فى انتاج الاعلاف الخضراء بتلك الطريقة فذلك سيعود بالنفع على صحة الحيوان وتوافر اعلاف خضراء طوال العام مع تقليل استهلاك الماء.

ونجد ان جميع ما سبق يلقى الضوء على الدور الذى تلعبة الزراعة بدون تربة وزراعة الاسطح وانتاج الاعلاف الخضراء فى المساعدة على مواجهة اثار التغيرات المناخية على مصرنا الحبيبة والله الموفق والمستعان.